السفارات النبوية.. شجاعة على دعوة قيصر الدولة الرومانية وعاهل الدولة الفارسية وباقي الملوك والأمراء المعاصرين لاتباع الدين الجديد



إن البعوث والسفارات النبوية لم تقتصر على الملوك والأمراء فقط، فقد أوفد النبي بعوثاً وكتباً أخرى إلى عدة من زعماء الجزيرة المحليين لتحقيق نفس الغاية في ظروف وتواريخ مختلفة أسفر بعضها عن نتائج عملية مرضية ودخل بعض هؤلاء الزعماء في الإسلام وكانوا عوناً له فيما بعد كانت هذه السفارات والكتب النبوية عملاً بديعاً من أعمال الدبلوماسية بل كانت أول عمل قام به الإسلام في هذا الميدان.

 وليس أطلع من هذه السفارات دليلا  على ما كانت به نفس النبي (ص) من فيض في الإيمان والشجاعة ذلك النبي الذي لم يكن قد نجا بعد من اضطهاد قومه ولم يكن له سلطان يعتد به أو قوى يخشى بأسها يقدم في ثقة وشجاعة على دعوة قيصر الدولة الرومانية وعاهل الدولة الفارسية وباقي الملوك والأمراء المعاصرين على اعتناق دعوة لم تكتمل بعد في مهدها على هذه الدبلوماسية الفطنة التي لجأ إليها النبي في مخاطبة ملوك عصره لم تذهب كلها عبثاً كما رأينا ولا ريب أن النبي لم يكن يتوقع أن يلبي أولئك الملوك الأقوياء دعوته وهو مازال يكافح في بثها بين عشيرته وقومه.

 بيد أن إيفاد هذا المبعوث كان عملاً متمماً للرسالة النبوية وكان العالم القديم الذي يتوجه إليه النبي (ص) بدعوته يقوم يومئذ على أسس واهية تنذر بالانهيار من وقت إلى آخر.

وكانت الأديان القديمة قد أدركها الانحلال والوهن وفسدت مثلها العليا فكانـت الدعوة الإسلامية تبدو في جدتها وبسطها وقوتها ظاهرة تستحق البحث والدرس ولم يكن عسيراً أن يستشف أولو النظر البعيد ما وراء هذه الدعوة الجديـدة من قوى معنوية تنذر بالانفجار في كل وقت.

وقد كان الانفجار في الوقع سريعا فلم تمض أعوام قلائل على إيفاد هذه البعوث حتى كان الإسلام قد غمر الجزيرة العربية وانساب تيار الفتح الإسلامي إلى قلب الدولتين الرومانية والفارسية وأخذ العرب أبناء الدين الجديد وحملة الرسالة المحمدية يعملون بسرعة خارقة على إنشاء الدولة الإسلامية الكبرى.

وقد تناول البحث الغربي حوادث السفارات النبوية فيما تناول من حياة النبي (ص) وكان جل اعتماده في شأنها على الرواية الإسلامية وهنالك من كتاب السيرة الغرين من يبدي ريباً في أمر هذه السفارات أو يبدي بالأخص ريباً في صحة الكتب والرسائل النبوية وهذا أمر طبيعي يثيره أعداء الإسلام حول هذه السفارات والبعثات الدبلوماسية.

وليس ذلك من باب الحقائق التاريخية ومدى صحتها أو حتى بطلائها وإنما لحقد في قلوب هؤلاء الأعداء الذين يراقبون الفرص ويضعون الخطط للهجوم على الإسلام والقضاء عليه ولكن الله عز وجل لا بد أن يتم نوره ولو كره الكافرون.