كوردستان عبر التاريخ ورسو سفينة نوح على جبل الجودي



لموقع كوردستان في مسيرة الأنسانية مكان موغل في القدم، بدأ منذ ان أنحسر الطوفان واستوت سفينة نوح على جبل الجودي، وهذا سار ذكره عند الأقدمين كما أكدت الآية (9) من سورة هود من القرأن الكريم، وأوضحت التنقيبات الحديثة معالمه عندما وجدت بقايا ما يسمى أنسان (نيادرتال) في كهف شانيدر في كوردستان الجنوبية.
ولو تم متابعة التنقي ، ستكشف عن بقايا أثرية في أماكن أخرى في أرض كوردستان وقد ترجع الى أزمنة اقدم.
ففي أرضه ظهرت عبادة الألهة المقيمة في السماء ومن أرضهم خرج النبي (ابراهيم) عليه السلام.
وأن الأدلة المتوفرة من دراسة الأثار والتأريخ التي تؤيد أن الأنسان في كوردستان أحتفظ بنشاطه وهويته منذ أقدم الأزمنة، وصمد لما تجاه المحن والشدائد.
 اذ كان تنوع الأحداث في طبيعتها وقوتها قد أنعكست على تأريخه فعاش في حقب حية مزدهره، وأخرى خامدة مظلمة، فأن الثابت في كل هذه المسيرة هو أن مزروعاته لم تذو، ومساكنه لم تقفر، وجذوة الحياة في أهله لم تنطفئ ، وأفاق نظرهم لم تتبدل ، ومثلهم لم تندفن ونسيجهم الأجتماعي لم يتفتت وعاداتهم وتقاليدهم وفلكلورهم بقي حيا على مر الزمان والقرون وحافظ على نسيجه الأجتماعي وثقافته التي حققت الثورة الزراعية التي برهنت على انها أعظم ثورة أنسانية في التاريخ.
وقد مرت عليهم في تأريخهم الطويل حقب وسنوات قيدت فيها حريتهم وحُددٌ نشاطهم فركدوا ولكنهم لم يموتوا، وغزته ثقافات ومثل غريبة عنه وكان بعض هذه القوى والثقافات مدعوما بجيوش مقاتلة وأسلحة فتاكة محرمة دوليا غير ان أياً منهم لم يفلح في تبديل سمته أو قلب مساره أو طمس هويته القومية ولم تتمكن الأقوام الأسكيتية المتدفقة من الشمال ولا القبائل السامية الأتية من الجنوب ولا أصحاب الأصول الهلينية الزاحفة من الغرب الأستيلاء كلياً على التضاريس والثقافة الكوردية أو بسط نفوذها على البنى الثقافية فيها.
والكورد شعب وهذه حقيقة، وأن كوردستان هي حقيقة تأريخية ولا مهرب من مواجهتها بغية تصحيح المسار التأريخي والأحداثيات الجغرافية ولكن بحكم موقعها الجيوساسي الواقع بين ثلاثة مراكز للقوى في الشرق الأوسط ، لعبت سياسات الأمم المناقبية المفرطة، دورا جليا ومأساويا في جعله في خانة البدون أو (ما دون شرف التسمية بالاسم).
لكن التأريخ الذي همشوا خلاله لم تهمشهم أحداثه لأنهم كانوا في متن مفاصله وأن الجغرافيا تفصح أكثر فأكثر عن حضورهم وفعاليتهم، وما كان يغيب بأستمرار ويتم تجاهله والتقليل من شانه لم يعد مقبولاً الأن خصوصا بعد حرب الخليج وتغيير النظام، حيث بدأ الكورد مؤثرين باكثر من معنى في المنطقة وخارجها، ومن الصعب التصور أنهم سينحدرون تدريجيا مرة أخرى الى الظلام النسبي (الذي ساد في منتصف هذا القرن)، ليس كأمة ملتحمة ومتماسكة فقط ولكن كمجموعة عرقية ليس من الممكن تجاهلها أكثر من ذلك.