المرأة خلقت لتكون أما.. تعلق الأم برضيعها أمر مشاهد وبدهي وإسقاط الحامل لحملها يكون عند شدة الفزع والهلع

في سورة الحج جاء تصوير هول يوم القيامة بأمرين يتعلقان بالمرأة وهما الرضاعة والحمل وتعلق الأم برضيعها أمر مشاهد وبدهي وفي ذلك اليوم تذهل كل أم عن رضيعها الذي أرضعته فكل يومئذ مشغول بنفسه وأمـا إسقاط الحامل لحملها فيكون عند شدة الفزع والهلع، والمقصود بيان عظم زلزلة الساعة ويتضمن عظم تعلق الأم بطفلها وهذا ماننبه عليه الآن ويقرر الدور الذي خلقت له المرأة وهو النسل الذي لا يتم إلا بالزواج وتهيئة السكن للزوج.

فقد خلق الله عز وجل المرأة للغاية التي خلق من أجلها الرجل، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدونِ * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يُطعمونِ * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.

فالخلق خلقهم الله تعالى ليأمرهم وينهاهم، فمن أطاعه أسعده في دنياه, وأثابه في آخرته، ومن عصاه نال جزاء معصيته، فشَقِيَ في الدنيا وتعس في الآخرة، والمرأة شقيقة الرجل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (النساء شقائق الرجال).

ولا فضل للرجل على المرأة من حيث الجنس، من حيث كونه رجلاً، لا فضل له عليها من هذه الحيثية في ميزان الله تعالى, وفي ميزان الثواب والجزاء، فإن أكرم الناس عند الله تعالى أتقاهم لله رجلاً كان أو امرأة، كما قال جل شأنه: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.

فالمرأة شقيقة الرجل, خلقها الله تعالى لأداء هذه الوظيفة الجليلة, وهي عبادة الله، كما خلق الرجل لذلك، ولقد خلق الله تعالى الجنسين مكمّلين لبعضهما، فالرجل يكمّل المرأة ويحتاجها، والمرأة تُكمّل الرجل وتحتاجه، وبهما تقام الحياة على هذه الأرض, وتدوم البشرية إلى الأجل الذي أراده الله تعالى.

ومن ثم فهذه النظرة التي خلصتِ إليها ليست صوابًا، ولا هي مقصود شريعة الله تعالى من وراء هذه النصوص التي ذكرتها، فقد أمر الله تعالى الرجل بأداء الحقوق لزوجته، كما أمر المرأة بأداء الحقوق لزوجها، وهو سبحانه وتعالى أعلم بمن خلق، كما قال: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ولعلمه سبحانه وتعالى بالمرأة, وما جبلها عليه من الخصائص.

فقد علم الله تعالى ضعفها وعدم قدرتها على مزاولة الأعمال التي يقدر الرجل على مزاولتها، كما أن الرجل علم الله تعالى أنه لا يقدر على أعمال لا تزاولها إلا المرأة، ومن ثم وزّع سبحانه وتعالى بينهما الوظائف تبعًا للخصائص، فكلّف الرجل بأعمال, وكلَّف المرأة بأعمال، وبأداء كل واحدٍ منهما لأعماله تستقيم الحياة.

فكان من رفق الله تعالى بالمرأة ومن حسن تشريعه أن أمر الزوج بالسعي في الأرض وطلب الرزق, ولم يكلف المرأة بذلك، بل جعل لها حق النفقة واجبًا على زوجها إن كانت مزوّجة، واجبًا على ولدها إن كانت أُمًّا، وواجبًا على والدها إن كانت بنتًا، فهي مكفولة في جميع حالتها، لعلم الله عز وجل بضعفها, وعدم قدرتها على كسب الرزق في جميع الحالات.

نعم قد تستطيع أداء بعض الوظائف اللائقة بها, أو قد تزاول بعض المهام التي تستطيعها، وفي هذه الحالة لا يمنعها الشارع الحكيم من العمل إذا كان ذلك موافقًا لفطرتها, حافظًا لها من أن يُعتدى عليها, أو يُفتتن بها.

وإذا كانت المرأة بهذه المثابة فإن الشارع الحكيم قد رفق بها غاية الرفق، حين أمر الزوج بأن يتولى أمر الإنفاق عليها, وتبقى هي مصونة محفوظة في بيتها، وإذا فعلت ذلك ووجب لها حق النفقة فإنها لابد وأن تطالب بواجبات من جنس آخر، فأوجب عليها طاعة زوجها في البيت, وحفظ أبنائها وبناتها.

فهذه وظائف يكمل بعضها بعضًا، ويؤدي كل جنسٍ القدر الذي يقدر عليه بحكمة الله تعالى البالغة، فكيف يُقال بعد هذا بأن المرأة لا وظيفة لها ولا غاية من خلقها إلا النكاح كما ذكرت.

فالنكاح مما تحتاجه المرأة ويحتاجه الرجل، ولكن الله عز وجل وزّع الوظائف بينهما بحسب قُدراتها، وهي تستمتع بالرجل كما يستمع الرجل بها، ولكن أوجب الله عز وجل لها النفقة والكسوة والسكنى على الرجل لقدرته على الكسب، وأوجب عليها هي الطاعة لزوجها, والمكوث في البيت؛ لأن ذلك يلائمها, وتقدر عليه، فلا مشقة عليها في ذلك ولا حرج.

وبالجملة فلا يتسع الحديث عن تكريم الله تعالى للمرأة في تشريعاته المطهرة، ويكفي أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال