الزمن في الخطاب الروائي لسعيد يقطين.. الزمن الفيزيائي والزمن الحدثي. زمن السرد وزمن القصة. زمن الكتابة وزمن المغامرة وزمن الكاتب. زمن الدال وزمن المدلول



الزمن في الخطاب الروائي لسعيد يقطين:

استعرض الباحث سعيد يقطين جهود (لاينس) lyons في تعريف الزمن، وجهود (بنفنست) حيث عرض مفهوم (الزمن الفيزيائي) وهو زمن خطّي ولا متناهٍ، ومفهوم (الزمن الحدثي) الذي يغطي حياتنا كمتتالية من الأحداث.

الروائيين الجدد:

كما تحدّث عن (الروائيين الجدد) وتعاملهم مع الزمن من خلال كتاباتهم النظرية، ومن المعلوم أن الوصف مورس في روايات القرن التاسع عشر لزرع الديكور، وتحديد إطار البحث، وإبراز المظهر الفيزيقي للشخصيات، وذلك بقصد مماثلة العالم الواقعي، ولكن الوصف في الرواية الجديدة اختلف جذرياً، فلم تعد أهميته تكمن في الشيء الموصوف، ولكن في حركة الوصف نفسها.

زمن القراءة أو زمن المشاهدة:

والشيء نفسه بالنسبة للزمن، فلم يعد الأمر يتعلق في الرواية الجديدة بزمن يمرّ، ولكن بزمن يتناهى ويُصنع الآن.
فقصة الحب المحكية لا تستغرق ثلاثة أعوام، ولا ثلاثة أيام، بل ثلاث ساعات، هي مدة قراءة القصة أو مشاهدة الفيلم.

فالزمن الوحيد هو (زمن القراءة أو زمن المشاهدة) ثم ينتهي كل شيء.
هكذا يبدو الزمن مقطوعاً عن زمنيته، وبعد أن كان شخصية رئيسية في الرواية التقليدية، أصبح في الرواية الجديدة هو زمن الخطاب (أو الزمن الحاضر).
أما ما قبل ذلك، أو ما بعده، فليس لهما وجود.

زمن السرد وزمن القصة:

لكن رأي (آلان روب غرييه) السابق يختلف عن آراء (جان ريكاردو) و (ميشيل بوتور): إذ يميّز (جان ريكاردو) في كتابه (قضايا الرواية الجديدة) 1967 بين زمن السرد وزمن القصة، ويقسم (ميشيل بوتور) زمن الرواية إلى ثلاثة أزمنة هي: زمن الكتابة، وزمن المغامرة، وزمن الكاتب الذي يقدم رواية نقرؤها في ساعتين عن أحداث جرت في سنتين.

ومع (خطاب الحكي) لجيرار جينيت يمكن الحديث عن مرحلة متطورة في تحليل الخطاب الروائي، حيث يحتل الزمن القسم الرئيسي من كتابه.
وفيه ينطلق من أن هناك زمنين هما: زمن الدال، وزمن المدلول (زمن الحكي وزمن الشيء المحكي، أو زمن القصة وزمن الحكي).

تحليل الزمن من زاوية نحوية:

وأشار (تودوروف، وديكرو) إلى إمكانية تحليل الزمن من زاوية نحوية من خلال الخطاب، وذلك في كتابهما (زمن الخطاب) 1972 ويقصدان بزمن الخطاب المسافة بين تمثيل الزمن في الفعل مع راهنية إنجاز التلفظ، وبذلك يتم استبعاد علاقة زمن الفعل بزمن آخر وجودي أو فلسفي.
وهذا الزمن ينتظم حول (الحاضر) كمقولة لسانية محضة تعني لحظة التكلم.
وفي كتابه (البويطيقا) تحدّث (تودوروف) عن الزمن كمظهر من مظاهر الإخبار يتيح إمكانية الانتقال من الخطاب إلى القصة.

إشكالية الزمن في الرواية العربية:

وفي (إشكالية الزمن في الرواية العربية) استعرض الباحث جهود بعض الألسنيين العرب المعاصرين النحوية فيما يتعلق بزمن الفعل: إبراهيم السامرائي في كتابه (الفعل: زمانه وأبنيته) 1966، وتمّام حسّان في كتابه (اللغة العربية: معناها ومبناها) 1979...
وعلى ضوء هذه المعطيات الغربية والعربية حلل الباحث رواية (الزيني بركات) لجمال الغيطاني، من منطلق تحليل زمن القصة وزمن الخطاب على مستوى عام، ثم تحليل زمن الخطاب على مستوى جزئي من خلال تحليل كل وحدة من الوحدات العشر التي قسّم إليها خطاب الرواية.

ثم معاينة الفرق بين زمن الخطاب الروائي (من خلال الزيني بركات) وزمن الخطاب التاريخي (من خلال بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس).
وبهذا فإن الباحث يحاول تجاوز الحدود التي يقف عندها تحليل زمن الخطاب من خلال السرديات البنيوية إلى معالجة سوسيولوجية للنص يتحدث فيها عن زمن النص من خلال العلاقة بين زمن الكاتب وزمن القراءة بوضعها في إطار بنية سوسيو ـ لغوية شاملة.