الإعلال بالتسكين.. حذف حركة حرف العلة أو نقل حركته إلى الساكن قبله



الإعلال بالتسكين:

والمرادُ به شيئان: الأول حذف حركة حرفِ العلَّة، دفعاً للثَّقَل. والثاني: نقل حركته إلى الساكن قبلهُ.

تطرف الواو والياء بعد حرف متحرك:

فإذا تَطرَّفتِ الواو والياءُ بعد حرفٍ مُتحرِّكٍ، حذفت حركتهما إنه كانت ضمةً أَو كسرةً، دفعا للثَقَل: كيدعو الداعي إلى النادي، ويقضي القاضي على الجاني. والأصل: "يدعُو الداعيُ إلى الناديِ، ويقضيُ القاضي على الجانيِ".
فإن لَزِم من ذلك اجتماع ساكنين، حُذفت لامُ الكلمة، مثل: "يُرمون ويغزون". والأصل "يَرمِيون ويَغزُوُنَ".
(طرحت ضمة الواو والياء دفعاً للثقل. فالتقى ساكنان: لام الكلمة و واو الجماعة، فحذفت لام الكلمة، دفعاً لاجتماع الساكنين).

فإن كانت الحركة فتحةً، لم تحذَفْ، مثل: لن أدعوَ إلي غير الحقِّ، ولن أعصِيَ الداعيَ إِليه".
وإن تطرّفت الواوُ والياءُ بعد حرفٍ ساكن، لم تُطرَح الضمة والكسرةُ، مثل: "هذا دَلْوٌ يَشربٌ منه ظَبيٌ، وشَرِبتُ من دلْوٍ، وأَمسكتُ بظَبْيٍ".
وإذا كانت عين الكلمة واواً أو ياءً متحرّكتين، وكان ما قبلَهما ساكناً صحيحاً وجب نقل حركة العين إلى الساكن قبلَهما، لأن الحرفَ الصحيحَ، أولى بتحمُّل الحركةِ من حرف العِلَّة لقوَّته وضَعْف حرف العِلَّة.

الإعلال بالنقل:

والإعلالُ بالنَّقْلِ، قد يكون نقلاً محضاً. وقد يَتْبعُه إعلال بالقلب، أو بالحذف، أو بالقلب والحذف معاً.
فإن كانت الحركة المنقولةُ عن حرف العِلة مُجانسةً له، اكتُفيَ بالنَّقْل: كقومُ ويَبينُ، والأصل: "يَقْوُمُ ويَبْينُ".
وإن كانت غيرَ مُجانِسةٍ له، قُلِبَ حرفاً يُجانِسُها: كأقامَ وأبانَ ويُقيمُ ومَقامٍ. والأصل: "أَقوَمَ وأَبينَ ويقْوِم ومَقْوَمٌ".
(نقلت حركة الواو والياء الساكن قبلهما ثم قلبت الواو والياء ألفاً بعد الفتحة، وياء بعد الكسرة للمجانسة. وهذا إِعلال بالنقل والقلب).

ما يستثنى في الإعلال بالنقل:

وربما تركوا ما يجبُ فيه الإعلالُ على أصله كأعوَلَ إعوالاً، واستحوَذَ استحواذاً.
ويُستَثْنى من ذلك:
  • أفعل التَّعجب، مثلُ: ما أَقوَمَهُ! وما أَبينَهُ! وأَقوِم به! وأَبيِنْ به!". 
  • ما كان على وزن "أَفعَلَ"، اسمَ تفضيلٍ، مثل: "هو أَقوَمُ منه وأَبَينُ"، أَو صفةً مُشبَّهةً: كأحوَلَ وأَبيضَ، أو اسماً: كأسودَ: للحيّةِ.
  • ما كان على وزن "مِفعَلٍ، أَو مِفعَلةٍ، أَو مِفعالٍ": كمِقْول ومِروَحةٍ ومِقوالٍ ومِكيالٍ.
  • ما كان بعد واوهِ أَو يائِه أَلفٌ: كتَجْوالٍ وتَهْيام.
  • ما كان مُضَعَّفاً: كابيضَّ واسودَّ.
  • ما أُعِلَّت لامُهُ: كأهوى وأَحيا.
  • ما صَحت عين ماضيه المجرَّد: كيَعْوَرُ ويَصْيَدُ، وأَعوَرهُ يُعْوِرُهُ. فإنَّ الماضي المجرَّدَ منها، وهو "عَوِرَ وصَيِدَ، قد صَحَّت عينُهُ.
فكلُّ ذلك لا نَقلَ فيه ولا إعلالَ، بل يجبُ تصحيحُ عينه كما رأيت.

