دور العلوم الإنسانية في تعزيز القيم والأخلاق البيئية.. تأكيد الأفكار والقيم النبيلة وغرسها في فكر الإنسان وعقله وثقافتة بجعله مواطناً يتميز بالتفاعل الروحي مع مقدسات الوطن



دور العلوم الإنسانية في تعزيز القيم والأخلاق البيئية:

إن الكثير من المشكلات البيئية سببها الرئيس التخلي عن القيم التقليدية المتوارثة والمرتبطة بالتعاليم السماوية، والتقاليد التي تعد الموارد الطبيعية نعماً استخلف عليها الإنسان، ومن واجبه المحافظة عليها، لأن الموارد الطبيعية كافية لتأمين حاجات الإنسان وغيره من الكائنات الحية فيما لو تم توزيعها بشكل عادل وتمت المحافظة عليها، واستغلالها بشكل عقلاني، بعيداً عن الإسراف والهدر.

تسخير موارد الطبيعة للإنسان:

وهذا ما أكدت عليه الكتب السماوية وفي مقدمها القرآن الكريم، الذي بين في آيات كثيرة أن الله سبحانه وتعالى سخر موارد الطبيعة للإنسان، ولكنه نهاه عن إفسادها أو الإسراف فيها، كقوله تعالى: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أُكلُهُ والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابهٍ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) (الأنعام 141).

مساهمة الأخلاق في حماية البيئة والإنسان:

إن عامل الأخلاق مهم جداً في حماية البيئة وحماية الإنسان، وله دور إيجابي فعال جداً في هذا المجال، وقد عزا العالم الروسي (ليغاسوف. ف. أ)، كارثة محطة الطاقة النووية في تشرنوبل، التي وقعت في أوكرانيا في 26 أبريل 1986 م، إلى العامل الأخلاقي، وقال بما معناه: إن التكنولوجيا التي يفخر بها الشعب السوفييتي، التي أدت إلى طيران يوري غاغارين في أول مركبة فضائية صنعها بشر تربوا على أفكار تولستوي وديستوفسكي.

ويتابع إن الذين صنعوا تلك التقنية تربوا على أعظم الأفكار الإنسانية، وتجلت مشاعرهم الأخلاقية النبيلة في كل شيء، في علاقة الصديق بصديقه، وعلاقة الإنسان بواجباته، وعلاقته بالتكنولوجيا التي كانت بمثابة التعبير عن أخلاقهم ومبادئهم.
ومن الواضح أن ليغاسوف يحمل الإهمال وتراجع الإحساس بالمسؤولية، والفساد الأخلاقي مسؤولية الكارثة أكثر مما يحملها للجانب التقني.

تربية الجيل الصاعد:

وإذا كان هذا ما يقوله ليغاسوف عن الأدب وتولستوي، فإن تولستوي نفسه كان يكن احتراماً كبيراً للتاريخ العربي والأدب والثقافة العربية، ومعجباً بها، وكان يرى أن تربية الجيل الصاعد تتعذر في حالة فقدان كل ما هو قيم حقاً مما ادخرته الشعوب في بحثها عن أصول التعامل الخلقية، وفي موقف بعضها من بعض ومن البيئة.
وإذا كانت البيئة لا تعني المكان فقط أو الإنسان بشكل مجرد، وإنما تعني المكان والإنسان، أي أنها تعني الوطن والمواطن، وحماية البيئة هي حماية للوطن ومقدراته ومكوناته وموارده المختلفة.

تأكيد الأفكار والقيم النبيلة:

والعلوم الإنسانية مطالبة بتأكيد الأفكار والقيم النبيلة المستوحاة من التاريخ العربي والإسلامي العظيم، تاريخ الرسل والأنبياء والخلفاء الراشدين والقادة العظماء، لأن التأكيد على هذه المبادئ والقيم النبيلة وغرسها في فكر الإنسان وعقله وثقافتة، هو الذي يجعل هذا الإنسان مواطناً يتميز بالتفاعل الروحي مع مقدسات الوطن التي تشمل البشر والحجر (وهذه هي مكونات البيئة).