الولاية في الزواج شرط عند جمهور الفقهاء، فلا يصح الزواج إلا بولي، في حين ذهب أبو حنيفة إلى عدم اشتراط الولاية في الزواج، فللمرأة البالغة العاقلة أن تزوج نفسها، وأن تزوج غيرها بدون إذن وليها سواء كانت بكرا أو ثيبا، إذا كان الزواج بكفء وبمهر المثل.
فهي مستحبة، وللأولياء حق الاعتراض إذا وضعت نفسها في غير كفء وبغير مهر المثل([1]).
وقال مالك: يشترط الولي في حق الشريفة لا الوضيعة فلها أن تزوج نفسها"([2]).
ويفرق المالكية بين الولاية الخاصة، والولاية العامة، فالولاية العامة عندهم هي الإسلام وهى جائزة عند تعذر الولاية الخاصة" وعللوا ذلك بأن الدنية لا يلتفت إليها ولا يلحقها بذلك العار)([3]).
والظاهر أن هذا الكلام مخالف للنصوص الشرعية التي تعتبر الناس سواسية لا فرق بين الشريف والوضيع، والأمير والخادم، والغنى والفقير في الأحكام الشرعية، ويتأكد هذا في زماننا وخاصة بالنسبة للمسلمين في الغرب بحيث أن القوانين وحقوق الإنسان هي السائدة.
وفرق داود بين البكر والثيب، فاشترط الولاية في البكر ولم يشترطها في الثيب.
وقال أبو ثور: يجوز لها أن تزوج نفسها بإذن وليها ([4]).
جاء في الهداية لأبى الخطاب: "يصح للمرأة أن تزوج أمتها وهذا يدل على صحة عبارتها في النكاح فيتخرج منه تزويجها لنفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة" ([5]).
واستدل الجمهور بآيات من القرآن وأحاديث نبوية منها:
قوله تعالى: {وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم }([6]) وقوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}([7]) وقوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}([8]).
فالآيات أضافت النكاح للأولياء ونهت الرجال أن يعضلن النساء.([9])
فالآيات أضافت النكاح للأولياء ونهت الرجال أن يعضلن النساء.([9])
واستدلوا من السنة بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها)([10]).
وعن أبى بردة عن أبى موسى رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا نكاح إلا بولي) ([11]).
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل" ثلاث مرات "فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له "([12]).
أدلة الحنفية: استدل الحنفية بنفس الآيات وقالوا أن الله تعالى أسند النكاح إلى المرأة، فالخطاب في الآيات للأزواج لا للأولياء.
ومن السنة: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها"([13]).
ومن السنة: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها"([13]).
فالحديث صريح في أن أعطى حق المرأة الثيب في زواجها، والبكر مثلها، ولكن نظرا لغلبة حيائها اكتفى الشرع باستئذانها بما يدل على رضاها، وليس معناه سلب حق مباشرتها العقد، بما لها من الأهلية العامة.
جاء في الهداية شرح بداية المنتدى" ووجه الجواز أنها تصرفت في خالص حقها، وهى من أهله لكونها عاقلة مميزة، ولهذا كان لها التصرف في المال، ولها اختيار الأزواج، وإنما يطالب الولي بالتزويج لكي لا تنسب إلى الوقاحة، وللولي الاعتراض في غير الكفء، لأنه كم من واقع لا يرفع ([14]).
يظهر مما تقدم من اشتراط الولاية في الزواج بعض المعاني والأسرار، منها غلبة الحياء على المرأة ودفع العار عن الأسرة.
[1] المرجع السابق /ج7/ص82/83
[2] سبل السلام شرح بلوغ المرام من جميع أدلة الأحكام للإمام الصنعاني ج3/ص228 طبعة دار الفكر
[3] الهداية لأبى الخطاب محفوظ بن احمد بن الحسين الكلودانى ص182-انظر مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب" الولاية العام ج5/ص43
[4] سبل السلام شرح بلوغ المرام من جميع أدلة الأحكام/محمد بن إسماعيل الأمير اليمنى الصنعاني /ج 3/ ص227/228دار الفكر-. الفقه الإسلامي وأدلته وهبة الزحيلى ج 7 ص 82/83- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار محمد بن على بن محمد الشوكانى مج3/ج6/ص 251 _ الوجيز في فقه الإمام الشافعي للعلامة الفقيه الحجة أبى حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي ص 10.
[5] الهداية للعلامة أبى الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسين الكلودانى ص385.
[6] سورة النور الآية رقم 32.
[7] سورة البقرة الآية رقم 232.
[8] سورة البقرة الآية رقم 230.
[9] الاستذكار الجامع لمذهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ابن عبد البر ج 16 ص 43 وما بعدها.- أحكام القرآن محمد بن عبد الله الاندلسى ابن العربي ج 3ص 49.
[10] -مختصر إرواء الغليل للشيخ محمد ناصر الدين الالبانى رقم 1841/ج1/ص 364 أخرجه الشافعي في الأم رقم1574/ص884 ورواه ابن ماجة والدارقطني.
[11] رواه الخمسة واللفظ لأبى داود رقم2085/ج2/ص 236وصححه أحمد وابن معين- مختصر إرواء الغليل للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رقم1839/ج1/ص364.
[12] رواه الخمسة إلا النسائي واللفظ لأبى داود رقم 2083/ج2/ص235/236 وصححه الألباني المرجع السابق رقم 1840/ج1/ص364.
[13] رواه مسلم- كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت رقم 1421/ص1037.
[14] الهداية شرح بداية المنتدى-برهان الدين أبى الحسن على بن أبى بكر المرغينانى ج3/ص32/33.
التسميات
توثيق الزواج