المدرسة الفرنسية والأمريكية في الأدب المقارن.. دراسة العلاقات بين الآداب القومية المختلفة. دراسة الأدب من منظور عالمي



المدرسة الفرنسية والأمريكية في الأدب المقارن:

كان النقد الجذري الذي وجهه رينيه ويليك إلى دراسات التأثير والتأثر وإلى مايعرف بالمدرسة الفرنسية في الأدب المقارن إيذاناً بولادة مدرسة مقارنة جديدة، باتت تعرف بالمدرسة "الأمريكية".
تمثل المدرسة الفرنسية والمدرسة الأمريكية أهم اتجاهين في الأدب المقارن، وقد نشأت كل منهما في ظروف تاريخية وثقافية مختلفة، مما أدى إلى اختلافات في فلسفتها ومناهجها.

المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن:

ظهرت المدرسة الفرنسية في فرنسا في أوائل القرن التاسع عشر، وتعتبر مؤسسها هو أبيل فيلمان (1757-1830)، الذي استخدم مصطلح "الأدب المقارن" لأول مرة في كتابه "تاريخ القرن الثامن عشر". تركز المدرسة الفرنسية على دراسة العلاقات بين الآداب القومية المختلفة، وخاصةً من حيث التأثر والتأثير. وتعتمد في ذلك على المنهج التاريخي، الذي يبحث في الظروف التاريخية والثقافية التي أدت إلى انتقال الأفكار والموضوعات من أدب إلى آخر.

من أهم رواد المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن:

- إميل دوركايم (1858-1917):

مؤسس علم الاجتماع الحديث، وقد ساهم في تطوير مناهج الدراسة المقارنة في الأدب.

- جورج سانت بوف (1824-1904):

أحد مؤسسي مجلة "الأدب المقارن" التي تعد من أهم المجلات المتخصصة في هذا المجال.

- بول فيال (1860-1931):

من أبرز علماء الأدب المقارن في القرن العشرين، وقد أسس معهد الدراسات الأدبية المقارن في باريس.

المدرسة الأمريكية في الأدب المقارن:

ظهرت المدرسة الأمريكية في الولايات المتحدة في منتصف القرن العشرين، ويعتبر مؤسسها هو رينيه ويليك (1905-1976)، الذي انتقد المدرسة الفرنسية لأنها تركز بشكل كبير على المنهج التاريخي، مما يؤدي إلى إهمال العوامل الأدبية والفنية في الدراسة المقارنة.
تركز المدرسة الأمريكية على دراسة الأدب من منظور عالمي، وتربط بين الآداب المختلفة من خلال الأفكار والموضوعات المشتركة. وتعتمد على المناهج النقدية الحديثة، التي تركز على دراسة النص الأدبي في حد ذاته.

من أهم رواد المدرسة الأمريكية في الأدب المقارن:

- رينيه ويليك:

مؤسس المدرسة الأمريكية، ومؤلف كتاب "الأدب المقارن: دراسة في النظرية والتطبيق".

- روني ويلك:

أحد أبرز تلاميذ رينيه ويليك، ومؤلف كتاب "الأدب المقارن: نظرية وتطبيق".

- هارولد بلوم:

أحد أبرز علماء الأدب في القرن العشرين، وقد ساهم في تطوير مناهج الدراسة المقارنة في الأدب.

الاختلافات بين المدرستين:

يمكن تلخيص أهم الاختلافات بين المدرستين الفرنسية والأمريكية في الآتي:

- التركيز:

تركز المدرسة الفرنسية على دراسة العلاقات بين الآداب القومية، بينما تركز المدرسة الأمريكية على دراسة الأدب من منظور عالمي.

- المنهج:

تعتمد المدرسة الفرنسية على المنهج التاريخي، بينما تعتمد المدرسة الأمريكية على المناهج النقدية الحديثة.

- الاهتمام:

تهتم المدرسة الفرنسية بالعوامل التاريخية والثقافية، بينما تهتم المدرسة الأمريكية بالعوامل الأدبية والفنية.

الخاتمة:

لقد ساهمت كل من المدرسة الفرنسية والمدرسة الأمريكية في تطوير الأدب المقارن، وفتحا آفاقًا جديدة أمام هذا التخصص. ومع ذلك، فإن كل منهما لها نقاط قوتها ونقاط ضعفها، مما يتطلب من الباحثين التمييز بينهما واختيار المنهج المناسب لدراسة موضوع معين.