تحليل النظام المكاني (الطباعي) عند تزفيتان تودوروف.. توزيع القصيدة طباعياً يشير إلى انبثاق بعض الكلمات التي يسهم هذا التوزيع بطبعها بشحنة شعرية

حلل (تودوروف) رواية (الصلات الخطرة) لبيير لاكلو P.Laclos، و(الديكاميرون) لبوكاش G.Boccace.

فاهتم بتحليل النظام المكاني (الطباعي) حيث ميّز كتابة النص في فضاء الصفحة، وتحرى الطباعة التي زينها رسماً أبولينير Apollinaire، والنظام القائم على التوازي والتوازن، ذلك أن توزيع القصيدة طباعياً يشير إلى انبثاق بعض الكلمات التي يسهم هذا التوزيع بطبعها بشحنة شعرية.

وهذه التحليلات الموجزة بينت حدود الإنشائية البنيوية.
وهذه الحدود فجرت قضايا جديدة في البحث والدرس الأدبي.

لقد حوّل تودوروف، الشغوف ببياف ومونطاند أكثر من شغفه بسارتر وبارت اللذين يجهل عنهما تقريباً كلّ شيء، شغفه هذا إلى مهنة يبحث فيها عن كيف يُصنع الأدب، وليس ما يقوله، لكن كيف يتكوّن.

وقد أتاح له الشكلانيون الرّوس أمثال شكلوفسكي وتوماشوفسكي أو بروب، الذين خصّص لهم كتابه الأوّل “نظرية الأدب” (سوي، 1965)، أن يكشف كلّ أسرار الروايات المهمّة.

وقد أصبح جيرار جنيت الذي التقاه بالسوربون شريكه، فقدّمه إلى مجموعة “تيل كيل” التي كان يسيّرها مارسولان بلاينـت وفيليب سولورز ونشرا أعماله.

ولما كان تودوروف متأثّراً بـ بينفينيست وياكوبسن وبارت، فإنه قد حوّل اهتمامه إلى السيميولوجيا، وهي العلم الذي يفترض أن الكلام ما هو إلا مجموعة علامات، فقد حلّل التقنيات السردية وبناء الجمل والقواعد النحوية بدل تحليل المعنى أو الحسّ الأخلاقي للأعمال الأدبية (الشعرية، 1968).

تلك كانت أهمّ مراحل البنيوية التي يتمّ فيها البحث عن المعنى الخفي لرموز وعلامات وبنيات الكتابة أو النظم القريبة منها.

أما أطروحته للسلك الثالث التي نوقشت سنة 1966، فقد درس فيها ما قدمه اختيار الشكل الحواري للعلاقات الخطيرة لكودرلوس دي لاكلوس (1741-1803) Choderlos de Laclos.

لقد سُحر تزفيتان تودوروف بصوت رولان بارت في كتابه الغرفة المضيئة (غاليمار، 1980)، حيث يكتب هذا الأستاذ المشهور بـ “كوليج دو فرانس” عشرين صفحة عن عواطف نادرة حول موت أمّه، والتقى به باستمرار خلال عشاءات منتظمة رفقة سوليرز ودريدا، فأصبحت دراساته الرسمية حول أنواع وسجلات الكتابة بسرعة بمثابة كتابات كلاسيكية كـ “مدخل إلى الأدب العجائبي (سوي، “بوان”، 2015)، أو معجمه الموسوعي لعلوم اللغة (1972)، والذي ألّفه رفقة أوسفالد ديكرو.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال