الاستعمار والعولمة.. جعل نمط العيش والثقافة عالمياً توحيداً للاستهلاك وخلقاً لعادات استهلاكية على نطاق عالمي



مفهوم العولمة:

تعددت تعريفات (العولمة)، غير أن أقربها دلالة هو جعل نمط العيش والثقافة عالمياً، لئلا نأخذ بجانبها السلبي فقط الذي يرى فيها توحيداً للاستهلاك، وخلقاً لعادات استهلاكية على نطاق عالمي.
وأضاف بعضهم لمجالاتها المال والتسويق والمبادلات والاتصال.
ويتفق هذا التعريف مع الذين يقولون فيه أن العولمة هي نقل الشيء من النطاق الوطني أو القومي إلى النطاق العالمي، غير أن هذا التعريف هو الأشمل بتقديري.

النظام العالمي الجديد:

ولما كانت الولايات المتحدة هي القادرة على جعل هذا النمط أو ذاك عالمياً، وجعله على طرائقها وتنظيمها المجتمعي والكوني، فتغدو العولمة بتعريفها الحالي أمركة العالم، وهو طموح قديم للولايات المتحدة، حيث قال الرئيس الأمريكي (غروفر كليفلاند) (1893) (6): (إن دور أمريكا الخلاق هو تحضير العالم، ليصبح أمة واحدة تتكلم لغة واحدة)، وعبّر عن هذا الطموح فيما بعد بعبارة (النظام العالمي الجديد) بزعامة الولايات المتحدة، وهو شعار الدولار الأمريكي الذي أخذ شكله منذ نهاية القرن التاسع عشر؛ إذ يوجد على الدولار صورة لهرم تعلوه عين إنسان، ووضعت في أسفل الهرم عبارة (النظام العالمي الجديد).

استلاب الإرادة والفاعلية:

وتؤثر (العولمة) سلبياً في الطرف الضعيف الواهن، ففي الاقتصاد والمال، تفتقر دول العالم الثالث إلى الفعالية في (العولمة)، لأنها مستهلك أولاً، ومستهلك للمنتجات الأقل قيمة ثانياً؛ ويتفاقم التأثير السلبي في مجالات العلم والتقنية والمعلوماتية والاتصالات، لأنها لا تنتج، أو لا تشكل مشاركتها في الإنتاج العالمي نسبة تذكر، وهذا يعني أن الخاسر في العولمة هو الأضعف في حلقة الإنتاج، ليكون في النهاية مستهلكاً، متلقياً، مستلب الإرادة والفاعلية.

العولمة الثقافية وأمركة العالم:

وفي العولمة الثقافية نميز دائماً بين مفهومها (أمركة العالم)، وبين مفهومها الآخر (كنظام عالمي ثقافي جديد، يقوم على احترام مبادئ عقد التنمية الثقافية) الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1989م. وهي مراعاة البعد الثقافي للتنمية، وتأكيد الهوية الثقافية وإثرائها، وتوسيع نطاق المشاركة في الحياة الثقافية، وتعزيز التعاون الثقافي الدولي، ولعل الفرق بين المفهومين واضح، لا لبس فيه، إذ يتبدى في إشكالية السيطرة العالمية الكامنة في العولمة عبر إنتاجها الاحتكاري لأدوات.


ليست هناك تعليقات