الكشوف الجغرافية والهيمنة الأوروبية على العالم الثالث.. الالتفاف حول المنطقة الإسلامية وقفل منافذ التجارة الإسلامية في الخليج والبحر الأحمر

توثقت العلاقات بين أوروبا وشمال شبه الجزيرة العربية، إثر غزو الاسكندر الأكبر لبلاد المشرق عام (356-323 ق.م)، وبعد ذلك صارت منطقة شمال شبه الجزيرة العربية منطقة صراع بين الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الإغريقية التي أصبحت النصرانية ديناً رسمياً لها في القرن  الثالث الميلادي.

وفي القرن السابع الميلادي ظهرت قوة جديدة امتد نفوذها عبر شبه الجزيرة العربية من جنوبها إلى شمالها، وهي الدولة الإسلامية التي قامت إثر ظهور الإسلام.

وبظهور هذه الدولة في تلك المنطقة طويت صفحة الهيمنة الإغريقية الرومانية على الشرق، حيث تبدلت مراكز الثقل، وتغيَّرت العلاقات الدولية، وسيطرت الدولة الإسلامية على الطرق البرية والبحرية، وعلى الموارد الاقتصادية في العالم، وعلى التجارة الدولية، بالإضافة إلى أن الدولة الإسلامية ذات حضارة تقوم على عقيدة وآيديولوجية جديدة تصحح وتكمل معتقدات الحضارة الغربية.

كل هذا وضع أوروبا أمام تحدٍ حضاري واقتصادي مما جعلها تحاول إعادة هيمنتها على المنطقة عدة مرات وقد تمكَّنت من ذلك بعد ضعف الدولة الإسلامية، وانقسامها إلى عدة دويلات.

وبعد أن شرع الأسبان والبرتغاليون في تطبيق استراتيجية أطول أمداً ولكنها أكثر فاعلية. فكانت خطة هنري الملاح هي الالتفاف حول المنطقة الإسلامية، وبالفعل استطاع بارثلومودياز اجتياز رأس الرجاء الصالح عام 1488م.

وفي عام 1497م وصل فاسكو داجاما إلى الهند، ومن ثم اتجه البرتغاليون إلى قفل منافذ التجارة الإسلامية في الخليج والبحر الأحمر.

وهكذا كانت محاولات التطويق والهيمنة عن طريق الكشوف الجغرافية التي أخذت بعداً دينياً منذ العصور القديمة وحتى القرن الخامس عشر الميلادي، بأيدي رجال الدِّين.

وقد أرست إرثاً بوصفها الدقيق وتقاريرها العلمية الدقيقة التي تُعَدُّ هادياً لأسلوب الهيمنة الأوروبية على العالم الثالث بصفةٍ عامة، وعلى العالم الإسلامي بصفةٍ خاصة؛ لأيديولوجيته المناوئة للحضارة الأوروبية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال