التربية كموضوع يجب أن تعطي أهمية كبيرة فعن طريقها تتم عملية الحياة بانسجام وتوافق مع المجتمع وعن طريق التربية أيضا ترقى الأمم وتتقدم.
ومنذ عرف التاريخ والفلاسفة يبحثون عن أفضل السبل للحياة الإنسانية الجيدة علي هذه الأرض ومن ثم يهدفون إلي تحقيق بقائهم وبقاء نظمهم وقيمهم ومبادئهم وقوانينهم وشرائعهم واستمرار أفكارهم ومنتجات عقولهم وكان سبيلهم في غرس كل هذه المبادئ والمعتقدات والأفكار وزرعها في عقول الأجيال واستمراريتها هو العملية التربوية العملية التي تنقل هذا المبادئ والأفكار إلي الأجيال.
ولم يكن هذا النقل عشوائيا في أي يوم من الأيام بل كان ولا يزال وسيبقى منظما مرسوما مقننا ينقل للأجيال اللاحقة بنظام وبخطط تابعة يرضى عنها هؤلاء كما يرضى عنها المجتمع بما فيه من نظم وقيم وأنظمة حكم كما لم تكن هذه العملية جامدة بل كانت متطورة متغيرة متدرجة، وهي عملية عالمية لا تقتصر علي فئة دون أخرى أو نوع من البشر دون آخر.
وهي عملية تعد الإنسان بما يناسبه في حياته اليومية وممارساته الحياتية إنها تعد الإنسان المفكر الإنسان الذي يبني اليوم ليسكن غدا وينمو بعد غد ويخلف تراثا قيما للأجيال علي مر السنين إنها تعد الإنسان القابل للتكيف المتفتح للتطور والازدهار.
إنها عملية بناء البشر وهي عملية ليس سهلة ولا يمكن التحكم بها كما يبني المهندس عمارة شامخة أو المصانع صناعة قوية إنها عملية إنسانية تعني بالإنسان.
وإن هذه العملية قديمة قدم المخلوقات علي وجه هذه الأرض وهي مستمرة استمرار الحياة علي وجه هذه البسيطة وستبقى مع بقاء الإنسان كانت العملية التربوية ولا تزال مجال اهتمام المجتمعات المتطورة والتقدمية وقد أولت الدول المعاصرة والحضارية عناية خاصة للتربية وخصصت لها المال والجهد وأعدت لها الخبراء والمتخصصين لما لها من أهمية في صنع الإنسان المتطور في المجتمعات العصرية.
ولم تكن العملية التربوية يوم أو ساعة ولكنها عبارة عن تراكمات من الخبرات والسلوكيات التي رضيت عنها الشعوب على مر الزمن.
فبواسطة العملية التربوية عرف الفرد الحقائق الموجودة في العالم وتعلم المهارات التي تفيده في الحياة وبواسطتها نمت قدراته وتشعبت ميوله وحققت رغباته ولهذا جاءت التربية بمفاهيم كثيرة وفسرت بمعان عدة ولكن كل معرف لها لا يعدو أن يخرجها من نطاق الفائدة والتكيف مع الحياة المحيطة في الوقت المحدد والمكان المعين.
إن العملية التربوية ليست حكرا علي أحد ولا هي مهمة إنسان دون آخر كما أنه عملية عامة قد يقوم بها الأب أو الأم أو المدرس أو المدرسة أو السائق أو البائع أو أي مخلوق قد تأهل لذلك: أي مخلوق عرف قيم مجتمعه وتقاليده عرف عاداته وقيمه ونظمه عرف ما هو صالح وغير صالح عرف ما له وما عليه فرجل الدين مربى والمدرس مربي والأب مربي والقائد مربي.
ولأن العملية التربوية عملية تكيفية عملية تكيف مع الحياة والتأقلم مع البيئة المحيطة سواء كانت البيئة الطبيعية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية فهي عملية قديمة قدم هذه الحياة فمنذ وجد الإنسان وهو يدرب أبناءه علي العيش في البيئة والتغلب علي صعاب الحياة وتلك هي العملية التعليمية التي يحافظ بها الإنسان علي بقائه وبالتالي استمراريته.
لقد بدأ الإنسان الحياة منفردا وتزاوج وصار له عائلة وكبرت العائلة فأصبحت عشيرة وتجمعت العشائر وتكونت القبيلة واتحدت القبائل فتكونت الدولة وصار لابد لهذا التراث من ديمومة وكانت ديمومته بالعملية التربوية التي تنقل التراث وتحافظ عليه وتنميه وتطوره وتبقيه علي الدوام واتسعت معاني العملية التربوية باتساع المجتمعات واختلفت باختلاف الأمم وتنوعت بتنوع الأنظمة وتعددت بتعدد المفكرين لهذا صارت مدلولات التربية مختلفة وشاملة وعامة لا تخص فئة واحدة دون الأخرى ولا تقتصر علي أمة دون غيرها ولا هي وليدة زمان دون زمان بل هي عملية استمرارية غير محدودة بزمان أو مكان أو شعب دون شعب.
العملية التربوية إذ عملية هامة لبني البشر وأهميتها تكمن في كونها الطريق المنظم لنقل التراث واستمرار بقائه لكل الأمم.
إن جذور التربية قديمة وفروعها مستحدثة وثمارها تقدمية مستمرة وهي بالتالي شجرة باسقة الطول جذورها في أعماق الأرض وفروعها في أعالي السماء..
التسميات
التربية