معارك يافا.. تشكيل لجنة قومية للمدينة باقتراح من الهيئة العربية العليا بعد صدور قرار التقسيم للإشراف على الدفاع والإعداد وجمع السلاح

لعله من المجدي قبل الحديث عن معارك يافا أن نذكر أن هذه المدينة كانت من الناحية العسكرية ساقطة دفاعياً؛ بسبب وجود مدينة تل أبيب شمالها ومستعمرة بيت يام جنوبها؛ وكذلك أجرو بانك وحولون؛ أما في الشرق فتوجد مستعمرة نيتر الألمانية؛ والبحر المتوسط من جهة الغرب.

بعد صدور قرار التقسيم، جرى تشكيل لجنة قومية للمدينة باقتراح من الهيئة العربية العليا؛ وكانت مهمة اللجنة الإشراف على الدفاع، والإعداد، وجمع السلاح.

حدثت مجموعة من الاشتباكات بين الصهاينة وسكان يافا، بدأت باشتباك بين مجموعة من المناضلين والصهاينة، بين تل الريش ومستعمرة حولون، قتل فيها عدد من الصهاينة فيهم قائد المجموعة، ثم قام الصهاينة في 4/1/1948 بنسف دار الحكومة؛ فقتل عشرات العرب وجرح كثيرون؛ فأثار هذا الحادث أهالي يافا؛ فتوحدوا وأزالوا الخلافات.

كان الشيخ حسن سلامة هو المسؤول العسكري عن منطقة يافا.  وقد دارت معارك بين المجاهدين والصهاينة استمرت شهرين ونصف، بدأت في 4/12/1947.

وقد اعترف مناحيم بيغن (زعيم “الأرغون” في تلك الفترة) بشدة معاناة تل أبيب من يافا وحي المنشية، ووطأة الضرب من هاتين المنطقتين.

وقد سقط من سكان تل أبيب حوالي ألف قتيل وجريح.  وقد أقر بيغن أن القناصة العرب كانوا يرسلون الموت إلى كل مكان، حتى أن رصاصهم وصل إلى النيابة التي تعمل فيها بلدية تل أبيب.

لم يكن في يافا أسلحة كثيرة؛ وهذا ما جعل المسؤولين العسكريين الذين ترسلهم دمشق يأتون فيدرسون الوضع ثم يعودون إلى دمشق.

قام الصهاينة يوم 20/3/1948 بهجوم كبير على ثكنة "أبي كبير، ودمروا بعض المنازل العربية؛ لكن هذا الهجوم كلفهم 36 قتيلاً.  وحاولوا بعد يومين اقتحام يافا بعد قصفها؛ لكنهم فشلوا.

ذهبت وفود كثيرة إلى دمشق لتوضح عدم تكافؤ قوة المدينة مع قوة الصهاينة؛ لكنها جميعها عادت دون أن تحصل على شيء.
في 31/3/1948 غنم المجاهدون عدداً من السيارات والمصفحات بعد معركة مع الصهاينة.

وفي 13/4 توغل الصهاينة في تل الريش؛ لكن العرب أخرجوهم منه؛ وأعادوا الهجوم يوم 24/4، وهاجموا المنشية، واحتلوا مركز الشرطة ومحطة سكة الحديد.

قام العرب بهجمات مضادة، وتمكنوا من استعادة المواقع المحتلة، وطرد الصهاينة منها.

وجدد الصهاينة هجماتهم يوم 25-26-27/4؛ لكن حماة يافا صدوا الهجومات؛ إلا أن الصهاينة قاموا يوم 28/4 بهجوم كبير من جهة تل الريش، وآخر من جهة المنشية؛ ودارت معارك طاحنة؛ فاستطاع المجاهدون رد الهجوم الأول في تل الريش، بعد أن خسر الصهاينة 25 قتيلا وبعض الجرحى.

أما هجوم المنشية، فقد نحج فيه الصهاينة، واحتلوا الحي؛ فأخذ السكان يغادرونه؛ لكن قائد جيش الإنقاذ أقال قائد حامية يافا (المقدم عادل نجم الدين) وعين مكانة الرئيس ميشيل العيسي؛ فوصل إلى يافا يوم 28/4/1948، واستطاع دحر الصهاينة على طريق تقدمه؛ ولكن بدا واضحاً أن ميزان القوى يميل لصالح الصهاينة، الذين احتلوا عدداً من القرى حول يافا.

في أوائل أيار، بدأ الناس يغادرون إلى غزة بعد أن عم الاضطراب؛ فشدد الصهاينة من هجومهم على المدينة؛ وأخذت المقاومة تنهار وازداد القتلى والجرحى.

في 13/5/1948، سلم الحاكم الإنجليزي مفاتيح الدوائر الحكومية إلى الحاج أحمد أبو لبن؛ باعتباره مسؤولاً عن شؤون المدينة؛ وقدم الحاكم اقتراحاً باعتبار يافا منطقة مفتوحة؛ فوافق العرب والصهاينة على الاقتراح؛ ووقعت اتفاقية في 13/5 بين وفد من أهالي يافا و”الهاغاناة” في تل أبيب.

لم يحترم الصهاينة الاتفاقية، وبمجرد انسحاب الإنجليز يوم 14/5، قاموا باقتحام المدينة ورفعوا الأعلام الصهيونية على مبانيها؛ وسقطت يافا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال