دراسات التأثير العربية في الأدب الأوربي.. ردة فعل عربية على المركزية الأوروبية وعلى مساعي الهيمنة الأوروبية الغربية

لاشكّ في أنّ لدراسات التأثير العربية دوافع معرفية وعلمية، ولكن من الواضح أيضاً أنّ لها دوافع إيديولوجية تتلخص في السعي لدحض فكرة التفوّق الأدبي والثقافي الأوروبي، وذلك بإظهار فضل العرب على الأوروبيين، وأنّ شمس العرب تسطع على الغرب، ليس علمياً وفلسفياً فحسب، بل أدبياً أيضاً إنّ هذه الدراسات هي ردة فعل عربية على المركزية الأوروبية وعلى مساعي الهيمنة الأوروبية الغربية.

ولاشكّ في أنّ هذا الدافع مشروع، ويمكن أن يوضع في سياق الدفاع عن "الأمن الثقافي" العربي، وأن ينظر إليه في إطار المحافظة على الهوية الثقافية العربية المهددة بالتمزق نتيجة ما يمارسه الغرب من توسع وهيمنة ثقافيين.

إنّ دراسات التأثير العربية هذه هي انتفاضة طرف مهدد ثقافياً ضدّ طرف توسعيّ يمارس الهيمنة الثقافية، ويسعى لمحو الهوية الثقافية العربية والقضاء عليها، كي يستكمل سيطرته الاقتصادية والسياسية والعسكرية على المنطقة العربية، التي يعدّها منطقة "مصالح حيوية" له، ويسعى للسيطرة عليها بصورة كاملة.

ولكن رغم تفهمنا الكامل للدوافع القومية المشروعة لهذا النوع من دراسات التأثير العربية، فإننا نرى أنّ تلك الدراسات لم تنجُ من المآخذ التي أخذت على دراسات التأثير الفرنسية والأوروبية، وينطبق عليها النقد الذي وُجّه إلى تلك الدراسات.

فنحن لا نستطيع أن نقيس بمكيالين، فنرفض دراسات التأثير الفرنسية والأوروبية، لأنها تخدم نزعة المركزية الفرنسية والأوروبية، ونجيز دراسات التأثير العربية التي تخدم أيضاً نزعة قومية أو مركزية.

كذلك فإنّ التحفظات المنهجية والنظرية التي سُجّلت على دراسات التأثير الفرنسية والأوروبية، يجب أن تسجل أيضاً على دراسات التأثير العربية.

فزمان هذا النوع من الدراسات قد ولّى.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال