أزمة صائفة 1962 في الجزائر بين رفاق الثورة.. تحويل جبهة التحرير الوطني إلى حزب وانتخاب مكتب سياسي وإنشاء مجلس تأسيسي عن طريق الانتخابات بعد تقرير المصير



أزمة صائفة 1962 في الجزائر بين رفاق الثورة:

حينما كانت الهيئة التنفيذية المؤقتة تواجه المنظمة العسكرية و مشاكل الهجرة وانسحاب الجيش الفرنسي وقع خلاف بين الحكومة المؤقتة بقيادة بن يوسف بن خدة و قيادة الأركان, أدى ببن خدة إلى مغادرة طرابلس في 07 جوان 1962 متوجها إلى تونس قبل انتهاء أشغال دورة المجلس الوطني للثورة الجزائرية والذي  كان جدول أعماله يتمحور حول تحويل الجبهة إلى حزب و انتخاب مكتب سياسي.

تقرير المصير:

وقد توصل المجلس إلى وضع هياكل للحزب وإنشاء مجلس تأسيسي عن طريق الانتخابات بعد تقرير المصير يتولى إعداد دستور للبلاد، التشريع باسم الشعب و تعين الحكومة.

وخلال مناقشات المجلس أصدر قادة الولايات بيان يطالبون فيه باستقالة بن خدة الذي بقي يعتبر حكومته ممثلة للشعب لعدم تمكن المجلس الإطاحة بها رغم تعرضها الانتقادات اللاذعة.

فضلا عن كونه لم يقترح لعضوية المكتب السياسي مع أنه كان المفوض من المجلس للتفاوض مع فرنسا باسم الجبهة والشعب الجزائري.

حل قيادة الأركان:

وعلى إثر ذلك أصدرت الحكومة في 28 جوان قرارها بحل قيادة الأركان وعزل العقيد هواري بومدين والرائد منجلي وسليمان.

فكان هذا القرار من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة لأن الظروف قد أمالت كفة القوة المادية، الأمر الذي تفطنت له جماعة بن بلة و الذي عارض القرار و أيدته هيئة لأركان الغرب في وجدة.

إذ بمجرد صدور القرار بعزل قادة أركان الجيش وجدت الحكومة نفسها معزولة ولا تملك أية سلطة فعلية  هذا ما يبرر عجزها بعد دخولها العاصمة في 03 جويلية على قيادتها للجهاز الإداري.
وقد تضاعفت الأزمة على إثر إنشاء المكتب السياسي في تلمسان بتاريخ 22-07-1962 و رفضته الحكومة المؤقتة.

تأجيل الانتخابات:

دخل بن بلة العاصمة في 03 أوت 62 و معه أعضاء المكتب السياسي ثم أجلت الانتخابات بسبب الموقف العسكري للولاية الرابعة، الأمر الذي دفع ببن بلة إصدار أوامر للقوات المؤيدة له بالسير نحو العاصمة في 03 سبتمبر.

تلا ذلك مباشرة اتفاق  بين المكتب السياسي والولايتين الثالثة والرابعة يقضي بوقف النار في 03 -09 و نزع السلاح من العاصمة وتنظيم انتخابات في أقرب الآجال وهو ما حدد فعلا في 20-09-62, بعد دخول بومدين العاصمة.

فتولى المجلس الـتأسيسي مهامه بعد أن نقلت الهيئة التنفيذية المؤقتة سلطتها له.
وتم على إثر ذلك تعين أول حكومة جزائرية عادية برئاسة أحمد بن بلة التي نالت ثقة المجلس بعد تسعة أيام من الانتخابات.

صلاحيات المجلس التأسيسي:

فعادت المشروعية المتنازع عنها مند مؤتمر طرابلس إلى المجلس التأسيسي والحكومة إلى جانب إعداد و التصويت على الدستور.

كما أعطيت للمجلس التأسيسي سلطة التشريع، فأصبح هو صاحب الاختصاص في التشريع وبدون قيود سواء بتعديل أو إلغاء النصوص السابقة أو بسن ما يراه ضروري للسير الحسن لمؤسسات و أجهزة الدولة.

لكن الممارسة أثبتت العكس بحيث أن هياكل المجلس لم تتمكن من القيام بمهامها خاصة اللجان تأجيل أشغالها بسبب عدم وصول الإستدعاءات وتغيب الوزراء على اجتماعاتها.

بين الليبيراليين والاشتراكيين:

في الحقيقة أن الاعتماد على الأدوات القانونية الكلاسيكية لا تمكننا من معرفة أسباب هذا الضعف ذلك أن النظام السياسي الجزائري في هذه المرحلة كان يتميز باتجاهين رئيسين:
أحدهما ليبرالي بقيادة فرحات عباس و أيت أحمد و الثاني متأثر بالأفكار الاشتراكية التي جعلت من الحزب القائد والموجه والمحدد لاختيارات البلاد بزعامة أحمد بن بلة والمكتب السياسي.