دوافع توثيق عقد الزواج.. صيانة حقوق الأسرة والاحتياط في أمر الزواج. عجز إثبات الزوجية أمام القضاء عند الإنكار والجحود بدون وثيقة رسمية

جاء في المذكرة التفسيرية للمادة المتعلقة بسماع دعوى الزوجية في قانون الأحوال الشخصية المصري، ذكر الدوافع التي أدت بالمشرع المصري إلى الدعوة إلى توثيق الزواج بوثيقة رسمية: (وقد زيدت الفقرة الرابعة في المادة 99" التي نصها: "ولا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة1931 م"([1]).

ويمكن أن نستنتج ونلخص من المذكرة التفسيرية([2]) دوافع توثيق عقد الزواج في نقاط هي:

1- من القواعد الشرعية أن القضاء يتخصص بالزمان والمكان والحوادث والأشخاص، وأن لولd الأمر أن يقيد المباح تبعا لأحوال الزمان وحاجة الناس، وصيانة للحقوق من العبث والضياع([3]).

2- اشتراط القضاء لسماع دعوى الزوجية عند الإنكار أن تكون ثابتة بوثيقة زواج رسمية.  

3- صيانة حقوق الأسرة والاحتياط في أمر الزواج، نظرا للعوارض التي قد تحدث من النسيان و الموت، أو الغياب المنقطع.

4- عجز إثبات الزوجية أمام القضاء عند الإنكار والجحود بدون وثيقة رسمية.

5- منع ادعاء الزوجية من بعض ذوى الأغراض زورا وبهتانا، أو نكاية وتشهيرا، أو ابتغاء غرض آخر.

6- منع احتمال تزوير الشهادة، لسهولة إثبات الزوجية بالشهادة عن طريق التسامع، وقد كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقضى في المدينة بشاهد ويمين فلما انتقل إلى الشام لم يقبل إلا شاهدين، وهو القائل "تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور" فلما سئل عن ذلك قال: "إنا وجدنا الناس في الشام على غير ما كان عليه الناس في المدينة"([4]).  

7- -سد الباب أمام الأفراد والهيئات غير الرسمية، من تسجيل وتحرير عقد الزواج خشية التزوير كتابة ورقة من أطراف العلاقة كما يحدث الآن في بعض الدول الإسلامية بين الطلبة في الجامعات.

ذكرت إحصائيات أعلنتها وزارة التضامن الاجتماعي أن أكثر من 255ألف طالب وطالبة في مصر متزوجون زواجا فاسدا عرفيا، أي بنسبة 17 فى المائة من طلبة الجامعات "ورقة يكتبها الطرفان يعترفان فيها بزواجهما ويشهدان عليها صديقان"([5]) إن ثبتت صحتها مرة لا تثبت مرارا.
فمن يضمن حقوق الطرفين؟

8- الاحتياط من الوقوع في المفاسد التي قد تترتب على عدم التوثيق، تعظيما لأمر الزواج وشرفه وقدسيته وخطورته فإذا كانت الشريعة الإسلامية دعت إلى توثيق الديون بالكتابة وهD أقل شأنا وخطرا من عقود الزواج، فالأولى القول بوجوب توثيق الزواج لمنع الضرر المتوقع على المرأة والأولاد، وكذلك الزواج غير المشروع (كزواج المسلمة بغير المسلم، حيث أن  معظم قوانين الأحوال الشخصية في الدول الإسلامية تمتنع عن توثيق زواج المسلمة بغير المسلم).

9- تنظيم الروابط الأسرية بما يتوافق مع السياسة الشرعية، والمصلحة العامة، والعدالة الاجتماعية.

10- تمييزا له عن الزواج الكنسي والزواج الديني في الدول الغربية.

11- إرساء قواعد الأخوة في المجتمع، وغرس مبادئ المحبة والاتفاق، ودرء أسباب النزاع والشقاق، وقطع دابر الفساد والخصام.

12- عدم الائتمان على شهادة الشهود لفساد الذمم والأخلاق، فالإثبات بالوثيقة الرسمية لعقد الزواج في القضاء الشرعي وقوانين الأحوال الشخصية والمدنية، مقدما وجوبا على الشهادة في زماننا.

13- المصلحة التي تقتضى أن الزواج الذي لا يثبت بوثيقة رسمية لا تسمع الدعوى به عند الإنكار([6]).

[1] فقه السنة- الشيخ سيد سابق- مج2/ص46/47.
[2] راجع المذكرة ص52 من البحث.
[3] فقه السنة –الشيخ سيد سابق مج2/ص46 طبعة دار الفكر.
[4] السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها – الشيخ الدكتور يوسف القرضاوى ص288.
[5] مركز الأحبار أمان دعوات لتشريع الزواج العرفي بعد انتشاره بين 255 ألف جامعي وجامعية بمصر.
[6] علم أصول الفقه عبد الوهاب خلاف ص85.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال