انتشار أسلوب الجمعية التأسيسية.. من المستعمرات الأمريكية الشمالية الثائرة ضد الاستعمار الإنجليزي إلى فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسية



تُعدّ المستعمرات الأمريكية الشمالية الثائرة ضد الاستعمار الإنجليزي أول من أخذ بهذا الأسلوب في وضع دساتيرها عقب استقلالها عن التاج البريطاني في عام 1776، حيث قامت معظم هذه الولايات بانتخاب جمعية نيابية عُرفت باسم Convention (أي المؤتمر) من أجل وضع الدستور الخاص بها.

ثم صدر بعد ذلك دستور الاتحاد الفيدرالي عام 1787 بنفس الأسلوب، أي بواسطة جمعية نيابية منتخبة من الشعب الأمريكي اجتمعت في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا وأصدرت الدستور الحالي للولايات المتحدة الذي جاء في مقدمته: ﴿نحن شعب الولايات المتحدة، رغبةً منا في إنشاء اتحادٍ أكثرَ كمالاً، وفي إقامة العدالة، وضمان الاستقرار الداخلي، وتوفير سبل الدفاع المشترك، وتعزيز الخير العام وتأمين نِعَم الحرية لنا ولأجيالنا القادمة، نرسم ونضع هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية﴾.

وقد أطلق على الجمعية النيابية التي تولت وضع الدستور الاتحادي اسم ﴿مؤتمـر فيلادلفيا الدستوري﴾ Philadelphia Constitutional Convention.

وقد انتقل هذا الأسلوب من الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسية في عام 1789، وذلك عند وضع أول دساتير الثورة في عام 1791، ثم أخذت به أيضاً في وضع دستورَيْ سنة 1848 وسنة 1875.

غير أن الجمعيات المنتخبة التي كانت تمارس نيابةً عن الشعب الفرنسي صلاحية السلطة التأسيسية (أي مهمة وضع أو تعديل الدستور) كانت تعرف اصطلاحاً باسم "الجمعية التأسيسية" Assemblée constituante بدلاً من اسم "المؤتمر" Convention الذي كانت تستخدمه الولايات الأمريكية.

كما شاع استخدام أسلوب الجمعية التأسيسية خارج فرنسا، فطبقته بلاد كثيرة عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية، فأخذ به دستور فيمار الألماني في سنة 1919، والدستور النمساوي في سنة 1920، والدستور الاسباني في سنة 1931، والدستور الياباني في سنة 1947، والدستور الإيطالي في سنة 1947، والدستور الهندي في سنة 1949.

ومن دساتير الدول العربية التي صدرت وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية نذكر على سبيل المثال: دستور الجمهورية السورية الصادر في سنة 1950، وكذلك الدستور الحالي للجمهورية التونسية الصادر في سنة 1959.