القرن الأفريقي وحرب الإرهاب.. الحركات الإسلامية وإلصاق تهمة الإرهاب ردا على الاحتجاج على غصب الحقوق



لقد تسابقت دول القرن الإفريقي، وتنافست فيما بينها في الوقوف مع أمريكا في حملتها على ما أسمته (بالإرهاب الإسلامي)، واستقبلت إدارة بوش في ديسمبر 2002م كلاً من الرئيس الكيني (أرب موي)، ورئيس الوزراء الإثيوبي (ملس زناوي)، كذلك الرئيس الجيبوتي (إسماعيل عمر غيلة) في يناير 2003 م، أما الرئيس الإرتري (أسياس أفورقي) فقد سعى قدر طاقته إلى استغلال هذا الحدث لصالحه، وقدم نفسه إلى العالم الغربي باعتباره أول من عانى من الإرهاب، وأول من قاومه؛ في إشارة منه إلى صراعه مع (الحركة الإسلامية الإرترية) وخصومته مع السودان.
وعلى ضوء ما كشف عنه (جون أبي زيد) قائد القيادة المركزية الأمريكية في 30/7/2003م في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) أن بلاده أنشأت ـ أو بصدد إنشاء ـ قوة عمل تشارك فيها إحدى عشرة دولة أفريفية هي: مصر، وإثيوبيا، وإرتريا، وجيبوتي، وبورندي، ورواندى، والكونغو، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، وسيشل.
وأوضح (جون ساتلر) المسؤول عن القوات الأمريكية بجيبوتي أن هذه القيادة المعروفة باسم (قوة العمل في القرن الأفريقي) تتألف من أربعمائة شخص يمثلون جميع أفرع القوات المسلحة الأمريكية والمستخدمين المدنيين، فضلاً عن ممثلين لجيوش الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة في حملتها ضد الإرهاب الدولي.
وكان وزير الدفاع الأمريكي قد أعلن في زيارته لجيبوتي أن الولايات المتحدة ستبقي انتشارها في جيبوتي لعدة أعوام، وقال: إنها منطقة يوجد فيها الكثير من العمل.
ولأن مصطلح (الإرهاب) لم يعرف تعريفاً قانونياً واضحاً ومحدداً بات مصطلحاً يلجأ إليه كل طرف لتصفية حساباته السياساته مع الطرف الآخر؛ من هنا ولأن دول القرن الأفريقي في الوقت الذي تهرع فيه إلى محالفة أمريكا نرى القوى المتحاربة منها يتهم كل منها الآخر بالإرهاب؛ ففي غضون الأشهر الماضية من هذا العام حمَّلت إرتريا الانفجارات التي حدثت خلال أيام الاحتفالات بيوم الاستقلال في مدينة (بارنت وغرب البلاد) كلاً من إثيوبيا والسودان، كما فعلت من قَبْل في قتل الجيولوجي البريطاني الذي وجد مذبوحاً في (غرب إرتريا) حسب ما أذاعه (نظام أفورقي)؛ حيث نسبت ذلك إلى السودان، في حين أن (الحركة الإسلامية الإرترية) نفت مسؤوليتها عن الحدثين المذكورين؛ بالرغم من إصرار الحكومة الإرترية على اتهامها بتنفيذه بالتنسيق مع الإثيوبيين والسودانيين، كل ذلك من أجل الظهور بمظهر الضحية، وإلفات الأعين الغربية إلى ذلك للفوز بأكبر قدر ممكن من الرضى والتعاطف الأمريكي، وبالمقابل ـ أيضاً ـ يتهم كلٌ من السودان، وإثيوبيا إرتريا بتحريض العمل الإرهابي ضد بلديهما، وعلى كل فإن كلاً من النظامين يعملان في توظيف هذا الحدث لصالحهما ضد القوى المعارضة لا سيما الإسلامية منها؛ وحيث أن القوى الإسلامية تمثل عمقاً ثقافياً وتاريخياً في المجتمع الإرتري وكذلك المجتمع الإثيوبي يحاول كلا النظامين كلٌّ بطريقته ضرب الطوق عليها إقليمياً ودولياً من خلال وسمها بتهمة الإرهاب.
