حكم ذبح الأضحية.. سنة مؤكدة غير واجبة لأن المراد أنك تصلي لله ويكون ذبحك لله وليس أمر بوجوب الأضحية



حكم ذبح الأضحية:

ذهب جمهور العلماء، ومنهم الشافعية والحنابلة وهو أرجح القولين عند مالك وإحدى الروايتين عن أبي يوسف إلى أن الأضحية سنة مؤكدة، وهذا قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وغيرهما من بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ودليلهم قوله صلى الله عليه وسلم "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحيّ فلا يمسّ من شعره شيئاً حتى يضحي"[1].

سنة مؤكدة غير واجبة:

وفي هذا دليل على أنها غير واجبة وإلاّ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم (وأراد) لأنه جعل ذلك راجعاً إلى إرادة الإنسان، فدلّ ذلك على مشروعيتها وأنه لا ينبغي للإنسان المسلم أن يترك هذه الشعيرة العظيمة، وقد دلّت على ذلك أحاديث أُخر، ومنها انه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتركها من يوم أن شرعت حتىّ مات.

وهذا لمزيد اهتمامه بها، ولكن ذلك الاهتمام لا يدلّ على الوجوب وإلاّ لألحق الإثم بتاركها، وأيضاً كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يتركانها السنة والسنتين أي لا يضحيان السنة والسنتين حتىّ لا يعتقد الناس أنها واجبة، وهذا الصنيع منهما يدلّ أنهما علما من النبي صلى الله عليه وسلم عدم الوجوب، بل إنها متأكدة السنية، فينبغي للمسلم ألاّ يتركها بحال، بل يُكره تركها مع القدرة عليها.

أدلة وجوب الأضحية:

وقال بعض العلماء أنها واجبة، وهو قول أبي حنيفة وقول شيخ الإسلام، ودليلهم في ذلك:
1- قوله تعالى "فصل لربك وانحر"[2]. وقالوا أن مطلق الأمر للوجوب.
ويُجاب عن ذلك بأن المراد أنك تصلي لله ويكون ذبحك لله، وليس أمر بوجوب الأضحية.

2- قوله صلى الله عليه وسلم "من ذبح قبل الصلاة فليعد مكانها أخرى".
قالوا: هنا أمر والأمر يقتضي الوجوب.
ويُجاب عن ذلك بأنه قد يكون هذا الذي ذبح قد نذرها أو عينها فتعينت، وعندما ذبحها قبل الصلاة وجب علبه إعادتها لأنه هو أوجبها على نفسه، أو يُقال بأن الأمر معروف للاستحباب والصارف له عن الوجوب قرائن كقوله صلى الله عليه وسلم "إذا أراد أحدكم أن يضحي..".

3- قوله صلى الله عليه وسلم "من كان له سعة ولم يضح فلا يقربنّ مصلانا"[3].
ويجاب عن ذلك بأن الذي عنده سعة يضحي ومن ليس عنده سعة فلا أضحية عليه، بل ويصرف هذا الحديث عن الوجوب إلى الاستحباب قوله صلى الله عليه وسلم "غسل الجمعة واجب على كل محتلم".

وقوله صلى الله عليه وسلم "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنّ مصلاّنا"، فكل ذلك محمول على الاستحباب.[4].
فالمقصود: أن الذي عليه جمهور الفقهاء رحمهم الله أن الأضحية سنة مؤكدة.
وهذا هو القول الصواب في ذلك إن شاء الله تعالى، وهو الراجح عندي لما تقدم والله تعالى أعلم.

[1] رواه مسلم.
[2] الكوثر.
[3] رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
[4] شرح منتهى الارادات 1 / 612.