نقل الحركة إلى الساكن قبلَها:

فإن لَزِمَ بعد نقْلِ الحركة إلى الساكن قبلَها اجتماعُ ساكنين، حذِف حرفُ العِلَّةِ مَنْعاً لالتقائهما. فمثل: "ابنْ وبِعْ ولم يَقُمْ ولم يَبِع" أصُلُه: "أَبْيِنْ وأَبيِعْ ولم يَقوُمْ ولم يَبِيعْ" فحُذفَ حرف العلة، دفعاً لإلتقاء الساكنين.
(إذ بنقل حركة العين اجتمع ساكنان: حرف العلة وآخر الكلمة، فيحذف حرف العلة منعاً لإجتماع الساكنين. وهذا فيه الإعلال بالنقل والحذف، وقد استغني عن همزة الوصل في "بع"، لأنه إنما أتي بها تخلصاً من الابتداء بالساكن. وقد صار أول الكلمة متحركاً بعد نقل حركة ما بعده إليه، فاستغني عنها). ومثل: "أقمْ وخَفْ ولم يُقِمْ ولم يَخَفْ، أصلُه، "اقوِم وإِخْوَف ولم يُقْوِمْ ولم يَخْوَف".

(نقلت حركة الواو والياء إلى ما قبلها، ثم قلب حرف العلة ألفاً بعد الفتحة وياء بعد الكسرة، للمجانسة. فالتقى ساكنان، فحذف حرف العلة دفعاً لالتقائهما وقد استغني عن همزة الوصل في "خف" بعد تحرك أول الكلمة. وهذا فيه الإعلال بالنقل والقلب والحذف.

الإعلال بالنقل والحذف:

ومما أعِلَّ بالنقلِ والحذفِ اسمُ المفعولِ المعتلُّ العين: كمَقولٍ ومَبيعٍ. وأصلهما: "مَقْوُولٌ ومَبْيوعٌ". 
(نقلت حركة العين إلى الساكن قبلها، فالتقى ساكنان: العين المنقولة حركتها وواو مفعول، فحذفت واو "مفعول" دفعاً لالتقاء الساكنين.
 فصارا "مقولا ومبيُعاً (بضم القاف، والباء)، فقلبت ضمة الباء في "مبُيع" كسرة، لتصح الياء، فصار "مبيعاً" وقال الأخفش إن المحذوف هو عين الكلمة لا واو "مفعول").
وندَرَ تَصحيحُ ما عينُهُ واوٌ في اسم المفعولِ، كقولهم: ثَوبٌ مَصْوونٌ، وفَرَسٌ مَقْوُودٌ" ولغةُ بني تميمٍ تصحيحُ ما عينُهُ ياءٌ فيقولون: "مَبْيوعٌ ومَخيْوطٌ ومكيولٌ ومَديُونٌ".

الإعلال بالنقل والقلب:

ومن الإعلال بالنقْل والقلب والحذف معاً، ما كان من المصادر مُعتَلِّ العين على وزن "إفعال"، أو "استِفعال": كإقامة واستقامة. وأصلُهما: إقوامٌ واستقوامٌ.

(نقلت حركة العين، وهي الفتحة، إلى الساكن قبلها، فالتقى ساكنان: عين الكلمة والألف، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصارتا "إقوْما" (بكسر ففتح فسكون) "واستقوما" (بكسر التاء وفتح القاف وسكون الواو)، فقلبت العين ألفاً، لتناسب الفتحة قبلها، فصارتا "أقاما واستقاما". ثم عوض المصدر من ألف الإفعال والاستفعال المحذوفة تاء التأنيث. وقد يستغنى عن هذه التاء في حال الإضافة، ومنه قوله تعالى: "لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة" أي: إقامتها).
وقد تَصِحُّ عينُ الفعل، فتصحُّ في المصدر: كأعوَل إعوالا، واستحوذ استحواذاً.