لقد استغل (إسياس أفورقي) انشغال أمريكا والعالم بأحداث الحادي عشر من سبتمبر ليس فقط في الإساءة إلى (الحركة الإسلامية) وإنما أيضاً في التخلص من رفاقه الذين شاركوه وفي بناء فصيله الحاكم حتى يوم الاستقلال؛ إذ انقض عليهم على حين انشغال المجتمع الدولي بأحداث سبتمبر فرمى بهم إلى ما وراء السجون متهماً إياهم بالعمالة، ثم بكل حماس رحب بالأمريكان ليحلوا ضيوفاً مكرمين عنده في موانئه البحرية (عصب، ومصوع) إلا أنهم تجاهلوا طلبه، وآثروا عليه جيبوتي، وعندما سئل في مؤتمره الصحفي ـ كما نقلت ذلك جريدة البيان الإماراتية في 11/12/2002 ـ فيما إذا كانت إرتريا ستسمح لأمريكا باستخدام موانئها البحرية ومطاراتها البرية؟ أجاب: يمكنكم أن تتصوروا أن هذا أدنى ما يمكن أن نقوم به.
وتحت عنوان: (حليفنا الجديد) كتب (جول موبري ـ Joel Mowbray) ـ وهو موظف سابق في الكونقرس الأمريكي، تنشر له عديد من الصحف والمجلات الأمريكية منها: (واشنطن تايم، ونيويورك بوست، وجويش ورلد رفيو) والأخيرة صحيفة يهودية كما يبدو من اسمها، ويعد أحد كتّاب موقع ـTownhall.com المتخصص في نشر أخبار المحافظين ـ نشر في 10/7/ 2002 م ـ مقالاً عن إرتريا في مجلة ألكترونية تدعى National review online قال فيه: «إرتريا هي البلد الذي لا يضطرك إلى لَيَّ ذراعه؛ فهي في حد ذاتها تعاني من (الإرهاب الإسلامي)، وينظر إليها كثير من رجال البانتاجون كحليف استراتيجي، خصوصاً في ضرب العراق)...
وقد قام الجنرال (تومي فرانك) برحلات متكررة إلى إرتريا، كما أن تقارير عدة من صوت أميريكا والصحافة الأجنبية أكدت أنه ناقش القضايا الأساسية مع مسؤولي الحكومة الإرترية.
إرتريا بلد متعاون مع الأمريكان وذات موقع استراتيجي، والإرتريون راغبون في العمل معنا ... تجربة إرتريا مع الإرهاب من المحتمل أن توضح لنا لماذا هي البلد الوحيد في المنطقة الذي يتعاون وبشكل علني وواضح مع إسرائيل؟.
لقد أغضبت إرتريا بموقفها هذا جامعة الدول العربية التي أرادت منها وبإلحاح الانضمام إليها».
ومع أن هذا القول من (جول بوري) يُعرِّي نظام (الجبهة الشعبية)، ويكشف إفلاسه، ويجسد في الوقت ذاته خطورته على الأمن العربي إلا أنه يفترض أن لا يثير أدنى غرابة؛ فهوالموقف الطبيعي والمتوقع من نظام شوفينيي يعيش حالة فشل وإخفاق في التغلب على مشاكله الداخلية، وحالة عزلة ثقافية وحضارية في المحيط العربي والإسلامي؛ ومن ثم لا يحس بأي روابط قومية وعقدية مع الشعوب العربية والإسلامية في صراعها مع الكيان الصهيوني، كما لا يرى له أية مصلحة في الارتباط بها، والوقوف مع حقها العادل، أو على الأقل في تبني الحياد، لا سيما في وقت اتسع فيه تشرذم الصف العربي، وتنامى تخاذله وهوانه على الأمريكان، وتآمر قياداته على بعضها البعض.
فمنذ أن تربع هذا النظام على أريكة السلطة في إرتريا وحتى هذه اللحظة ما زال يقتات على حساب الحق العربي والإسلامي، ويرتبط في سبيل ذلك انطلاقاً من مكيافيليته الصارخة، وشوفينيته البغيضة بتحالفات مشبوهة مع (الحركة الصهيونية) والقوى الإمبريالية؛ فها هو بعد أن خسر المسألة السودانية، وفقد أهم كروتها من جراء إحباط الدبلوماسية السودانية ـ بصمت وحكمة ـ وظنها خوراً وضعفاً) كل مآمراته ضد بلدها؛ فوجد نفسه مجرداً من أهم عوامل تسويق ذاته في دوائر صناعة القرار الأمريكي، وأراد تعويض شيء من ذلك من خلال تسويق نفسه لدى الإدارة الأمريكية مرة ثانية باستغلال ما أسمته أمريكا بمكافحة (الإرهاب الإسلامي) بعد أحداث 11سبتمبر وذلك بشكل مخجل بلغ إلى حد لم يتردد فيه سفير إسياس بواشنطن (جرما أسمروم) ـ طبقاً لما ذكره الدكتور برخت هبتي سلاسي، وكان برخت أحد حلفاء (أفورقي) قبل الانشقاق عنه ـ من إغراء الولايات المتحدة بعمق مياه الموانئ الإرترية، وبامتيازات تضاريس إرتريا الجبلية المشابهة لجبال أفغانستان على حد وصفه؛ الأمر الذي جعل (جول موبري) الكاتب الأمريكى المذكور يقول: إن إرتريا هي البلد الذي لا يضطرك إلى لَيِّ ذراعه!!.
ومع هذا لا يستحي الرئيس (إسياس) من أن يخرج في المنابر الإعلامية بين الفينة والأخرى ليتهم الآخرين علناً بالوهم واختلاق الأكاذيب، حين يسأل عن القواعد العسكرية الأجنبية في السواحل والجزر الإرترية قائلاً كما في (لقاء اليوم) الذي أجرته معه قناة الجزيرة بتاريخ 13/12/2001: نحاول أن نبقى مستقلين في قرارنا، ونحاول أن نشارك بشكل بناء في العلاقات الإقليمية، ولا نريد أن نرى تعقيدات سياسية من خلال اتباع سياسات غير سليمة لمصلحة المنطقة، وهذا حديث يدور في أذهان بعض القوى السياسية في المنطقة التي تحاول توهم الشارع العربي بأكاذيب واختلاق معلومات ما موجودة في الواقع».
كيف يمكن أن نبقى مستقليين مع هذه السياسة التى جعلت من بلدنا دولة تعرض نفسها في سوق السياسة الأمريكية إلى حد توصف فيه من الرخص والبخس بأنها الدولة التي لا تكلف لي الذراع؟!! وكيف يمكن أن نشارك بشكل بناء في العلاقات الإقليمية، ونحن نجعل من موانئ إرتريا وجزرها منصة صواريخ أمريكية تطلق لتغيير أنظمة وتنصيب أخرى؟!.
ثم بأي منطق نتهم الآخرين (باختلاق معلومات ما موجودة في الواقع) على حد تعبير الرئيس بعد أن تورطت الدبلوماسية الإرترية في أمريكا ممثلة في السفير (جرما أسمروم) بإغراء أمريكا ودعوتها إلى استغلال المياه الإرترية!، وأخيراً هل هذا مما يتناسب مع منطلقاتنا وثوابتنا في بناء السياسة الخارجية إذا كانت لنا فعلاً ثوابت ومنطلقات نابعة من إرادتنا، وهويتنا وليس من إرادة نزعة فردية في حزب واحد؟. إن هذه الممارسة الرخيصة في العمل الدبلوماسي لا تليق بدبلوماسية بلد ضحّى في سبيل استقلال إرادته بمئآت الآلاف من الشهداء طوال ثلاثين عاماً، وتذوق مرارة الظلم والاضطهاد السياسي والعدوان العسكري، وما زال شعبه حتى اللحظة هذه يعاني ويلات الشتات والتشرد، ولكنها العقلية الشوفينية الضيقة التي لا تنطلق في رسم سياستها من مرجعية برلمانية منتخبة، والتي لا يهمها من الأمر إلا حماية وجودها وإطالة بقائها، واستمرار هيمنتها مهما كلف ذلك من كرامة الوطن والشعب الشيء الكثير لكونها لا تحمل من الطموحات سوى تكريس الاضطهاد القومي والثقافي؛ ومن ثم من الطبيعي أن تنساق لمطالب الإدارة الأمريكية، وتنقاد لها ـ من غير لَيّ الذراع ـ في تعريفها للإرهاب على نقيض كثير من الدول التي تحترم سيادة بلدها واستقلالية قرارها، وتعبِّر بوضوح عن مخالفتها للأمريكان في معنى الإرهاب، وعن مخاوفها من أن يؤدي مطاوعة الأمريكان في تعريفهم للإرهاب إلى عواقب غير حميدة تجر العالم إلى أزمات حادة، وعلاقات دولية غير مستقرة.
وإزاء هذا الصنيع ليس لنا من سؤال نراه جديراً بالإثارة هنا سوى أن نقول للأنظمة العربية ـ وبالذات التي تجاورنا ـ: إذا كان نظام (الجبهة الشعبية) بالأمس القريب هددَّ أمن السودان، واليمن، وجيبوتي بشكل علني واستفزازي، واليوم منح الأمريكان فرصة ضرب العراق من إرتريا فمن سيكون الهدف اللاحق غداً؟ وهل نظام كهذا يتوانى من التحالف في ضرب أي دولة عربية ما دام يجد في ذلك تثبيتاً لوجوده؟ وهل فكر زعماء العرب في هذا، أم أن الأمر لا يعنيهم؟ وهل تساءل العرب عن حجم ما يمثله هذا النظام من تهديد الأمن القومي العربي، أم بلغ الهوان بالعرب إلى حد يعبث فيه (إسياس أفورقي) بأمنهم؟.
على كلٍّ إن هذا النهج يمكن أن يفسر لنا عزوف (إسياس) عن الانتماء العربي والعيش بسلام مع جيرانه العرب، وبغض النظر عن الدوافع الكامنة وراء عزل إرتريا عن محيطها العربي، وبغض النظر ـ أيضاً ـ عن تآمر الزعامات العربية على بعضها البعض فهل من الوفاء للشعب العراقي الشقيق الذي ساهم في بناء الثورة الإرترية، واستقبل شبابها طلاباً في مختلف الكليات العسكرية والمدنية، ودعمها بالمال والسلاح أن تنطلق إليه سهام الموت من إرتريا الحرة، ويكون جزاؤه جزاء سنمار أم أنها الانتهازية التي لا تعرف معروفاً، ولا تقدر إحساناً؟!.
ذلك أمر في منتهى الغدر والخيانة لا يمثل الشعب الإرتري أبداً وإنما هو جزء من سياسات شوفينية التجرنية ووليد صراعاتها الحادة التي بدأت تعصف بالنظام بَعْد التصدع الذي ألَّم به عقب نهاية حربه مع حليفه في (أديس أبابا ملس زناوي).
والنظام بعرضه السخي هذا يريد أن يقدم إلى الأمريكان رشوة يقطـع بهـا الطـريق علـى المجـموعات المنشـقة عـنه، ويسعى إلـى تفـويت الفـرصة عليـها حتـى لا تتحالف معهم ضده، علاوة على إثبات أهميته في القرن الأفريقي مقابل الأهمية الإثيوبية' في تحالفات أمريكا ضد ما أسمته (بالإرهاب).
ولعل هذا ما دفع البرفسور المنشق (برخت هبتي سلاسي) إلى عدم استنكار ضرب العراق من الموانئ الإرترية، وإنما اكتفى بمطالبة الأمريكان بعدم قبول إقامة علاقات عسكرية مع نظام (إسياس) من غير الضغط عليه لإجراء إصلاحات ديمقراطية؛ الأمر الذي يفهم منه عدم ممانعته من هذا الاستخدام، لكن مع الضغط على (أفورقي)؛ مما يشير إلى أن كِلا الطرفين يسابق الآخر في كسب ودّ الأمريكان غير مبال بقرار الشعب الإرتري وإرادة فئاته السياسية، وغير مكترث بما سيلحق الشعب العربي في العراق من مزيد دمار وتشرد، مع أن العرف الدولي يحرِّم ويجرِّم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأن تغيير (نظام صدام حسين) شأن عراقي بالدرجة الأولى والأساسية.
إن الولايات المتحدة الأمريكية لا يهمها من هذا السباق والتنافس بين الجناحين المتصارعين من مجموعة التجرنية الحاكمة في إرتريا وإثيوبيا إلا ضمان مصالحها، وتنفيذ خططها الأمنية والعسكرية في المنطقة بالذات في هذه الفترة من حربها على ما أسمته بالإرهاب، وليس لديها أدنى مانع من إهمال الديمقراطية والتضحية بها في إرتريا ما دام يتناسق ويتناسب ذلك مع ما تخطط وتعمل؛ ومن هنا لا تتحرج أبداً من دعم (أفورقي) والاستغناء عن (كرزاي) آخر في إرتريا متى ما ترجح لديها أن (أفورقي) ذاته أكفء أو أقدر على لعب دور كرزاي. وتاريخها حافل بكثير من النماذج في دعم الأنظمة الديكتاتورية والتحالف معها ما دامت لا تمانع في امتثال أجندتها الخاصة؛ ولهذا وقعت بتاريخ 14/7/2004 م كل من إرتريا ممثلة في سفيرها بواشنطن (دي سي جيرما أسمروم) والإدرة الأمريكية ممثلة في نائب سكرتير قيادة الجيش والأمن العالمي (جون. آر. بولتون) على الفقرة 98 من ميثاق تحالف في محاربة الإرهاب، ويعتبر المراقبون والمحللون السياسيون هذا التوقيع خطوة مهمة في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ونظام (أفورقي).
وفي هذا الوقت الذي انشق فيه نظام (إسياس) إلى شقين متضادين، وتزايدت فيه عزلته الإقليمية والدولية، وتنامت معدلات نقمة الشعب الإرتري عليه من البداهة أن يلجأ مجدداً إلى العزف على وتر (الإرهاب الإسلامي) وإلى كسب الأمريكان بأي ثمن ولو بوضع السيادة الوطنية تحت إرادتهم، وتصرف قواتهم العسكرية؛ (البحرية منها والجوية) أملاً في حماية نظامه من غضبة الشعب، في حين أن الأمر ما كان يتطلب أكثر من إعادة النظر في سياساته الخاطئة والمجحفة بعقد مؤتمر مصالحة وطنية، والكف عن سياسة البطش والإقصاء، وتفهم أطروحات كل قوى المعارضة الإرترية، وبناء دولة المؤسسات، والخروج بإرتريا من قبضة رجل واحد في مجموعة لغوية واحدة هي (مجموعة التجرنية)، وفي حزب واحد هو حزب (جشع، الجبهة الشعبية للعدالة والديمقراطية) إلى إرادة الشعب بشتى مجموعاته اللغوية، وبمختلف توجهاته الفكرية، وأحزابه السياسية.
هذه هي أهم مطالب الشعب الإرتري؛ وعلى الولايات المتحدة ضرورة تفهم هذه المطالب إذا ما أرادت لشعوب هذه المنطقة الأمن والاستقرار، ومقاومة الإرهاب الدولي مقاومة حقيقية، وعليها أن لا تصغي للتقارير الكاذبة التي تودّ من خلال ركوب موجة الإرهاب تعميق سيطرتها الشيفونية.
وعليها أن تنظر إلى الصراع الإرتري الإرتري في سياقه التاريخي والثقافي، وأن تتلمس حلوله العادلة في تفهم جذوره الأساسية ومنطلقاته الثقافية والعرقية، ومن ثم النظر إلى (الحركة الإسلامية) نظرة موضوعية بعيدة عن التحامل، لا تخرج بها خارج نطاق انتماءات الشعب الإرتري وتعدده الثقافي؛ فليست (الحركة الإسلامية) في نهاية التحليل سوى حركة احتجاج شعب مسلم غصب حقه، وأهينت كرامته، وأوذي في عقيدته وثقافته.