السفينة وركوب البحر في الشعر الجاهلي.. تشبيه طرفة بن العبد في معلقته هودج الحبيبة وهي ترحل بالسفن العظام التي تمخر عباب البحر



السفينة وركوب البحر في الشعر الجاهلي:

أول ما يطالعنا مـن حيـاة البحـر في الشعر الجاهلي، وصفهم السفينة (وهي عدة البحر الرئيسة)، وقد ارتبط وصفهم للسفينة بظعائن الحبيبة الراحلة.

هودج الحبيبة:

فطرفة بن العبد في معلقته يشبه لنا هودج الحبيبة، وهي ترحل، بالسفن العظام التي تمخر عباب البحر، بيد ملاحها الماهر، يحركها كيفما شاء، يقول:
كأن حدوج المالكية غدوة
خلايا سفين بالنواصف من دَدِ
عدولية أو من سفين ابن يامن
يجور بها الملاح طورا ويهتدي
فصورة السفن في البحر صورة جديدة بعيدة عن حياة الصحراء، التقطتها عينا طرفة عن كثب، وليست هي عين الخيال المحض الذي سمع به، وروي له عنه.

العيش في بيئة بحرية:

وانظر إلى هذا التشخيص الذي لجأ إليه في وصف سفينته، فهو لم يكتف بوصفها دون إعطائنا فكرة عن نوعها، فسفينته عدولية، أو هي من سفن ابن يامن، ولجوء طرفه لتحديد الأماكن وأسماء الأشخاص لتعيين هوية سفينته في الصنع دليل على أن طرفة عاش حياة البحر، وعرف عن هذين النوعين من السفن، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا: انه ركب البحر، وعرف مزايا كل منهما. لأن عيشته القريبة من البحر، وتردده على البحرين يؤكد ما نذهب إليه.
ولا نتوقع أيضا أن تقوم هناك صناعة للسفن، مهما كان نوعها في فترة زمنية قصيرة، بل لا بد أنها مرت بمراحل تطور حتى صارت صناعة السفن، والإبحار بها شيئا مألوفا.