المجلس التأسيسي العراقي.. البت في المعاهدة العراقية - البريطانية. سن الدستور العراقي لتأمين حقوق الأفراد والجماعات. سن قانون انتخابات المجلس النيابي



المجلس التأسيسي العراقي:

أصبحت أمام المندوب السامي البريطاني مهمة تأليف وزارة جديدة تخلف الوزارة المستقيلة منذ (19 آب) تأخذ على عاتقها نشر المعاهدة وتأليف المجلس التأٍسيسي، وبناءاً على ذلك شكل عبد الرحمن النقيب وزارته الثالثة في (20 أيلول 1922) وقررت الوزارة في (10 تشرين الأول 1922) تأييد قرارها السابق من المصادقة على المعاهدة.

مهام المجلس التأسيسي العراقي:

وحددت الوزارة الرابع والعشرين من تشرين الأول 1922 موعداً للبدء بانتخابات المجلس التأسيسي وحددت مهامه بالأمور الآتية:
- وضع الدستور (القانون الأساسي) للمملكة العراقية.
- وضع قانون الانتخابات لمجلس النواب.
- تصديق المعاهدة العراقية - البريطانية.

تركيز سلطة بريطانيا في العراق:

وبدأ عبد المحسن السعدون وزير الداخلية باتخاذ الخطوات الضرورية لبدء عملية الانتخاب وأصدر بياناً دعا فيه الى التضامن والتعاضد، ولم تكد تبدأ الانتخابات حتى دعت الحركة الوطنية الى مقاطعتها واعتبرت المعارضة الانتخابات أسلوباً بريطانياً لتركيز سلطتها في العراق وقدمت مذكرة الى الملك طالبت فيها الحصول على الاستقلال التام ورفض المعاهدة.

حكومة عبد المحسن السعدون:

انتقد السعدون وزير الداخلية حكومة النقيب لأنها لم تتبع أسلوبه القائم على سياسة الشدة، وأوعز الى النقيب بتقديم استقالته وفعلاً قدمها النقيب بحجة اعتلال صحته فكلف الملك عبد المحسن السعدون بتأليف الوزارة وكانت مهمة وزارة السعدون إجراء انتخابات المجلس التأسيسي وأمرار المعاهدة واتبع سياسة الشدة تجاه المعارضة إلا أنه لم يحظى بثقة الملك فقد استقالته.

حكومة جعفر العسكري:

وعهد الى جعفر العسكري بتأليف الوزارة الجديدة في 22 تشرين الثاني 1923 وتضمن منهاجها السعي لإكمال انتخابات المجلس التأسيسي، أفتتح الملك فيصل المجلس في 27 آذار 1924 واعتبر افتتاحه من الأحداث المهمة في تاريخ العراق السياسي المعاصر لأنه أول مجلس منتخب يمثل خطوة نحو الحياة الديمقراطية.

مهام المجلس في خطاب الملك:

وحدد الملك فيصل في خطاب افتتاح المجلس مهامه بثلاث نقاط وهي:
1- البت في المعاهدة العراقية - البريطانية لتثبت سياستها الخارجية.
2- سن الدستور العراقي لتأمين حقوق الأفراد والجماعات.
3- سن قانون انتخابات المجلس النيابي.

انطلاق أعمال المجلس:

أصبح السعدون رئيساً للمجلس التأسيسي، وياسين الهاشمي وداود الحيدري نائبين للرئيس، وبدأ المجلس أعماله بتأليف لجنة التدقيق المعاهدة ورفع تقرير عنها من 15 عضواً برئاسة الهاشمي ووضعت اللجنة تقريرها في (65) صفحة وختم التقرير عرض الأمور الآتية وهي أن الشعب العراقي متمسك بصيانة استقلاله من كل الشوائب، وإجماع الرأي على أن العراق يحتاج حالياً الى المساعدة من بريطانيا، وأن التعديلات المطلوبة في المعاهدة وملاحقها لا تمس مركز بريطانيا وبدون التعديلات لا يمكن للعراق القيام بواجب التحالف.

تأمين اسنقلال العراق:

كما أن في بنود المعاهدة والاتفاقيات الملحقة بها يثقل كاهل العراق، وجرت مناقشات حامية للمعاهدة وظهرت آراء ومواقف داخل المجلس وخارجه منها موقف الحكومة الساعي لعقد المعاهدة الذي مثله رئيس الوزراء جعفر العسكري بأن المعاهدة ستؤدي الى تأمين اسنقلال العراق، وموقف المعارضة داخل المجلس وظهرت فيه اتجاهات ضمن المعارضة منها اتجاه دعا الى تعديل المعاهدة قبل إبرامها، والآخر طالب بإجراء التعديلات التي وردت في تقرير لجنة المعاهدة في حين فضل اتجاه عدم البت بالمعاهدة لحين حسم قضية الموصل، وكان هناك موقف للمعارضة خارج المجلس تجسد في الاجتماع الذي عقده المحامون والداعي الى رفض المعاهدة عند التصويت عليها.

المصادقة على المعاهدة:

إزاء ازدياد المعارضة بعث المندوب السامي أنذاراً الى الملك طالباً منه أن يدعو للاجتماع لغرض المصادقة على المعاهدة وإلا فإنه سيبلغ مجلس عصبة الأمم بعدم دخول العراق في عضويته ونتيجة لهذا الموقف استطاع رئيس الوزراء في العاشرة والنصف مساءاً من جمع (69) عضواً وشرح لهم الموقف وقبل الساعة الثانية عشر جرى التصويت على المعاهدة. فصوت الى جانبها (37) عضواً وعارضها (24) عضواً وامتنع (8) أعضاء عن التصويت.