تأسيس شعرية تأويلية للميتامسرح.. إن تفكيرا نظريا حول الشعرية غير مطعم بملاحظات حول الأعمال الموجودة يبقى عقيما وغير إجرائي



إن الاهتمام بالميتامسرح في السياق الأمريكي كان من زاوية ميتافيزيقية، في حين تحكمت المقاربة النصية في السياق الفرنسي. إلا أن الملاحظ أن طبيعة الاختيارات المنهجية في هذه الدراسات قد أدت، في الغالب، إلى عزل المظهر الداخلي للظاهرة عن مظهرها الخارجي، والحال أن التجليات النصية للميتامسرح -في نظرنا- لا يمكن أن تفهم وتؤول إلا في ضوء المنظورات الخاصة للمؤلفين إزاء العالم والأشياء.
من ثم، نرى أن الإحاطة الشاملة  بمختلف أبعاد الظاهرة تستلزم بناء نظريا يأخذها في جانبيها  الشعري والتأويلي، وبعبارة واحدة، يتطلب تأسيس شعرية تأويلية للميتامسرح. لكن علينا، في البدء، أن نوضح هذا الاختيار النظري بالوقوف عند طرفيه، أي " الشعرية " و" التأويلية".
فيما يخص مفهوم الشعرية، لا نريد اجترار مختلف التعريفات المتداولة عنه في الكتابات النقدية المعاصرة، بل نعمد إلى استحضار أحدها لأنه يفي بالغرض بالنسبة إلينا. يقول صاحبا " المعجم الموسوعي لعلوم اللغة ": " إن مصطلح " شعرية "، كما وصلنا عبر التقليد، يشير أولا إلى كل نظرية محايثة للأدب، كما ينطبق ، ثانيا، على الاختيار الذي يقوم به مؤلف من بين كل الإمكانات الأدبية (على مستوى الموضوعات، التركيب، الأسلوب ...إلخ.) كشعرية هيجو مثلا، ويحيل، ثالثا، على السنن المعيارية المؤسسة من لدن مدرسة أدبية، أي على مجموعة من القواعد العملية يصبح، بالتالي، استعمالها ضروريا ".