أسباب تسرب بقايا الأرواحية إلى الإسلام في السنغال.. غياب سلطة زمنية ساهم في بقاء ممارسات وعقليات متأثرة بعادات وتقاليد المجتمع الأرواحي



لسنا بصدد التعريف بالإسلام، فلذلك مظانه، وما القصد سوى التعرض لبعض المعتقدات والممارسات التي التصقت بالدين الإسلامي في السنغال، وقد جاءت حلّها من المجتمع التقليدي.

ويبدو أن كثيراً ممن ليسوا من أهل الدراية لا يميزون بين العناصر الدخيلة على الإسلام  وبين غيرها لشدة التفاعل والتمازج بينها.

وقد يعود سبب تسرب تلك العناصر الأجنبية إلى الإسلام إلى عوامل عديدة ائتلفت وتشابكت بعضها مع بعض على مرور الزمن:
من ذلك: طبيعة الدعوة الإسلامية والظروف الموضوعية التي رافقتها، وطبيعة أرضية المنطلق وظروفها فرضت على الدعاة التكيف معها.

ومعلوم أن هذا الدين انتشر بالطرق السلمية، حيث لم تكن بحوزة العاملين في هذا الحقل قوة مادية زاجرة أو رادعة تمكن من فرض احترام حدود الإسلام في مجتمع حديث عهد به، وتحميه من انحراف المحرفين، وتصبغ الحياة الاجتماعية بالصبغة الإسلامية، وذلك تحت رعاية سلطة إسلامية.

بينما نعرف تاريخيًّا أن انتشار الإسلام تم في عدد من المناطق عن طريق تجار أفارقة، وبرابرة،  وعرب قدموا لبلاد الأرواحيين من أجل عرض بضائعهم للبيع، فليس من شأن هؤلاء أن يفرضوا على من يدعونهم لدينهم قواعد وتصرفات قد يجدون فيها حرجاً لاختلافها مع ما ألفوه من قبل، خصوصاً وأن التجار المسلمين لا يملكون قوةً سوى إيمانهم.

وأما الصنف الثاني من الدعاة، فليسوا أحسن حالاً من سابقيهم وهذه الفئة تتألف من أشخاص كانوا يفدون على بلاد السنغال للعيش لدى الأمراء الأرواحيين، فهم شيوخ مجردون من كل سلاح عدا إيمانهم، فليس من شأن هؤلاء كذلك أن يفرضوا على أولئك الذين يسلمون على أيديهم تطبيق الدين الجديد يحذافيره، ودون مراعاة لشعور الأمراء ومعطيات الوضع الاجتماعي العام والسياسي للإمارات.

فغياب أية سلطة زمنية ترعى الإسلام وتدخل على النفوس هيبته، وتحمي حماه حينما يتعرض للتحريف ساهم إلى حدّ بعيد في ظهور - أو على الأصح  في بقاء - ممارسات وعقليات متأثرة بعادات وتقاليد المجتمع الأرواحي إلى درجة أن اندمج بعضها في الإسلام حتى أصبح وكأنه جزء منه.

ولقد حاول زعماء مسلمون من السنغال تصحيح الوضع عن طريق نشر التعليم الإسلامي الصحيح، وذلك بدءاً بتأسيس دول وممالك إسلامية تنهض بعبء تبصير الرعايا بالإسلام السليم من الشوائب، سواء بين المجتمعات المسلمة التي حادت عن النهج الصحيح بسبب الجهل والانعزال عن العالم الإسلامي، أو بين الجماعات التي لم تعتنق الإسلام. وربما تدخل حرب الحاج عمر الفوتي ضد "ماسينا" المسلمة في هذا الإطار.

قد يندهش دارس الإسلام في السنغال وفي غيره من أقطار غربي أفريقيا لوجود كثير من العناصر الغربية عنه والتي تسريت إليه من بقايا معتقدات عهد الأرواحية!