نزار قباني.. شاعر المرأة الذي قرب الشعر للبسطاء وجعله بين أيديهم طعم ورائحة الخبز الساخن



امتدت حياته بين ربيعين فقد ولد في آذار سنة 1923 وتوفي في نيسان سنة1998 ، وكأن حياته كانت منذورة للربيع المقترن بالجمال الذي كرس حياته له وأتعب قلبه بالتغني به. انطلق من حارات دمشق وأحيائها العتيقة ليجوب أركان العالم ويلقي حيث حل بذور شعره المضمخ بشذا الياسمين الدمشقي. أنشأ أكبر جمهورية للشعر في العالم العربي امتدت حدودها من الماء إلى الماء وكان حاكمها المتوج بحب الناس البسطاء الذين جعل للشعر بين أيديهم طعم ورائحة الخبز الساخن الخارج للتو من التنور. أنزل الشعر من برجه العاجي الذي كان يتحصن فيه فصار يمشي في الشوارع وينخرط في زحمة الناس. تخلص الشعر على يديه من كلمات تراثية قاموسية وصار له قاموسه الحديث الذي يتكلم بلسان زمانه وبلغة عصره. تغنى بجمال المرأة وخاض في أدق شئونها حتى قيل إنه شاعر المرأة الذي كاد شعره يقتصر عليها إلى أن حلت نكبة 67 ليخوض غمار مرحلة جديدة تمثلت في شعره السياسي الذي أثار من الجدل مثل ما أثاره شعر مرحلة المرأة وربما تجاوزه في ذلك. كان اسمه علامة شعرية مسجلة وكانت كتبه ودواوينه تلاقي رواجا وذيوعا كبيرين رغم قيود المنع والحظر التي أحاطت باسمه في بلدان عربية عديدة. أمسياته الشعرية كانت تشهد حضورا منقطع النظير لا يحلم به أي شاعر آخر وكان يعرف ويتقن جيدا أصول اللعبة المنبرية والتواطؤ الصوتي بينه وبين المتلقي كان كبيرا. زاد من ذيوع اسمه وارتفاع أسهمه تغني أقطاب الغناء العربي بقصائده حتى ظن بعض المطربين أن مجرد تبنيهم لأحد نصوصه الشعرية كفيل بتحقيق النجاح المنشود لهم. لم يقف النقاد طويلا أمام تجربته الشعرية ولم يكن هو بدوره يولي كبير اهتمام بما يقوله النقاد عنه وكان رهانه الأكبر على جمهوره الذي ظل وفيا له حتى وإن قيل إن ذلك الجمهور يتشكل في أغلبه من فئة المراهقين الذين يجدون في شعره تعبيرا وتنفيسا عن مشاعرهم وانفعالاتهم المتأججة.