رموز حي المغاربة في القدس.. المشاركة في الحروب الصليبية. المدرسة الأفضلية. تدمير السلطات الإسرائيلية لإقامة ساحة عمومية قبالة حائط المبكى



كان حي المغاربة رمزا لتعلق الأمازيغ سكان المغرب الكبير بالقدس.
فمنذ السنوات الأولى لاعتناق الأمازيغ الإسلام, كان جُلُّهم يمر بالشام بعد إتمام فريضة الحج حتى ينعم برؤِية مسرى الرسول ويحقق الأجر في الرحلة إلى المساجد الثلاثة (المسجد الحرام و المسجد النبوي والمسجد الأقصى).

كان المغاربة يقصدونه كذلك طلبا للعلم، كما أن الكثير من أعلامهم أقاموا هناك لبضع سنوات، كأمثال الجزائري الشيخ المقري التلمساني صاحب كتاب "نفح الطيب" و الشيخ سيدي صالح حرازم المتوفي بفاس في أواسط القرن السادس.

لم تكن فريضتا الحج وطلب العلم هما الدافعان الوحيدان لتواجد الأمازيغ سكان المغرب الكبير في تلك البقعة، بل كان هنالك دافع ثالث لا يقل أهمية وهو المشاركة في الحرب خلال الحروب الصليبية.

فقد تطوع الأمازيغ في جيوش نور الدين و أبلوا بلاءً حسناً، وبقوا على العهد زمن صلاح الدين الأيوبي بل إزداد عددهم سنة 583 هـ 1187م إبان تحرير هذا الأخير لمدينة القدس.

بعد الفتح، اعتاد المغاربة أن يجاوروا قرب الزاوية الجنوبية الغربية لحائط الحرم أقرب مكان من المسجد الأقصى.

وعِرفَاناً منه، وَقَفَ الملك الأفضل ابن صلاح الدين الأيوبي هذه البقعة على المغاربة سنة 1193 (583 ه) وهي نفس السنة التي توفي فيها صلاح الدين بعد خمس سنوات من فتحه المدينة.

سُمي الحي منذ ذلك الحين باسم حارة أو حي المغاربة، وكان يضم بالإضافة إلى المنازل عديداً من المرافق، أهمها المدرسة الأفضلية التي بناها الملك الأفضل و حملت إسمه.

عمل الكثير من الأمازيغ سكان المغرب الكبير بعد ذلك على صيانة هذا الوقف وتنميته، باقتناء العقارات المجاورة له وحبسها صدقاتٍ جارية.

ومن أشهر هؤلاء، نذكر العالم أبا مدين شعيب تلميذ الشيخ سيدي صالح حرازم ودفين مدينة تلمسان الجزائرية (594 هـ) الذي حبس مكانين كانا تحت تصرفه، أحدهما قرية تسمى عين كارم بضواحي القدس و الآخرُ إيوانٌ يقع داخل المدينة العتيقة ويحده شرقا حائط البراق.

ظلت جميع تلك الأوقاف محفوظة عبر السنين، وظلت الدُّول المتعاقبة على الحكم تحترمها خاصة أيام الدولة العثمانية وكذلك أيام الانتداب البريطاني.

في المرحلة النهائية من المعارك في القدس في غضون حرب يونيو 1967 احتل الجيش الإسرائيلي حي المغاربة مع باقي حارات القدس التي خضعت للسلطة الأردنية.

وفي 10 يونيو 1967 أمرت السلطات الإسرائيلية بإخلاء سكان الحارة وتدميرها لتُسويه بالأرض لتقيم مكانه ساحة عمومية قبالة حائط المبكى لرؤية التهديدات من مسافة كافية.

تم التدمير خلال ساعات قليلة وشمل 138 بناية من بينها جامع البراق وجامع المغاربة و كذلك المدرسة الأفضلية، الزاوية الفخرية و مقام الشيخ.

إعادة توطين السكان:
بادر ملك المغرب الحسن الثاني بمساعدة بعض المقيمين المطرودين بعد تدمير الحارة للرجوع إلى المغرب، بينما استقر البعض الآخر في أحياء أخرى من القدس ومنهم من لجأ إلى مخيم شعفاط شمالي المدينة.