دستورية القوانين - ضرورة مطابقة القوانين للدستور وعدم تعارضها مع أحكامه.. تنظيم الرقابة على دستورية القوانين لضمان اتفاقها مع الأحكام والقواعد الواردة في الدستور

لمَّا كانت القوانين العادية تلي القواعد الدستورية من حيث المرتبة، فإنه يجب على السلطة التشريعية عندما تسن القوانين أن تقرها على مقتضى أحكام الدستور نصاً وروحاً، فإذا تجاوزت فيما تسنه من قوانين الضوابط والقيود الواردة في الدستور، عُدَّ ذلك انحرافاً منها في أدائها لوظيفتها، واعتبر تشريعها المخالف للدستور قانوناً غير دستوري.

وعلى ذلك قررت محكمة القضاء الإداري المصرية: «إنَّ الدستور فيما يشتمل عليه من نصوص وفيما ينطوي عليه من مبادئ، هو القانون الأعلى الذي يسمو على جميع قوانين الدولة، فإذا تعارض قانون مع الدستور، وجب تطبيق أحكام الدستور دون اعتداد بالقانون المخالف».

وهو أيضاً ما قررته المحكمة الإدارية العليا السورية بقولها: «.... إذا تعارض قانون عادي مع الدستور في أية منازعة من المنازعات التي تطرح على المحاكم، فقامت بذلك لديها صعوبة مثارها أيّ القانونين هو الأجدر بالتطبيق، وَجَبَ عليها عند قيام هذا التعارض أن تطرح القانون العادي وتهمله، وتُغَلّب عليه الدستور وتُطبّقه، بحسبانه القانون الأعلى الأجدر بالإتباع.

وإذا كان القانون العادي يهمل عندئذ فمَرَدّ ذلك في الحقيقة إلى سيادة الدستور العليا على سائر القوانين، تلك السيادة التي يجب أن يلتزمها كل من الشارع عند إصداره القوانين والقاضي عند تطبيقه إياها على حدّ سواء».

وإذا كانت بعض الدساتير تنصّ صراحةً على بطلان القوانين المخالفة لأحكامه، أو المتعارضة معه، فإنّ عدم النص في الدستور على ذلك لا يؤثر في اعتبار هذه القوانين باطلة، فهذا البطلان نتيجة حتمية لمبدأ المشروعية وتدرج القواعد القانونية,خاصة إذا كان الدستور القائم يقرر تنظيماً معيناً للرقابة على دستورية القوانين.

ولاشك أن سموّ الدستور وسيادته سيكون كلمة بلا معنى إذا كان من الممكن انتهاكه من جانب السلطة التشريعية، وكان من غير الممكن إخضاع من تصدره من قوانين للرقابة على دستوريتها.

وتأكيداً لمبدأ سمو الدستور وسيادته، تحرص الدول المختلفة على تنظيم الرقابة على دستورية القوانين لضمان اتفاقها مع الأحكام والقواعد الواردة في الدستور، إلا أنَّ هذه الرقابة تختلف من حيث الأسلوب من دولة لأخرى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال