تبعية الأدب العربي الحديث للآداب الأوربية.. الانتقاص من أهمية الجهود الإبداعية الحديثة التي بذلها الأدباء العرب

لئن كان حجم تأثر الأدب العربي الحديث فنياً وفكرياً بالآداب والثقافة الأوروبية يسوّغ القيام بدراسات حول هذا الموضوع، فإنه يحقّ للمرء أن يتساءل عن المراد من دراسات التأثير هذه.

هل المقصود بها هو إظهار تبعية الأدب العربي الحديث للآداب الأوربية، وضخامة تأثير تلك الآداب فيه، وذلك بغرض التصدي لتلك التبعية، والسعي للتحرر منها، وصولاً إلى أدب عربي أصيل وناضج؟

أم المقصود بهذه الدراسات هو إظهار مايدين به الأدب العربي الحديث للآداب الأوروبية والغربية اعترافاً بفضل تلك الآداب وثقافاتها، وذلك عبر الإقرار بأنه قد كان لتأثر الأدب العربي الحديث بالآداب المذكورة دور حاسم في تحديث الأدب العربي وتطويره، وهذا ينطوي على اعتراف بالتبعية وتلذذ بها؟

هل تريد دراسات التأثر أن تظهر للأوروبيين أنّ لهم الفضل في النهوض  بالأدب العربي، بغية تملق مشاعر المركزية والتفوق التي يكنّونها؟

لا نريد أن نعطي إجابات تنطوي على أحكام تعميمية، لأنّ أحكاماً كهذه قد تكون تعسفية، ولكن لا يسعنا إلاّ أن نشير إلى أنّ دراسات التأثر المشار إليها ترضي مشاعر المركزية الأوروبية المترسخة في نفوس قسم من الأكاديميين الأوروبيين وفي الرأي العام الغربي.

إلاّ أنّ الأهمّ من ذلك هو أنّ تلك الدراسات تنتقص من أهمية الجهود الإبداعية الحديثة التي بذلها الأدباء العرب، وذلك من خلال التركيز على ما يدين به الأدب العربي الحديث للآداب الأوروبية، لا على ما أنجزه ذلك الأدب جمالياً وفكرياً.

وهناك حالات استخدمت فيها مسألة المؤثرات الأجنبية في الإساءة إلى بعض الأدباء العرب والحطّ من قدرهم بصورة مباشرة، وذلك بإظهار الأديب العربي في صورة مقلد أو سارق.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال