استمرار السحر العلاجي رغم تطور العلوم الطبية.. الماء المقروء عليه، أحجبة وطلاسم. بوصفير. بوحمرون. بودحاس. بوخناق. بوتليس. بوزلوم. بوطابك وبومزوي



لا يمكن اختصار الحديث عن السحر العلاجي في المغرب في مقال أو حتى في كتاب فالأمر، يتعلق بأكثر أشكال السحر انتشارا وأقدمها حضورا في مجتمعنا.

لقد أنتج السحر العلاجي على مدى قرون عديدة، إرثا زاخرا من المعارف والمعتقدات التي لم يدفعها تطور العلوم الطبية إلى الانحسار او الاختفاء، ولذلك تظل كل محاولة لاختصار الحديث عنها ناقصة.

سنترك هنا جانبا التطبيب الشعبي الذي يستمد قواعده وقوانينه من علوم «الطب العربي»، فهذا النوع من العلوم كان يدرس في جامعة القرويين خلال أبهى عصور مجدها، وتأثيراته العلاجية تكون إما عضوية (العلاج بالأعشاب) او نفسية (الكي) وليست في كل الأحوال «سحرية»، لنصب اهتمامنا بالأساس على اعتقاد المغاربة في مسؤولية الجن في الإصابة بالأمراض، أي المرض باعتباره لعنة تلاحق بها كائنات الخفاء الإنسان ولا يتأتى علاجها إلا باللجوء إلى الجن نفسه، أو الحصول على «البركة» بمختلف تمظهراتها.

طبيب اشتغل في مناطق قروية منعزلة، يستنتج الدكتور مصطفى أخميس أن السكان لا يزالون متشبثين بأساليب الطب المسمى تقليدي، تلك التي لا تزال حية رغم وجود مراكز للعلاج الطبي العصري.

إن أساليب العلاج هذه هي خليط غريب من وصفات العلاج البدائية أمثال: الكي، دق المسامير... وأخرى تستميل الناس، باستثمار قداسة الدين أمثال: الماء المقروء عليه، أحجبة وطلاسم أو الخصائص العلاجية للأعشاب والمواد الطبيعية المجربة.

وإذا كانت الوصفات العلاجية تعرف اختلافا في بعض تفاصيلها بحسب المناطق المغربية، فإن الميزة الأهم التي تؤطر تصور المغاربة لأسباب الإصابة بالمرض، كانت ولا تزال في اعتقاد العامة، تنسب إلى الجن مسؤولية كل ما يصيب نفوس وأبدان البشر من أمراض واختلالات.

ولذلك تشير أسماء الأمراض التي تبدأ بأداة التصدير (بو...) إلى أسماء الجن الذي يعتقد في كونهم مسؤولين عن إصابة الإنسان بتلك الأمراض.

وهكذا يدل مثلا اسم (بوصفير) على اسم الجني الذي يصيب الإنسان باليرقان.
وبالمثل يعتبر (بوحمرون) اسم علم للجني الذي ينشر الحصبة.
و(بودحاس) نسبة إلى الداحس بثور تظهر بين اللحم والظفر).
و(بوخناق) نسبة إلى الجني الذي يسبب الخناق.
و(بوتليس) الذي يصيب الإنسان ليلا حتى لا يبصر شيئا.
وبوزلوم (عرق النسا) وبوطابك وبومزوي، الخ...

ويؤكد ذلك أحد الفقهاء السحرة إذ يقول: إن عملنا يعتمد على علوم معروفة على طرد الأرواح الشريرة التي هي أساس كل الأمراض التي تصيب بني البشر، من وجع الأضراس والحمى والإجهاض (اللاإرادي) للمرأة والعين وغيرها مما يبتلي به الإنسان الراشد أو أمراض الصغار كالصرة و البكاء المسترسل وغيرها، وكلها من عمل الجن.


0 تعليقات:

إرسال تعليق