السلاسل الجبلية في كردستان.. آرارات. كيلة شين. جولة ميرك. زاغروس. طوروس الشمالي والأوسط والجنوبي الأرمني



تبدوالجبال الواقعة بين آرارات وقمة كيلة شين وكأنها تسند هضبة أرمينيا فوق بلاد فارس. فأذا ما قارنا التجمعين اللذين تلتقي فيهما مياه أرمينيا من جهة ومياه أذربيجان من جهة أخرى ، رأينا مستوى بحيرة وان (1220 متراً) وفي النتيجة فان الجبال الكوردية هي (كمحور يقطع المحور اللوزي عرضاً) في بحيرة أورومية ، كما هو الأمر بالنسبة لسلاسل البرز بالقياس الى بحر قزوين . ولكن هذه المعادلات القاسية ليست متماثلة دوماً. أن أختلاف المستوى في الحالة الاولى يبلغ 1100متر ( قزوين – السهول الأيرانية ) بينما حوالي 450 متراً في الحالة الثانية (وان – أورومية) ومهما كان الأمر، فأن هذه السلسلة في كوردستان الجنوبية ليست الى حاجزاً لايمكن اجتيازه عندما نحاول ذلك من جهة تركيا . فالقمم جداً عالية وهي مغطاة بالثلوج في معظم فصول السنة ، كتلة من الصخور البلورية ترتفع لتصل الى مدى 4400 متر نتيجة ارتطامها بغيرها وتهيمن كوردستان على بلاد ما بين النهرين في انحدارات جبالها الوعرة وفي اشكالها الغريبة ومواقعها البعيدة المنال مع اختلاف متقارب في الارتفاع قريب من ثلاثة الاف متر1. اذاً ، تشكل الجبال الكوردية بين آرارات وجولة ميرك حدوداً لبلاد جداً مرتفعة، وهي أرمينيا قياساً لمنطقة اكثر انخفاضاً منها وهي اذربيجان. وفي جنوب جولة مرك نجد
على العكس سهول فارس التي تحملها الجبال الكوردية وتقع فوق سهول آشور، ويتميز حوض بحيرة اورومية بارتفاعاته الاتية: مياندواب 1280 متراً، ساوجبلاق (مهاباد) 1300 متر، أشنوأو شنو 1400 متر، أورومية 1320 متر، بحيرة أورومية 1220 متراً. والجبال التي تفصل حوض بحيرة وان وأورومية ليست لها تسمية مشتركة. وتعرف الجبال المتدة الى بلادما بين النهرين بأسم زاغروس.
وأذا رجعنا صوب الأسكندرونة تبين لنا بعد ان نقطع مسافة قليلة منها كيف تبدأ سلسلة الأنتي طوروس التي تشكل حداً لتوزيع المياه بين البحر الأسود وبلاد ما بين النهرين. فهذه السلسلة تتجه في مجموعها صوب الشمال الشرقي في فروع ثلاثة:
طوروس الشمالي والأوسط والجنوبي الأرمني .
وتبدأ السلسلة الثانية من الجبال من نقطة مسيرتها في جنوبي شرقي الأسكندرونة، وهي تعمل على تطويل جبال سوريا الشمالية. وهي تعمل على تطويل جبال سوريا الشمالية. وتحمل هذه السلسلة تسمية طوروس وتتجه بوجه خاص نحو الشرق ، وعندما تصل الى بحيرة وان يتجه احد فروعها صوب الشمال بينما يدور الثاني حول البحيرة في الجنوب . وفي الشرق يلتقي بالحدود الأيرانية بالقرب من كوندور ، وفي شرقي بحيرة وان تفصل هذه السلسلة حوضها من اعالي مجرى الزاب الاعلى . ويتشعب الفرع الشرقي من طوروس من جديد بأتجاه الجنوب ويلتقيان بقبضات جبارة حول حوض اعالي دجلة مجتازين مسالك باتجاه الجنوب الشرقي . ويجتاز نهر دجلة مسافة اقصر بكثير من الفرات ، قبل ان يصل الى السهول ، ولكن بالقابل يستحق الاسم الذي اطلقه عليه الأقدمون فيسقط كالنبال من اعلى القمم التي تغذي مجراه ، وينتصب في الجانب الأيسر من دجلة جبل الجودي الذي رست عليه سفينة نوح . أما جبال جولة ميرك فأنها أكثر ارتفاعاً وهي تحيط بالمصب الشمالي لدجلة نهر الزاب الأعلى ( الذي لايشكل جزءاً من المجرى الأعلى لدجلة ، بل يصب في مجراها الأوسط ) وقمم هذه الجبال تصل الى ارتفاع اربعة عشر الف قدم (ويصل ارتفاع آرارات الكبير الى 17000 قدم).  أما السهول والوديان فتتكون من صخور أقل مقاومة ، وأهمها سهل شهرزور ورانية .أما المنطقة المتموجة فهي أمتداد نحو الجنوب والجنوب الغربي للمنطقة الجبلية العالية المتاخمة لها وتتكون من سلسلة جبلية او تلال واطئة منخفضة متقطعة تفصلها سهول وأحواض تنتهي في الجنوب او الجنوب الغربي بمرتفعات جبل حمرين وأمتداده جبل مكحول .
وتتلاشى هذه الأراضي المتموجة في منطقة الجزيرة الشمالية ماعدا بعض المرتفعات القائمة بصورة منفردة مثل مرتفعات (سنجار) ومن أشهر سهول المنطقة سهول (كركوك وأربيل ومخمور وخانقين ومندلي وبدرة وجصان) التي أشتهرت بزراعة الحبوب وخاصة القمح والشعير معتمدة على الأمطار الشتوية وفي هذه المناطق عاش أنسان العصور الحجرية ففي سفوح هذه المرتفعات كما بينا ظهرت أولى القرى الزراعية وتدجين الحيوان وذلك في حدود الألف التاسع قبل الميلاد ونشأت أولى المستوطنات الزراعية في اطراف مدينة كركوك والموصل وغيرها ، وعلى شواطئ النهرين العظيمين دجلة والفرات وروافدهما نشأت وتطورت أولى المدن والمراكز الحضارية .
وكان أهتداء الانسان للزراعة في حدود الألف التاسع قبل الميلاد يمثل ذلك أول ثورة أقتصادية قام بها الأنسان ، حيث أنتقل بواسطتها من حياة جمع القوت الى انتاج القوت
 وكانت الزراعة في بدايتها وأصلها بسيطة تعتمد على خصوبة التربة متى نفذت أنتقل الى غيرها .وكان أعتماد الأنسان أول الأمر على مياه الأمطار فقط كما كانت الزراعة محدودة وللأكتفاء الذاتي وأستخدمت فيها الأت وأدوات زراعية بسيطة مصنوعة من الحجر عادة والخشب والعظم احياناً .
 وبعد ان أستقر الأنسان في القرى بدأ يتعلم وسائل الري الأصطناعية ووسع من أراضيه الزراعية وأصبح ينتج أكثر من حاجته الذاتية فبداً يقايضه مع أخيه الانسان ، وكانت هذه بوادر التجارة وطلائع التخصص في العمل ومنهم أنتقلت الى جميع بقاع الارض .ونمت في أرض كوردستان أنواع الغلال والمحاصيل الحقلية مثل الحبوب على أختلافها واشجار الجوز والبلوط والفستق واللوز والتين والتفاح والكمثرى والعنب وغيرها.