السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر.. معارضة المعمرين تعليم أبناء الأهالي اللغة الفرنسية وتوفيرَ الميزانية الكافية لتأسيس المدارس وتعميم تعليم أبناء الجزائريين. إبعاد التلاميذ عن الزوايا والمساجد.



السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر:
مرحلة 1880-1930:

في سنة 1880 ظهرت نزعة جديدة ترمي إلى تعميم التعليم بالجزائر وخطت وزارة التعليم الفرنسية تنظيما جديدا يتبع التعليم في فرنسا بحكم سياسة الإدماج التي أعلنتها الحكومة الفرنسية.

فأمرت بتطبيق قانون 12 جوان 1881 المتعلق بمجانية التعليم وقانون 28 مارس 1882 المتعلق بإجبارية التعليم الابتدائي الساريين المفعول في التراب الفرنسي.

وبالفعل أصبح عدد المدارس يرتفع من سنة إلى سنة كما ارتفع عدد التلاميذ ولكن نسبيا بكثير إذا قارناه بعدد الأطفال الذين هم في السّن الدّراسي الإلزامي فإنه يمثل 2%.

ورغم القوانين المتخذة في فرنسا وغير المطبقة في الجزائر والتي كانت تنص على المساواة بين أبناء الأهالي وأبناء الأوروبيين مُنِعَ الكثير من الأطفال الجزائريين المسلمين من التعليم.

و في نهاية القرن التاسع عشر كانت نسبة التمدرس 8,3% بالنسبة لأبناء الجزائريين و 84% بالنسبة لأبناء الأوروبيين.

و السّبب الوحيد في هذه الحالة المؤسفة هو معارضة المعمرين الأوروبيين التي كانت تتمثل في مجلس النيابات المالية ورفض أعضائه توفيرَ الميزانية الكافية لتأسيس المدارس وتعميم تعليم أبناء الجزائريين.

إذن عارض المعمرون تعليم أبناء الأهالي اللغة الفرنسية ما بالك بالنسبة للغة العربية لم يوافقوا حتى على تدريس المبادئ الأولية منها.

فكانت اللغة العربية تدرس في الثانويات كلغة أجنبية مثل اللغة الانجليزية والألمانية والإسبانية من طرف أساتذة أغلبهم فرنسيون وبطريقة أقل ما يقال عنها تتنافى تماما مع الطرق السليمة في تدريس اللغات حيث كانت تعطى قواعد اللغة بالفرنسية وكان مدرسوها يستعملون المصطلحات الفرنسية وفي كثير من الأحيان الحروف اللاتينية.

هذا و يجدر بالذكر أن الحكومة الفرنسية كانت قد فتحت سنة 1850 ثلاثة معاهد في كل من الجزائر وتلمسان وقسنطينة، الغاية الرسمية منها تكوين بعض الجزائريين لوظائف معينة: أعوان سلك القضاء. ولكن الغاية الحقيقية من تأسيس هذه المعاهد الحكومية هي إبعاد التلاميذ عن الزوايا والمساجد وكانت مدة التعليم في هذه المعاهد أربع سنوات.

وكانت توفر للتلاميذ دراسة اللغة الفرنسية واللغة العربية والأسس الرياضية والعلمية والتاريخ والجغرافية ومبادئ النظم الإدارية.

تختتم الدّراسة بشهادة نهاية الدّراسات للمعاهد ثم يلتحق البعض القليل من حاملي هذه الشهادات بالقسم العالي في الجزائر العاصمة.

وبعد سنتين تختتم الدراسة فيه بشهادة الدّراسات العليا يسمح لحاملها أن يشتغل كعادل أو قاض أو مدرس وكان عدد التلاميذ في جميع هذه المعاهد لا يفوق 150 تلميذ قبل سنة 1930.

إذن خابَت من جديد أمال الجزائريين ولاسيما بعد الحرب العالمية الأولى التي شاركوا فيها وفي سنة 1928 قبل الذكرى المئوية كانت الحالة من أسوأ الحالات، حيث أن عدد التلاميذ الجزائريين كان بالتقريب 55.500 تلميذ في التعليم الابتدائي.

كما كان عدد المدارس 550 مدرسة في جميع القطر. وهذا و التاريخ يثبت أن عدد المدارس الابتدائية كان 222 مدرسة في الجزائر العاصمة وحدها قبل الإحتلال الفرنسي.