الدولة الغزنوية بين التبعية للسامانيين واتباع الخلافة العباسية.. البتكين. ناصر الدين سبكتكين. محمود الغزنوي



الدولة الغزنوية بين التبعية للسامانيين واتباع الخلافة العباسية

الدولة الغزنوية التركيبة: وهي وليدة الدولة السامانية في منتصف القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) وكان مؤسسيها الأول مملوكاً تركياً من مماليك السامانيين في بخاري، وهو الأميرة "البتكين" الذي ولاه "السامانيون" على "غزنة، بالقرب من " كابل " في أفغانستان شمالي الهند.

إقامة دولة مستقلة عن السامانيين:

وهناك استطاع "البتكين" أن يقيم دولة مستقلة عن السامانيين- إلا من ناحية التبعية الاسمية- هي الدولة الغزنوية.

وبعد وفاة البتكين آلت الأمور إلى مملوكه وزوج ابنته "ناصر الدين سبكتكين"، الذي حارب باسم السامانيين في بلاد الهند الشمالية، فاستولى على "بست "ويقصدار" سنة 368 هـ، وهزم جيوش "جيبال" راجا لاهور على حدود البنجاب.

السلطان محمود الغزنوي:

وجاء بعد سبكتكين ابنه "محمود الغزنوي" (388- 421 هـ- 998- 30 10 م) الذي بلغت الدولة الغزنوية في عهده ذروة ازدهارها، فألغى اسم السامانيين من الخطبة في مملكته، وخطب للخليفة العباسي القادر بالله، الذي أنعم عليه بلقب يمين الدولة وأمين الملة، وهو بمثابة تقليد رسمي من الخلافة، كما حصل أيضا على لقب "الغازي" وهو من أوائل الألقاب في الإسلام.

هذا إلى جانب لقب سلطان الذي يعتبر "محمود الغزنوي" أول من تلقب به من الغزنويين بعد أن كانوا يتلقبون بلقب أمير.

ويؤثر عن "السلطان محمود الغزنوي" أنه غزا بلاد الهند أكثر من اثني عشرة مرة مدفوعا، في ذلك بعامل الجهاد الديني والرغبة في نشر الإسلام بين الهنود الوثنيين.

واستطاع بذلك أن يبسط نفوذه إلى ما وراء كشمير والبنجاب ويحطم أصنامهم، وأن يجعل من إقليم البنجاب ولاية إسلامية قاعدتها مدينة لاهور، ويحكمها ولاة مسلمون من قبل الغزنوية، وهكذا تعتبر الدولة الغزنوية أول دولة إسلامية في الهند.

بين محمد بن القاسم الثقفي ومحمود الغزنوي

وتجدر الإشارة إلى أن المسلمين الأوائل في أواخر القرن الأول الهجري، كانوا قد فتحوا إقليم السند في شمال غرب الهند على يد "محمد بن القاسم الثقفي".

وها هو ذا "محمود الغزنوي" في أواخر القرن الرابع الهجري يضيف إلى السند أقاليم البنجاب، والملتان، والبنغال، وهي الأقاليم التي تكون في مجموعها ما يسمى الآن بدولتي باكستان وبنغلاديش الإسلاميتين.

كذلك ظهرت في الهند على عهد "محمود الغزنوي" لغة الأردو (أي المعسكر) وهي مزيج من عدة لغات منها الفارسية والتركية والعربية والسنسكريتية الهندية القديمة.
ولم تلبث هذه اللغة الأردية أن صارت لغة الهند وباكستان وبخط عربي.

العلم والثقافة في عهد الغزنويين:

ولقد عاش في كنف الغزنويين عدد من كبار العلماء والشعراء، نذكر منهم الشاعر الإيراني المشهور "أبا القاسم الفردوسي" الذي أهدى السلطان "محمود الغزنوى" ملحمته الشعرية الفارسية "الشاهنامة" التي يعتبرها الإيرانيون من مفاخرهم الأدبية، لأنها تقص أخبار ملوك الفرس القدماء.

وقد منحه السلطان "محمود الغزنوي" ستين ألف مثقال من الفضة على عدد أبياتها.
كذلك نذكر المؤرخ "أبا نصر محمد بن عبد الجبار العتبي" الذي كتب تاريخا عن حياة "محمود الغزنوي" وجهاده إلى سنة 409 هـ، وسماه "تاريخ اليميني" نسبة إلى لقبه يمين الدولة.
وقد ألف هذا الكتاب باللغة العربية لكي يقرأه أهل العراق.

البيروني:

وهناك العالم المؤرخ "أبو الريحان البيروني الخوارزمي (ت 440 هـ)" الذي صحب محمود الغزنوي في بعض غزواته بالهند ثم استقر معه في غزنة متمتعاً بمكانة سامية.

وقد ألف "البيروني" عدة كتب بالفارسية والعربية نذكر منها كتاب "القانون المسعودي" الذي أهداه إلى السلطان "مودود بن مسعود"، هذا إلى جانب تاريخه المشهور باسم "الآثار الباقية عن القرون الخالية"، الذي تحدث فيه بالعربية عن الجماعات والطوائف والشعوب القديمة، مع ذكر أعيادها واحتفالاتها الدينية والقومية.
وقد نشر هذا الكتاب وترجمه إلى الإنجليزية "أدوار سخاو" في القرن الماضي.

البيهقي:

وأخيرا نشير إلى المؤرخ الفارسي "أبي الفضل محمد بن حسين البيهقي (ت 470 هـ)" الذي كتب بالفارسية تاريخا "للسلطان مسعود ووالده محمود الغزنوي" عرف "بتاريخ البيهقي".
وقد نقل د. يحيى الخشاب ما تبقى من هذا الكتاب إلي اللغة العربية سنة 1956.

وانتهت الدولة الغزنوية في القرن السادس الهجري (12 م) على أيدي قوتين كبيرتين هما: قوة الغوريين الأفغان، وقوة السلاجقة الأتراك.


المواضيع الأكثر قراءة