مظاهر اللاسامية في فرنسا- قضية درايفوس.. سبب هزيمة فرنسا في الحرب أمام ألمانيا يعود الى تآمر وخيانة اليهود



من الغريب انتشار اللاسامية في سنوات الثمانين في فرنسا التي كانت اول من منح المساواة في الحقوق لليهود والتي شكل اليهود اقل من نصف بالمئه واندمجوا الى حد كبير في المجتمع الفرنسي.
يمكن فهم انتشار اللاسامية في فرنسا على خلفية هزيمة عام 1870 امام المانيا وتامر الطبقات الرجعية (من ملكيين وارستقراطيين) ضد الجمهورية الثالثة التي تشكلت من العناصر اليسارية واللبيرالية وبسبب وجود اليهود بين زعماء اللبراليين فركزت الرجعية اسهمها على اليهود ورفعت شعار اليهودي هو العدو وادعت ان سبب هزيمة فرنسا في الحرب يعود الى تآمر وخيانة اليهود واتخذت من ذلك ذريعة لاثارة روح الكراهية لهم اضف الى ذلك افلاس البنك الكاثوليكي والخسارة الفادحة التي لحقت بأبناء الطبقات الرجعية من جراء ذلك واتهام عائلة روتشلد انها من وراء ذلك واخيرا افلاس شركة بنما التي دعمتها الحكومة وثبت انها دعمتها مقابل الحصول على رشوة.
إن النجاح في جعل قضية بنما قضية يهودية يعود الى احد زعماء اللاسامية في فرنسا الصحفي ادوارد دريمون في كتابه الذي نشره تحت اسم فرنسا اليهودية سنة 1886 والذي تضمن عرضا تاريخيا للدور الذي قام به اليهود في الدولة ناسبا اليهم جميع المصائب التي حلت بها ثم اسس المنظمة اللاسامية القومية في فرنسا وبعد ذلك اصدر صحيفة يومية اسمها "الأمر الحر" التي راحت تنشر الدعاية المنظمة ضد اليهود.
أما القضية الرئيسية التي استغلها اللاساميون لتحقيق مأربهم كانت قضية درايفوس ففي عام 1894 اتهم ضابط المدفعية اليهودي الفرد درايفوس بالخيانة وقد عثر على وثائق عسكرية بحوزة الملحق العسكري الالماني في باريس رسائل بخط يشبه خط الضابط درايفوس وفي احتفال مذل بحضور مئات الجنود وعلى صوت الابواق خلعت رتب درايفوس العسكرية بتاريخ 5 تموز 1885 ومزقت نياشين الرتب عن معطفه وكسر سيفه فوق رأسه وانطلقت الصيحات من جمهور المشاهدين الموت لليهودي الخائن اما درايفوس فقد اكد وطنيته بطريقة اخرى ففي اللحظة التي كان الجمهور فيها يبصق عليه كان يصيح تعيش فرنسا. نفي درايفوس الى جزيرة غوانا الفرنسية.
ولكن اصحاب الضمائر الحية في فرنسا لم يتركوا القضية دون اكتراث فكثير من كبار العلماء والكتاب والسياسيين بذلوا جهودهم من اجل تطهير اسم درايفوس وقد ثبت اخيرا ان الوثائق لم تكن بخط درايفوس وانما زيفها الميجور استرهازي وهو ضابط من اصل هنغاري في القيادة الفرنسية وكان قد عمل في خدمة الاستخبارات الالمانية واعيدت القضية لتطرح امام محكمة عسكرية سرية برأته من كل التهم وفي هذه الاثناء نشبت اضطرابات ضد يهود الجزائر الذين اعلن عنهم منذ عام 1870 بأنهم ذوي حقوق كاملة كالمواطنين الفرنسيين وكان ذلك بفضل جهود ومساعي المحامي ادولف كرمييه احد زعماء اليهود والذي اشغل منصب وزير القضاء في فرنسا فيما بعد كما نشر الكاتب الفرنسي المعروف اميل زولا رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية تحت عنوان "اني اتهم".
اتهم فيها استرهازي بالتزييف وقد حوكم زولا على رسالته هذه بالسجن لمدة سنة واحدة ودفع غرامة مالية عالية فاضطر الى الهرب الى انجلترا.
انقسمت فرنسا اثر ذلك الى معسكرين الواحد الى جانب درايفوس والاخر ضده وقد قام الجنرال هنري عضو القيادة الفرنسية العليا بأعمال تزييف اضافية ليساعد على ادانة درايفوس اكتشفت اعماله فانتحر عام 1898 وعندما تولت الحكم حكومة لبرالية اعادت بحث القضية من جديد واعيد درايفوس الى فرنسا وحكمت عليه المحكمة العسكرية هذه المرة بالسجن لمدة 10 سنوات على الرغم من هرب استرهازي الى لندن وكشفه عن الحقيقة هناك وبعد انتهاء المحاكمة منح الرئيس العفو لدرايفوس.
ولكن القرار الغي عام 1906 وطالب درايفوس برد اعتباره وتعيينه ميجرا في القيادة العليا كما منح وسام التفوق لكتيبة الشرف وبعد مرور وقت طويل على انتهاء قضية درايفوس صاح الملحق العسكري الامني السابق في فرنسا وهو على فراش الموت بعد ان تنبه ضميره في هذه اللحظات الحرجة "درايفوس بريء درايفوس بريء".


ليست هناك تعليقات