طبيعة الجغرافيا.. تحليل العلاقات المكانية وتوسيع المفهوم التكاملي للأنظمة الايكولوجية ودراسة تفاعل الإنسان مع البيئة الطبيعية



تدخل الجغرافيا فى نطاق العلوم المكانية حيث أنها تحلل العلاقات المكانية Spatial Relationships.

وفي هذا المجال يدرس الجغرافي ترابط الظاهرات المختلفة، وفي هذا المعنى يقول ف.لوكرمان: دراسة المكان أو المجال كظاهرة معقدة ووحدة متداخلة حكر للجغرافيا.

وليس هناك فرع من فروع المعرفة غير الجغرافيا يقوم بدراسة الحقائق المرتبطة بالمكان من وجهة النظر المكانية فقط وليس من وجهة نظر الظاهرات نفسها.

 ويؤكد هذا المفهوم ايريك براون السكرتير الفخري للجمعية الملكية الجغرافية: إذا كان بالإمكان اختصار فحوى علم الجغرافيا فى كلمة واحدة كما يفعل علماء النبات عندما يقولون علم النبات يهتم بالنباتات فإن علم الجغرافيا يهتم بالمكان.

فالناس يصنعون المكان والمكان يصنع الناس.
ودراسة المكان فى الفكر الجغرافي المعاصر لم تعد دراسة ساكنة بل هي دراسة ديناميكية ـ دراسة المكان ذات الطبيعة المتجددة المتغيرة المتحركة.

فدراسة الجغرافي للبيئة الطبيعية والإنسان هي دراسة متلازمة مترابطة ترابطاً أصولياً وموضوعياً.
كما أن البحث الجغرافي ينطلق من منطلق تمليه العلاقات التكاملية بين البيئة والإنسان.

والتخصص الدقيق فى فرع من فروع الجغرافيا الطبيعية، أو من فروع الجغرافيا البشرية لا يعفى الجغرافي من الإحاطة الكلية بالقواعد التى تقوم عليها العلاقة التكاملية بين البيئة والناس.

الدراسة الجغرافية إذن تسهم فى توسيع المفهوم التكاملي للأنظمة الايكولوجية حيث أنها تركز على الأنشطة البشرية.

بحيث يغطى هذا المفهوم النواحي الاجتماعية والاقتصادية للإنسان، ويدرس تفاعل الإنسان مع البيئة الطبيعية واستخدامه للموارد الطبيعية والتقنيات المستعملة فى هذه الموارد واستجاباته لتدهور البيئة ونقص الموارد.

أما من حيث المضمون فيهتم علم الجغرافيا بفحص وربط وتنظيم وتقنين ظاهرات الأرض، فهو يدرس شكل وحجم الكرة الأرضية، وتحركات السطح، وتوزيع اليابس والماء، والتركيب الصخري للقشرة الأرضية، والعمليات التي تؤثر في أشكال سطح الأرض والأحوال الجوية وما ينتج عنها من اختلاف فى أنماط المناخ.

ويوجه اهتمامه كذلك لدراسة اختلاف الحياة النباتية والحيوانية وتوزيعاتها، إلى جانب دراسة السلالات البشرية التى عمرت سطح الأرض وتوزيع السكان والأنشطة المختلفة لهم. ذلك بالإضافة إلى المحلات العمرانية التى يقطنها.

وباختصار تنحصر الجغرافيا فى دراستها فى دراسة مكان وسبب كيفية الأشياء.

وتنسب إلى ايزياه بومان Isiah Bowman الجغرافي الأمريكي المشهور تلك العبارة الموجزة: (الجغرافيا تعرفنا ماذا وأين وكيف وما شأنه).

ويختلف الباحثون فى عدد الموضوعات التى تنطوي تحت الجغرافيا، فقد تزيد عند البعض عن خمسة عشر موضوعاً.

لكن هناك اتفاق أن علم الجغرافيا ينقسم إلى قسمين رئيسين: الجغرافيا الطبيعية والجغرافيا البشرية.

الجغرافيا الطبيعية تتناول دراسة سطح الأرض من حيث البنية والتركيب والمناخ والنبات والحيوان من حيث تأثيرها فى الحياة الإنسانية.
والجغرافية البشرية تتناول دراسة النشاط الإنساني فى البيئة والتفاعلات المتبادلة بين الإنسان والبيئة.

ومن أقسام الجانب الطبيعي دراسة التضاريس ونظم التصريف النهري، ودراسة الموارد الأرضية والحياة النباتية والتربة.

وينطوي تحت الجغرافيا البشرية عدة فروع مثل جغرافية السلالات البشرية وجغرافية السكان والمدن والجغرافيا الاقتصادية والسياسية.
وكل نوع من أنواع الجغرافيا السابقة يتناول نشاطات الإنسان المتعددة فى بيئته.

هذه المظاهر الطبيعية والبشرية يدرسها الجغرافي دراسة أصولية وإقليمية بمعنى أن الجغرافي يدرس الموضوع Topic أو الإقليم Region يدرس العلاقات الموجودة بين الظاهرات والتفاعل بينها داخل الإقليم الواحد.

وفى علم الجغرافيا هناك ارتباط عضوي وحيوي بين الموضوعية والإقليمية فإذا بدأ بالموضوع انتهى إلى الإقليم وإذا كانت الإقليمية هدف الدراسة فإنه لا نجاح لهذا الهدف دون الاستعانة بالمنهج الموضوعي.

بعبارة أخرى هناك تدرج بين الموضوعية والإقليمية بحيث يمثل كل منها إطاراً مكملاً للآخر.