هل الزواج عقد مدني أم ديني؟.. عقد الزواج عند اليهود فريضة دينية وعند النصارى سر مقدس وفى الإسلام ميثاق غليظ

اختلف الفقهاء في عقد الزواج هل هو عقد مدني أم ديني؟
فمنهم من أعتبره عقدا مدنيا قالوا: (بأن القانون المنظم للأحوال الشخصية هو نوع من القوانين الوضعية) ([1]).

ومنهم من أعتبره عقدا دينيا، يخضع لأحكامه الدينية، لأن القانون المدني ينظم المعاملات المالية فقط، أما عقد الزواج فيخضع لأحكامه الدينية. ([2]).

ومنهم من أعتبره عقدا شرعيا، لورود النصوص الشرعية الواصفة والمحددة له وكيفية إبرامه، ولكن لم يشترط الشرع طقوس معينة مثل حضور رجل الدين([3]).

فمن قال أن الزواج في الإسلام عقد مدني فهذا لا يستقيم شرعا، لأن العقد في القانون المدني أحد أنواع الاتفاق ويستمد مرجعيته من القانون المدني الفرنسي، وقوانين الأحوال الشخصية أغلبها مستوحاة من الشريعة الإسلامية، وعقد الزواج في الإسلام ليس اتفاقا، وإنما هو ارتباط رجل بامرأة يفيد حل المعاشرة على الوجه المشروع.

والمقصود بعقد الزواج في الشريعة الإسلامية هو العقد الذي يستمد مرجعيته من الدين الإسلامي، ويرتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة الإسلامية، ويخضع في أركانه وشروطه وأحكامه وآثاره للنصوص الشرعية.

فمعظم قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية والإسلامية تعرف الزواج بأنه عقد شرعي "ديني"، لأنها في غالبيتها مستمدة من الشرع وعليه يترتب:

1- عدم إباحة زواج المسلم من مشركة، ومن لا دين لها والمرتدة، وفى نفس الوقت يجوز للمسلم الزواج من الكتابية" اعتبار الدين في الزواج".

2- عدم إباحة زواج المسلمة بغير المسلم "عقد ديني" اعتبار الدين في الزواج.

3- أولاد المسلم من زوجته الكتابية ينسبون إلى الإسلام مراعاة لدين الأب.

4- عقد الزواج عند اليهود فريضة دينية وعند النصارى سر مقدس وفى الإسلام ميثاق غليظ.  

5- العقد المدني يستمد مرجعيته من القانون المدني الفرنسي، والذي يعتبر الزواج عقدا مدنيا تمييزا له عن العقد الديني الذي تجريه الكنيسة في أعقاب صدور قانون نابليون المستمد من القانون الروماني.

يقول الإمام محمد أبو زهرة: (ولذلك كان عقد الزواج عند أكثر الأمم تحت ظل الأديان لتكتسب آثاره قدسيتها فيخضع الزوجان عن طيب نفس ورضا لحكم الأديان)[4].

6- عقد الزواج في الإسلام يشبه العبادات لذلك يستحب عقده في المسجد، بخلاف العقود الأخرى.
واشترط له بعض الفقهاء اللغة العربية إلحاقا بالأذكار الشرعية.

فالقول بأن الزواج عقد أشبه بالعقود المدنية، أو أنه عقد مدني تشبيها لما ذهب إليه القانون المدني الفرنسي قول فيه نظر([5]).

فالزواج في الإسلام ميز عن بقية العقود المدنية لأهميته وخطورته وقدسيته، ولأنه يتعلق بالبضع والنسب، ولورود النصوص الشرعية الدالة على أركانه وشروطه والمحددة لأحكامه وآثاره. لذلك اشترط فيه ما لم يشترط في غيره.

[1] تجديد في المسلمين لا في الإسلام –عمر فروح دار الكتاب العربي بيروت طبعة 1/1401/1981.
[2] المراد بالزواج الديني: الزواج الذي يستمد مرجعيته  من الأديان السماوية- -"المسيحية –اليهودية"، والعقد الشرعي نسبة إلى الشريعة الإسلامية.

[3] منتدى الجزائرية للحقوق والقانون-أركان وشروط عقد الزواج في الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري).
[4] الأحوال الشخصية الإمام محمد أبو زهرة ص18.
[5] موسوعة الزواج والعلاقة الزوجية في الإسلام والشرائع الأخرى المقارنة/الدكتورة ملكة يوسف زرار ص136.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال