الأهداف التربوية عند كارل روجرس.. تحقيق تغيرات تكون لها دلالة على مستوى سلوك الفرد والانطلاق من مبادرات الطالب الشخصية ومشاركة المتعلم في تحديد أهداف العملية التعليمية التعلمية



الواقع أنه من الصعب البحث عن الأهداف التربوية في ظل النظريات الشخصانية دون اعتماد عالم النفس الأمريكي روجرس كمرجع أساسي للكشف عن هذه الأهداف وعن مفهومه لما يسميه بالتعلم الخبراتي (L’apprentissage expérientiel) فبالنسبة لهذا النوع من التعلم، يقدم روجرس في كتابه الذي نشره سنة (1975) "Liberté pour apprendre" المميزات الرئيسية لهذا التعلم ويحددها كما يلي:

- يعتبر التعلم الخبراتي بالدرجة الأولى التزاما شخصيا تنغمس فيه الشخصية بكاملها.
- يقوم هذا التعلم على مبادرات الطالب.
- يتجه هذا التعلم نحو أعماق الطالب، ويغير شخصيته وسلوكاته واتجاهاته.

- توجد في الكائن الإنساني قدرة طبيعية على التعلم، ولديه رغبة في تطوير ذاته بشكل كبير ولمدة تكون أطول، ما لم تستطع تجارب النظام المدرسي تدمير هذه الرغبة.

- يحدث التعلم الصحيح عندما يدرك المتعلم، وجود تلاؤم بين المعارف التي يجب اكتسابها وموضوع التعلم.

- كل تعلم يؤدي إلى تغير في منظومة الذات أو في إدراك الأنا، يُحدث شعورا بالتهديد ومن ثمة نميل إلى مقاومته.

- يُدرك وُيستوعب موضوع التعلم، كلما تقلصت درجة التهديدات الخارجية إلى أقصى الحدود.

- عندما يكون تهديد الأنا ضعيفا، يصبح من الممكن إدراك التجربة المعاشة من زاوية أخرى وهو ما يسمح بحدوث التعلم.

- إن النشاط يسهل التعلم الذي له دلالة ومعنى، فنحن غالبا ما نفهم الأشياء ونحتفظ بها من خلال ممارستها، ونبقى متأثرين بهذه التعلم.

- كلما كان المتعلم يمتلك جزءا من المسؤولية عن التعلم، كلما صار التعلم أكثر سهولة؛ فالتعلم يبلغ أقصى مداه عندما يقوم المتعلم بتحديد مشكلاته الخاصة، وباختبار موارد حلولها بنفسه وكلما تحكم هذا المتعلم في الخطوات التي يجب اتباعها وتقبل نتائج اختياراته.

- إن التعليم الذي يقرر فيه الشخص مصيره بنفسه، والذي يشمل الشخص- من كل جوانبه الوجدانية والمعرفية على حد سواء- هو تعليم يلج الأعماق، ويمكن بالتالي الإحتفاظ به لمدة طويلة.

- يكتسب الطالب أكبر قدر من الإستقلالية في الفكر وفي الإبداع وفي الثقة بالنفس،  إذا ما أصبح يؤمن بأن النقد والتقويم الذاتيين أمران أساسيان، ويؤمن أيضا بأن تقويمات الآخرين ليست سوى أمورا ثانوية.

- يعد تعلم آليات التعلم الموجودة في العالم المعاصر من الأنواع الأكثر فائدة من الناحية الإجتماعية، وينبغي أن نتعلم كيف نبقى متفتحين على الخبرة الذاتية، وكيف نستبطن عملية التغير.  

انطلاقا من هذه المميزات التي وضعها روجرس، يمكن القول إن أهداف التربية عند أصحاب التيار الشخصاني، تتلخص فيما يلي: 
1- تحقيق تغيرات تكون لها دلالة على مستوى سلوك الفرد؛ فالهدف التربوي ينبغي أن يحمل معنى بالنسبة للمتعلم.

2- جعل كل تعلم ينطلق من مبادرات الطالب الشخصية؛ فالإستقلالية في اختيار الأهداف أو بالأحرى مشاركة المتعلم في تحديد أهداف العملية التعليمية/ التعلمية، من العوامل الأساسية التي تساعد على تحقيق الهدف التربوي.

3- جعل المتعلم قادرا على إدراك التلاؤم بين المعرفة التي يجب اكتسابها وموضوع التعلم.
4- تغيير الفرد من العمق.
5- الوصول بالمتعلم إلى تعليم نفسه بنفسه بكل حرية.