ذو الشق المائل.. الرجل الذي لا يعدل بين زوجتيه في تقسيم الوقت والنفقة وحسن المعاشرة



السؤال:
إنني آمل من فضيلتكم توجيه كلمة نصح لزوجي خصوصاً أنه حريص على قراءة هذا الباب.
إن زوجي متزوج بأخرى ولا يعدل بيننا أبداً في نواحيٍ عدة منها: تقسيم الوقت (ينام عندها ليلتين) والنفقة و حسن المعاشرة مع أنه كان حسناً.

ولكن بعدما تزوج تغير علينا كثيراً مع أنني ـ والله يشهد على ذلك ـ أقوم بكل واجباتي وأراعي مشاعره، ولكنه دائماً يتأفف ويتذمر مني ومن أولادي، فهل تنصحونه على أن يعود لرشده ويعدل بيننا ويعطي كل ذي حق حقه.

الجواب:
ننصحك أنت أولاً ـ يا أمة الله ـ بأن تصبري على هذا البلاء وتحتسبي ، وأن تطيعي وتتقربي إلى ربك فإن فعلت ذلك تثابي ـ بإذن الله ـ وتؤجري، كما قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) الزمر، الآية :10.

واعلمي أن حقوقك عند الله محفوظة، وهي سترد إليك يوم الحساب كاملة غير منقوصة. كما قال تعالى: (ونضع الموزين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) الأنبياء، الآية: 47.

أما نصيحتنا للزوج ـ إن كان كما تقولين ـ فإننا نقول له : اتق الله واعدل بين نسائك، ولا تظلم واحدة منهن بميلك للأخرى، لأن الله حرم الظلم بجميع أنواعه لأي مخلوق حتى ولو كان حيواناً فكيف بمن يظلم زوجته؟ يظلم أسيرته التي ملك أمرها بعهد الله! ومكنته من نفسها بكلمة الله ! إن الله أدخل امرأة النار بهرة عذبتها فحبستها فلا هي التي أطعمتها ولا هي التي أطلقتها لتأكل من رزق الله، فما بالك بمن يعذب ويظلم أم أبنائه وشريكة حياته وحارسة ماله، ومنظمة معاشه، وملبية رغباته؟

إن جزاء من يفعل ذلك جزاء من جنس عمله، يأتي يوم القيامة وشقه مائل ليوافق ميله وعدم إنصافه وشططه في حق زوجته.. يأتي بصورته تلك لكي تأخذ زوجته حقوقها منه في يوم ليس فيه دينار ولا درهم إن كان له حسنات أخذ من حسناته بقدر مظلمته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات زوجته فطرحت عليه ثم كب في النار.

ولهذا كان السلف الصالح من أشد الناس حرصاً على العدل بين زوجاتهم خشية الوقوع في الظلم، ومن عجيب ما يروى عن الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه أنه تزوج بامرأتين: أم عمر بنت خلاد، والثانية رملة السكونية. وكان من شدة ورعه وعدله بين زوجتيه أنه كان إذا كان يوم إحداهما لا يشرب الماء ولا يتوضأ في بيت الزوجة الأخرى!!

وعندما وقع طاعون (عمواس) توفيت زوجتاه في يوم واحد.
وكان الناس في شغل عن حفر قبر لكل إنسان لكثرة الموتى بسبب هذا الوباء، فدفنهما رضي الله عنه في قبر واحد.
ولكنه من شدة عدله أسهم (أي عمل قرعة) بين زوجتيه في أيتهما تقدم في اللحد أولاً!!

قلت: في مثل هؤلاء العدول وفيمن سار على نهجهم في العدل والرحمة والشفقة على الزوجة نزل قول الله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) النساء، الآية:3، والله الموفق إلى سواء السبيل.