بحصره ميدان الأدب المقارن في العلاقات الأدبية الدولية، التي تتمّ من خلال التأثير والتأثر، يخرج الدكتور هلال من دائرة هذا العلم نوعين من المقارنات الأدبية: أولهما الموازنات التي تجري داخل أدب قوميّ واحد، كالموازنات المعروفة في النقد العربيّ بين جرير والفرزدق، وبين أبي تمام والبحتري، وبين المتنبي وأبي العلاء، وبين حافظ وشوقي.
إنّ مقارنات كهذه من اختصاص مؤرخي الأدب القومي ونقاده، وبالتالي فهي "ليست من الأدب المقارن في شيء".
وهذه مسألة لا يختلف حولها المقارنون.
فميدان الأدب المقارن، باعتراف الجميع، هي الظواهر التي تتجاوز أدباً قومياً واحداً.
أمّا النوع الثاني من المقارنات التي لاتعني الأدب المقارن فهي تلك الموازنات التي تعقد بين كتّاب ينتمون إلى آداب قومية مختلفة، وذلك لمجرد وجود تشابه أو تقارب بينهم، ودون مايثبت أن بينهم علاقات تأثير أو تأثر من نوع ما، كأن نقارن بين أبي العلاء المعري والشاعر الإنكليزي ميلتون، صاحب "الفردوس المفقود"، أو بين أبي العلاء وفرانز كافكا، مثلما فعل طه حسين.
ترى لماذا لا تدخل مقارنات كهذه في ميدان الأدب المقارن، وفقاً للدكتور هلال؟
يردّ هذا المقارن على ذلك بالقول: إنّ الأدب المقارن لايدخل في حساباته "مجرد عرض نصوص أو حقائق تتصل بالأدب ونقده... دون أن يكون بينهما صلات، نتج عنها توالد أو تفاعل من أيّ نوع كان".
فالأدب المقارن معنيّ "بشرح الحقائق عن طريق تاريخيّ، وكيفية انتقالها من لغة إلى أخرى، وصلة توالدها بعضها من بعض، والصفات العامّة التي احتفظت بها حين انتقلت من أدب إلى آخر، ثم الألوان الخاصة التي فقدتها أو اكتسبتها بذلك الانتقال".
وما دام الأدب المقارن "لا يقتصر على عرض الحقائق بل يشرحها شرحاً تاريخياً مدعماً بالبراهين والنصوص من الآداب التي يدرسها"، فمن الطبيعيّ أن يستبعد من ميدانه كلّ المقارنات التي يمكن أن تجري بين ظواهر لم تقم بينها صلة تاريخية، وذلك لأنّ موازنات كهذه "لا تشرح شيئاً أو تبقى غامضة لا يوضحها تاريخ".
لذا فإنّ قيمتها، في رأي الدكتور هلال، لا تتجاوز من حيث ضآلتها قيمة "مجهود أستاذ في علم الأحياء ينفق وقته في شرح التقارب شكلاً ولوناً بين زهرة وحشرة".
التسميات
أدب مقارن