ما علاقة الاستعمار بالتبعية؟.. التنمية الموجهة للخارج وقوامها تغذية المركز بالمواد والخامات والنفط وتصريف منتجات المركز



الاستعمار والتبعية:

ظهر مفهوم التبعية في إطار الاقتصاد في الستينات، تفسيراً للتخلف الذي اتسم به اقتصاد بلدان العالم الثالث؛ مما طرح في المقابل، ضرورات النمو المتسارع للوتائر الاقتصادية (مشمولة فيما بعد بالوتائر الاجتماعية والسياسية)، وهي التي اصطلح على تسميتها بالتنمية، غير أن اندماج هذا النمو، وتلك التنمية في الاقتصاد العالمي - وهو اقتصاد المركز المتقدم، الأمريكي والأوروبي، أو الدولة الصناعية، أو دول الشمال - جعل اقتصادها يخدم الاقتصاد العالمي، أو ما عرف باسم التنمية الموجهة للخارج، وقوامها تغذية المركز بالمواد والخامات والنفط، وتصريف منتجات المركز.

عزل التنمية عن أبعادها الشاملة:

وهذا هو مفهوم التبعية، بدأ اقتصادياً، ثم ما لبث أن امتد إلى المجالات الكونية الأخرى، مع تحول العالم نفسه إلى قرية صغيرة كونية، بفضل استفحال تأثير سلطات العصر التي أشرنا إليها، ولا سيما الاتصالات والمال والاقتصاد والمعلوماتية.

إذن صار هناك مركز متبوع، وأطراف أو هوامش تابعة، وقد تنبه الكثيرون لخطر هذه التنمية الموجهة إلى الخارج، إنها تفاقم خطر التبعية، بعزل التنمية عن أبعادها الشاملة والمتكاملة والمستقلة، إذا أغفلت أبعاد التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تضمن الهوية الثقافية، والاستقلال السياسي، ومواءمة الخيارات لخصوصياتها التاريخية والبيئية والاجتماعية والحضارية.

رهن الإرادة القومية والوطنية:

وكلما فشلت تجربة تنموية، وما أكثر التجارب الفاشلة، انزلقت بسرعة إلى مهاوي التبعية؛ لأن من شروط التنمية الناجحة شمولها وتساوقها مع التنمية الثقافية والاجتماعية من جهة، واستقلاليتها من جهة أخرى.

وغني عن القول بعد ذلك، أن التبعية الثقافية والإعلامية أخطر من التبعية الاقتصادية، لأن الأولى تتجه إلى رهن الإرادة القومية والوطنية، بما في ذلك استتباع القرار القومي والوطني - الذي ينبغي أن يكون مستقلاً - لهيمنة المركز، وعلى رأسه الولايات المتحدة.


ليست هناك تعليقات