أفعال المدح والذم.. أفعالٌ لإنشاءِ المدح أو الذم جُملها إنشائيةٌ غير طلبية لا خبرية ولا بُدَّ لها من مخصوصٍ بالمدح أو الذم



أفعال المدح والذم:

أفعال المدح هي: "نعْمَ وحبّ وحبّذا".
وأفعالُ الذمِّ هي: "بئس وساء ولا حبّذا".
وهي أفعالٌ لإنشاءِ المدح أو الذم فجُملها إنشائيةٌ غير طلبية، لا خبرية، ولا بُدَّ لها من مخصوصٍ بالمدح أو الذم.
(فإّا قلت: "نعم الرجل خالد، وبئس الرجل فلان". فالمخصوص بالمدح هو (خالد)، والمخصوص بالذم هو (زيد).

أفعال جامدة:

وهي غير محتاجة إلى التصرف، للزومها اسلوباً واحداً في التعبير، لأنها تدل على الحدث المتطلب للزمان، حتى تحتاج إلى التصرف بحسب الازمنة. فمعنى المدح والذم لا يختلف باختلاف الزمان).

حبذا وحب ولا حبذا:

حَبَّذا وحَبَّ: فعلان لإنشاءِ المدح.
فأما "حبَّذا" فهي مُركبةٌ من "حَبَّ" و "ذا" الإشارية، نحو: "حبذا رجلاً خالدٌ".
(فحبّ: فعل ماض، و "ذا" اسم اشارة فاعلة، ورجلا: تمييز لذا رافع ابهامه. وخالد: مبتدأ مرفوع مؤخر، خبره جملة "حبذا" مقدمة عليه).
ولا يتقدم عليها المخصوصُ بالمدح، ولا التّمييزُ فلا يُقالُ: "خالدٌ حبّذا رجلا" ولا "رجلاً حبّذا خالدٌ".

تقديم التّمييز على المخصوص بالمدح:

أما تقديم التّمييز على المخصوص بالمدح فجائزٌ، كما رأيت، بل هو الأوَّل، ومنه قول الشاعر:
أَلا حَبَّذا قوماً سُلَيْمٌ، فإِنهم -- وفَوْا، وتَواصوْا بالإِعانةِ والصَّبْر
ويجوزُ أن يكون بعدهُ، كقول الآخر:
حَبَّذا الصَّبْرُ شِيمَةً لامرىءٍ رامَ -- مُباراةَ مُولَع بالْمَغاني

و (ذا) في "حبذا" تَلتزم الأفرادَ والتذكيرَ في جميع أحوالها، وإن كان المخصوصُ بخلاف ذلك.
قال الشاعر:
يا حَبَّذا جَبَلُ الرَّيّانِ من جَبَلٍ + وحَبَّذا ساكِنُ الرَّيّانِ، مَنْ كانا
وحَبَّذا نَفَحاتٌ من يَمانيَةٍ + تأتِيكَ من قِبَلِ الرَّيّانِ أَحيانا
فذا: مفردٌ مذكر، والمخصوصُ - وهو "النَّفَحات" - جمعٌ مؤنث، وقال الآخر:
حبَّذا أَنتُما خَلِيلَيَّ إِنْ لم + تعْذُلاني في دَمْعِيَ المُهراق

فالمخصوص هنا مثنى، و "ذا" مفرد. وقال غيره: ألا حبَّذا هندٌ وأرضٌ بها هندُ، فذا: مذكر. وهذا: مؤنث.
وقد تدخلُ "لا" على "حبذا" فتكون مثلَ: "بِئسَ" في إفادة الذَّمِ كقول الشاعر:
أَلا حَبَّذا عاذري في الهَوى -- ولا حَبَّذا الجاهلُ العاذِل

وقل الآخر:
أَلا حَبَّذا أَهلُ الْمَلا، غيرَ أنَّهُ -- إِذا ذُكرَتْ هِنْدٌ، فلا حَبَّذا هِيا
ولا يجوز أن تدخلَ على مخصوص "حبَّذا" نواسخُ المبتدأ والخبر، وهي: "كان وأخواتُها، وظنَّ وأخواتُها، وإنَّ وأخواتها"، فلا يقال "حبَّذا رجلاً كان خالدٌ" ولا "حبَّذا رجلاً ظننتُ سعيداً".

خذف المخصوص بالمدح:

ويجوز حذفُ مخصوصها إن عُلمَ: كأن تُسأل عن خالدٍ مثلا، فتقول: "حبَّذا رجلاً" أي: حبَّذا رجل هو، أي: خالدٌ.
ومنه قول الشاعر:
ألا حَبَّذا، لَوْلا الحَياءُ. ورُبَّما -- مَنَحْتُ الهَوى ما لَيْسَ بِالمتَقارِبِ

وأما "حبَّ" ففاعله هو المخصوص بالمدح، نحو: "حبَّ زُهيرٌ رجلاً". وقد يُجرُّ بباءٍ زائدة، نحو: حبَّ به عاملا.
ومنه قول الشاعر:
فَقُلْتُ: اقتلوها عنكم بِمِزاجها -- وحَبَّ بها مقتولةً حينَ تُقْتَلُ
وأصلُه: "حَبُبَ" بضم الباء، بمعنى: صار محبوباً، ولذا يجوز أن يقالَ فيه: "حُبَّ"، بضمِّ الحاءِ، بنقلِ حركةِ الباءِ إلى الحاءِ وهو كثيرٌ في الاستعمال.