السيميولوجيا.. دراسة الأنظمة والإشارات الدالة وكيفية هذه الدلالة

السيميولوجيا تطلق على العمل الذي يدرس الأنظمة والإشارات الدالة وكيفية هذه الدلالة.

وإذا كان هذا العلم قد بدأ على يد بيرس في القرن 19، فإن سوسير أشار إليه في مطلع القرن 20، وبشّر بولادته، وجعل اللغة جزءاً منه.

وقد ميّز بيرس بين ثلاثة أنواع من المستويات السيميولوجية: الإشارة، والأيقونة، والرمز. وتقوم الحواس الخمس الخارجية للإنسان بوظائف سيميولوجية في المجتمع.

ومظاهرها لا حصر لها: كالمصالحة، والربت على الكتف، والتقبيل، والعطور، واختيار ألوان الطعام. والدراسة المنهجية لهذه المظاهر السيميولوجية ممتعة ومليئة بالطرائف.
ومثالها الدراسة السيميولوجية التي قام بها (رولان بارت) للأزياء.

لكن الباحث عندما تحدث عن المحاولات التطبيقية البنيوية في النقد العربي لم يخصص لها سوى ثماني صفحات من كتابه البالغ أكثر من خمسمائة صفحة.

وحتى هذه الصفحات الثماني جاءت مغلوطة، إذ مثّل لها بنازك الملائكة في كتابها (قضايا الشعر المعاصر).

ومن المعروف أن نازك لم تهتم بالبنيوية، وإنما اهتمت بـ(هيكل) القصيدة مقابل (مضمون) القصيدة.

بينما البنيوية لا تؤمن بهذه الثنائية، لأنها تقول بـ(البنية) الشاملة على بنى صغيرة، وبالوحدات الوظيفية، وبالمستويات المتعددة.
ولعله انساق مع بعض الباحثين الذين يعنون بـ(الهيكلية) المنهج البنيوي.

لكنه في إشارتيه التاليتين عن (الغزل العذري عند العرب) للطاهر لبيب، و(البنية القصصية في رسالة الغفران) لحسين الواد أصاب.

ولكنه لم يف هاتين الدراستين حقهما من الشرح والتفصيل والتقييم، فمر عليهما سريعاً، وساءه من الدراسة الثانية أنها "غير موفقة على الإطلاق.

فهي تهجم على أعظم آثارنا الأدبية وهي رسالة الغفران للمعري... وتكتفي ببعض المقولات السريعة المبتورة، ثم تنثرها كالرذاذ على سطح العمل العملاق" (ص 485).

وعلى الرغم من كون كتاب الباحث جاء في مرحلة مبكرة من استقبالنا للبنيوية، فإنه كان ينبغي له، أن يعرض هذه الدراسات العربية للبنيوية، ويناقش تمثلها أو خروجها على الأصل البنيوي، لا سيما وأنه خصص كتابه هذا للمنهج البنيوي في النقد الأدبي. وعلى الرغم من بعض سلبيات هذا الكتاب ونواقصه، فإنه يظل أفضل مرجع في مرحلته (أواسط السبعينات) عن النقد البنيوي.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال