بالنسبة لهذا الجانب، فإنه يطرح السؤال التالي: هل يمكن "للإصلاح" أن يحقق ما حدده من أهداف بدون تهيىء وتأهيل مسبق للممارسين و المنفذين له على أرض الواقع أو على الأقل بموازاة مع تطبيقه ؟!
لنعتبر على العموم إيجابيا ما جاء به "الإصلاح" من تغييرات على مستوى المناهج و البرامج و المقاربات البيداغوجية المتمثلة في: إغناء هذه البرامج و المناهج و ذلك بإضافة أجزاء مضامينية جديدة تواكب إلى حد ما التطور العلمي والتقني بارتباط مع الإشكاليات العلمية المطروحة، و إعادة بناء هذه البرامج والمناهج وفق تصورات نسبيا جديدة و منتظمة في محاور أساسية.
كما تم نقل وتحويل أجزاء منها من مستوى دراسي إلى آخر- في الغالب أدنى منه – (كمثال: تحويل جزء الجيولوجيا التي كانت تدرس في مستوى الثامنة إعدادي إلى مستوى الأولى ثانوي إعدادي، ونفس الشيء بالنسبة للثالثة ثانوي إعدادي مع الثانية لنفس السلك)، ثم هناك الانتقال من بيداغوجية الأهداف إلى المدخل بالكفايات والقيم.
تم كل هذا في غياب وتغييب لأي شكل من أشكال التكوين المستمر لفائدة هيأة التدريس التي أوكل إليها تنفيد و تطبيق تلك البرامج و المناهج الجديدة!
ما مصير كل التقارير التي طالبت وتطالب بتكوين في موضوع الكفايات؟
إنه لو تم إحصاء، على مستوى تقارير مجالس التعليم، النقطة أو المطلب الأكثر ترددا لوجدنا أن التكوين المستمر يحطم رقما قياسيا!
أين نحن من الميثاق الوطني للتربية و التكوين الذي يشير في مادته 136 إلى: ..."حصص سنوية قصيرة لتحسين الكفايات و الرفع من مستواها، مدتها ثلاثون ساعة يتم توزيعها بدقة" و يضيف: "تنظم دورات التكوين المستمر على أساس الأهداف .... وفي ضوء الدراسة التحليلية لحاجات الفئات المستهدفة و آراء الشركاء...الخ"؟؟
من جهة أخرى، وعلى الرغم مما يقال حول إيجابية تعدد الكتب المدرسية و دخول التأليف منطق "المنافسة الشريفة" فإن الأمر لم يزد إلا تعقيدا وذلك من خلال: الاختلافات بين الفرق المؤلفة في فهم و تأويل المقاربة البيداغوجية بالكفايات، إذ أن بعضها يؤلف بناءا على صياغة كفايات وقدرات و أهداف والبعض الأخر يقتصر في التأليف على صياغة الكفايات والأهداف، دون إبراز أو تحديد الترابطات بشكل واضح بينها – على الرغم من محاولات التفسير الواردة في الدلائل -؛ كما لم تستطع توضيح هل هناك اختلاف بين الأهداف التي تبني عليه المقاطع والوحدات و تلك التي كانت تندرج في سياق بيداغوجيا الأهداف؟.
أما على المستوى المعرفي أو المضاميني، فإن بعض المعارف و المعلومات تفوق المستوى الإدراكي للمتعلم بل تستعصي أحيانا حتى على المدرس نفسه و خاصة بالسلك الابتدائي و الثانوي الإعدادي.
نضيف من جهة أخرى، أن هذا التأليف اعتمد في أجزاء كبيرة منه إما على النقل و الترجمة الحرفية من الكتب الأجنبية – الفرنسية على الخصوص- أو المحلية دون أن تؤخذ بعين الاعتبار المعطيات المتعلقة بالمتعلم المغربي و بمستواه الثقافي-الاجتماعي و الإمكانيات المتوفرة بالمؤسسة التعليمية.
و على الرغم من المجهودات التي يبدلها كل من المدرس و المؤطر التربوي فإن الممارسة وفق بيداغوجية الأهداف لا زالت هي السائدة.
ليس هناك أية بوادر للتعلم الذاتي و تمكين المتعلم من موقعه الطبيعي في الممارسة البيداغوجية: أي احتلاله لمركز الفعل البيداغوجي-التكويني. إن الممارسة في أغلب الأحيان تأخذ شكل تلقين الكتاب المدرسي!
التسميات
تكوين