الكفايات في التعليم.. الرؤية النقدية لنتائج التمدرس. تأثير التكوين المهني على التكوين العام. إعادة التفكير في طريقة صياغة البرامج

هناك عدة أسباب تلعب لصالح التكوين الممركز على تنمية الكفايات وليس فقط على اكتساب المعارف.
فالمرور من البرامج بالأهداف إلى الكفايات يمكن أن يرتبط بما يلي:

أولا: الرؤية النقدية لنتائج التمدرس:

يلاحظ أن المكتسبات المدرسية لم تعد لها إلا نفعية أقل مادامت ليست هدفا لإعادة الاستثمار أو التحويل (النقل) (تارديف 1999).

نسجل أن هناك ثغرات مهمة ليست فقط في الكفايات والقدرات، وبخاصة في كيفية استعمالها، ولكن كذلك في المهارات الثقافية المعنية بالتكيف مع التطور المستمر للمعارف وتحولات العمل نفسه.

لقد أدت هذه الرؤية النقدية إلى إعادة التفكير في التكوين المدرسي المتبع.
ففكرة الكفاية تهم التحسيس منذ المدرسة بتطوير المهارات المركبة التي تبدو أساسية لتكيف لاحق للفرد.

والتكيف هنا في معنى متنامي في محيط متبدل ومتغير الذي يفترض تطوير أدوات فكرية مرنة مناسبة والتحولات، وقادرة على تخويل الفرد معارف جديدة.

وهكذا فإن إيلاء الأهمية للكفايات يعني التمركز على تكوين الفكر والمباشرة المختلفة لعلاقة الفرد بالمعرفة.

ثانيا: حسب رؤية التدريس بالأهداف كان ينظر إلى البرامج على شكل سلسلة تامة وشاملة بتراتبية الأهداف وبأهداف صغرى موحدة ونوعية سهلة التقويم:

وقد كانت هذه المقاربة أصل كثير من الاشتقاقات منها كثرة الأهداف أو تكاثرها و تجزيئ المعارف وإضفاء الصبغة الذرية على الكفايات والتركيز على الأهداف القصيرة المدى، والتركيز كذلك على المهارات الثانوية التي تضر بالكفايات الأكثر تعقيدا، والتركيز على التقويم عوض التعلم.

لقد قاد كل ذلك إلى إعادة التفكير في طريقة صياغة البرامج.
لهذا فإن استهداف الكفايات المدمجة وليس فقط المعارف المفككة و المقسمة هو الذي دفع إلى إعادة النظر في بنية البرامج الموجودة والطريقة التي ستوضع بها مرامي التكوين المتبعة انطلاقا من البرامج.

ثالثا: تأثير التكوين المهني على التكوين العام:

يتعلق الأمر بعلاقة أكثر براجماتية بالمعرفة لأن المعارف المكتسبة في المدرسة وجب أن تكون قابلة للاستعمال والتحويل أو النقل.

كما يجب أن تتوفر على معنى لرؤية المشاكل التي يواجهها الفرد في الحياة اليومية والمساهمة بذلك في اندماجه الاجتماعي والمهني.

إن هذا التأثير الذي مارسه التكوين المهني على التكوين العام لا يقود مع ذلك إلى رؤية نفعية، ولكنه يعني أننا لا يجب أن نكتفي بملء رأس التلميذ بالمعارف التخصصية (المواد) المتنوعة في حالة ما إذا كانت هذه المعارف نافعة في يوم ما.

وينبغي الاستفاضة في نفعيتها في لحظة تحصيلها لأن معرفة لا تستعمل وغير قابلة للتحديد الوظيفي تفضي إلى ما يسمى "بالمعارف الجامدة"، أي المعارف التي لا تقبل التحريك وإعادة الاستثمار بشكل دائم.
وفي هذا المعنى تطلب مهمة التأهيل في المدرسة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال