أم هانئ رضي الله عنها خطب الرسول (ص) وكان يزورها في بيتها ويقيل عندها ويقبل مشورتها ولا يخالف رأيها



أم هانئ رضي الله عنها
هي : فاختة بنت أبي طالب ، بن عبد المطلب بن هاشم ، سيدة هاشمية فاضلة ، ابنة عم النبي (ص) ، تكنى  بـ ( أم هانئ ).
قيل اسمها : فاختة ، وقيل : فاطمة ، وقيل : هند والأول أشهر .([1])
أبوها: هو أبو طالب بن عبد المطلب.
وأمها: هي فاطمة بنت أسد.
زوجها: هو هبيرة بن عمرو المخزومي القرشي ، وكان واحداً من أشراف بني المرموقين ، وأنجبت له أربعة بنين ، هم :
عمرو، وجعدة ، وهانئ، ويوسف.
أسلمت رضي الله عنها يوم فتح مكة العظيم، وفر زوجها بشركه بعد إسلامها إلى اليمن، فأقام في نجران شريداً طريداً، بلا زوج ولا ولد.
وكان شاعراً، وقد علَّق على إسلام زوجته أم هانئ بقوله:
وعاذلةٍ هبت بليل تلومني          وتعذلني بالليل ضل ضلالها
وتزعم أني إن أطعت عشيرتي      سأردى وهل يرديني إلا زوالها
وظل هبيرة مقيماً في نجران على كفره حتى أدركه الموت .
رسول الله (ص) يخطب أم هانئ
كانت أم هانئ ترعى أولادها وتحافظ عليهم ، حيث أن رسول الله e خطبها ، فقالت له : يا رسول الله ، إني امرأة ذات صبيان ، وإني أخاف أن يؤذوك ، فترك رسول الله (ص) ذلك الموضوع وصرف النظر عنه .
عن أبي هريرة (ض) قال : خطب النبيُّ e أمَّ هانئ بنت أبي طالب ، فقالت : يا رسول الله إني قد كبرتُ ولي عيال ، فقال رسول الله e :" خيرُ نساء ركبن الإبل ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يد".([2])
قوله : "أحناه على ولد في صغره" هو رأفتها على ولدها وشفقتها عليه في تربيته وتركها الزواج بعد موت أبيه .
والحانية: هي التي تقيم على ولدها ولا تتزوج فإن تزوجت فليست بحانية.([3])
وقوله : "وأرعاه على زوج في ذات يد" معناه : أحوطهن وأحفظهن لماله وحسن التدبير فيه والأمانة عليه .([4])
قال الأبي : يحتمل والله أعلم أن خطبته كانت تطييباً لنفسها وإلا فكانت من الكبر بحيث لا يرغب فيها، ولا يبعد أنها فهمت ذلك لم ترد خطبته e.([5])
النبي (ص) يزور أم هانئ
كان النبي(ص) يزور أم هانئ في بيتها ويقيل عندها ويقبل مشورتها ولا يخالف رأيها.
تقول أم هانئ رضي الله عنها : ذهبت إلى رسول الله e يوم الفتح ، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب ، فسلمت ، فقال : "من هذه ؟" قلت : أنا أم هانئ ، فقال : "مرحباً بأم هانئ" ، فلما فرغ من غسله ، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً في ثوب واحد ، فقلت : يا رسول الله، زعم إن أمي تعني علياً أنه قاتل رجلاً قد أجرته ، فلان ابن هبيرة ، فقال النبي e :" قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ "، وذلك ضحى .
وفي يوم الفتح العظيم – فتح مكة – دخل رسول الله e بيت أم هانئ وسألها : "هل عندكم طعام نأكله" .
فقالت : ما عندي يارسول الله إلا شيءٌ من خَلٍّ ، فقال لها النبي e :  "قربيه فما أفقر بيت من أدم فيه خل"  .([6]) ‌
وفي رواية : "ما أفقر من أدم بيت فيه خل"  .([7]) ‌
بكت أم هانئ أخا الحبيب علي بن أبي طالب  ، بعد أن قتله المجرم الحاقد عبد الرحمن بن ملجم حين غدر به وضربه بسيفه .
أم هانئ وذكرها لله تعالى
قالت أم هانئ رضي الله عنها : مرّ بي النبي e ذات يوم فقلت : يا رسول الله ! إني قد كبرت وضعفت ، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة ، قال : "سبحي الله مائة تسبيحة ، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مائة تحميدة تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله ، وكبِّري الله مائة تكبيرة ، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة ، وهلِّلي الله مائة تهليلة" .([8])
وفاتها
وحزنت أم هانئ على أخيها أشد الحزن ، وتراكمت عليها الأحزان ، ولم تستطع مقاومتها ، ففاضت روحها إلى بارئها رحمها الله ورضي عنها .
قال الذهبي : عاشت أم هانئ إلى بعد سنة خمسين ، وتأخر موتها إلى بعد الخمسين .([9])
وقال الترمذي وغيره : عاشت بعد علي بن أبي طالب y .([10])
فرضي الله عنها وأرضاها ، وجعل مثواها الفردوس الأعلى .
[1]) ) الإصابة (8/485) .
[2]) ) رواه مسلم برقم (2527) .
[3]) ) إكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للأبي (8/252،453) .
[4]) ) المصدر السابق .
[5]) ) المصدر السابق .
[6]) ) أخرجه الترمذي عن أم هانئ  ، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع حديث رقم ( 4387).‌
[7]) ) عن أم هانئ عن عائشة. حسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (5544) .‌ قال ابن الأثير  :  أي ما خلا من الإدام ولا عدم أهله الأدم والخل من الأدم العامة المنافع وه كثير المنافع ديناً ودنيا فإنه بارد يقمع حرارة الشهوة ويطفئها  
[8]) ) رواه أحمد برقم (26790) ، وابن ماجة برقم (3810) ، السلسلة الصحيحة برقم (1316) .
[9]) ) سير أعلام النبلاء (2/313) ، وتاريخ الإسلام (4/346) .
[10]) ) الإصابة (8/486).


0 تعليقات:

إرسال تعليق