تاريخ نفوسة عند الفتح العربي الإسلامي لليبيا.. انتقام عمرو بن العاص من قبيلة نفوسة بعد مساندتها سكان طرابلس ضد الفاتحين المسلمين



أول ذكر لنفوسة في الخطاب التاريخي يعود إلى الإخبار عن احتلال مدينة طرابلس من قبل عمرو بن العاص في أواسط القرن السابع الميلادي. فابن عداري المراكشي هو أول من تحدث عن استنجاد سكان طرابلس بقبيلة نفوسة أثناء حصارها من قبل الفاتح عمرو بن العاص في سنة 22 للهجرة. وقد نقل نفس الخبر عن مصادر سابقة له الرحالة التيجاني وذلك بقوله لدى وصفه لزيارة طرابلس "وكان افتتاح طرابلس في القديم على يد عمرو بن العاص رحمه الله تعالى ورضي عنه وذلك في سنة اثنين وعشرين، سار إليها في جيشه فنزل على شرفها في الجهة الشرقية وأقام عليها شهرا لا يقدر منهم على شيء وقد كانوا استعانوا بقبيلة من البربر يعرفون بنفوسة ".
وهو ما دفع بعمرو بن العاص إلى تجنيد فرقة من الفرسان للغارة على مدينة صبره أو صبراتة للانتقام من النفوسيين. وهي إشارة تدفعنا إلى التساؤل عن علاقة النفوسيين بمدينة صبراتة الشاطئية. فبعض المؤرخين الأوائل يعتبرون منطقة جفرة الواقعة في غرب طرابلس والتي تمتد من الجبل إلى الشاطيء من المجال الترابي النفوسي وهو ما يفسر كذلك وصف ابن خلدون لمدينة صبراتة بمدينة نفوسة أو بعاصمتها وهو نفس الوصف الذي استخدمه الباشا الباروني في بداية هذا القرن. ونجد أصداء لهذا الامتداد المجالي لقبيلة نفوسة في الذاكرة السلالية لبعض القبائل المستعربة في المنطقة والتي ترجع بأصولها إلى قبيلة نفوسة، وكذا في إشارة ضمنها ابراهيم بن الحاج عيسى كتابه حول حياة الباشا "سليمان الباروني" إذ يقول هذا الأخير: "كما تلف مفتاح مدينة زواغة (صبرة) عاصمة الجبل على البحر في اعصر مضت، فإنها كانت عند عائلة في فسطاو من قبيلة اولاد السلطان كان جدهم حارس باب المدينة وكان هو آخر من انتقل من زواغة إلى الجبل على ما يقال، وهي من حديد جميلة الشكل والصنع".