رغم التكنولوجيا الحديثة التي أبهرت العالم بعجائبها وتقديمها المعلومات للباحث وبالسرعة القصوى، ما زال للكتاب رونقه الخاص، فأنت حين تحتضنه بين يديك تشعر بالدفء والانتماء إليه، وطالما تغزل عشاقه به كثيراً فوصفه حكيم الشعراء أبا الطيب المتنبي بـ "خير جليس في الزمان" وقال الروائي الروسي الشهير تيولوستي: قراءة الكتب تداوي جراحات الزمن.
وسيظل الكتاب خير أنيس وخير رفيق، ومن خلاله نطير نحو دنيا من الأدب الجميل ومن خلاله نجد حلولا لكثير من أمراض المجتمع، القرن التقت مجدداً بالكاتبة الصومالية الصاعدة زهرة صالح، وهي سيدة صومالية تعيش وتعمل في الإمارات العربية المتحدة وقد أصدرت منذ سنوات كتاباً تحت عنوان: (كيف تجعلين الرجل في حياتك سعيداً) وهذا العام نناقش مع الكاتبة عملها الجديد الذي يحمل اسم " الغيرة في محيط العمل" وكان الحوار كالتالي:
إضافة إلى باكورة أعمالك الكتابية كيف تجعلين الرجل في حياتك سعيداً اصدرت هذا العام عملا بعنوان "الغيرة في محيط العمل"، نود تسليط الضوء عليه، وما الذي يميزه عن الأول؟
الكاتبة زهرة:
قبل كل شيء اسمحوا لي أن أشكر جريدة القرن الموقرة التي تهتم دائما بالمواضيع الثقافية الهادفة و بأصحابها والتي دائماً تتيح الفرص أمام المواهب الشابة و ذلك من خلال اللقاءات الصحفية المميزة ومن شأن ذلك تحفيز تلك المواهب ودفعهم نحو افق الإبداع. وإنني أشد على يد الجريدة المميزة وأقول لها إلى الأمام.
بعد نجاح كتابي الأول والإعجاب والتشجيع الذي لاقاه من قبل الأشخاص الذين قرؤوه، قررت أن اطرح إحدى القضايا الاجتماعية التي تواجه الكثيرين والتي أحيانا تحول دون إبداعهم وتفانيهم في العمل وهذه القضية هي "الغيرة غير الشريفة" وهذه المشكلة التي تخلق الحقد والكراهية بين زملاء العمل أثرت فيّ بشكل خاص واستطيع أن أقول أنني عشتها وأثرت علي بشكل سلبي من خلال دراستي الجامعية وحين انتسابي للعمل، وأيضا رأيت ما تسببه تلك الغيرة للآخرين خلال احتكاكي بأشخاص عديدين من جنسيات وثقافات مختلفة، فكان كل واحد منهم يشكوا من تلك الزميلة أو ذلك الزميل الذي يغير دائماً من أبسط الأشياء ويحاول بكل قوته إظهار إمكانياته الايجابية واخفاء مميزات الآخر لكيلا لا يكون هناك أحد أفضل منه، وهذا مرض عضال يجب علاجه واستئصاله، وهو يتعارض كلياً مع المنافسة الشريفة التي تدفع العمل الى التقدم والتطور، والتي تجعل كل واحد منا يقدم أفضل مالديه وأجود ما عنده والفرق بين هذا الكتاب وكتابي الأول أن هذا الكتاب يناقش قضية ادارية ملحة، بينما كان الأول يناقش العلاقات الأسرية، وكيف تستطيع المرأة اسعاد زوجها.
وقد تولدت لدي هذه الفكرة حول الغيرة، من خلال عيشي وعملي في الإمارات العربية المتحدة والتي يأتي للعمل فيها أشخاص من جنسيات متعددة ومتنوعة وثقافات مختلفة وهنا تكثر الغيرة لأن كل واحد همه أن يصل إلى القمة بأي ثمن وأي طريقة وأن يكون عمله الأفضل والأحسن ولو كان ذلك على حساب الآخرين ، فدائماً ما يثير المشاكل في حق منافسه الذي يراه أنه أفضل منه محاولا إبعاده عن طريقه مهما كلف ذلك.
وبذلك تنعدم المودة والاحترام بين الزملاء ويحل محلها الحقد والكراهية والبغض والحسد ويزيد لديهم حب الذات والأنانية وكراهية الآخرين.
والغيرة تكون بدايتها في بعض الأحيان في سنوات الطفولة وبين الاشقاء الصغار فعندما تمتدح أحدهم لأنه أحسن السلوك وأدى واجباته المدرسية يشعر الآخر الذي لم يفعل ذلك بالغيرة ونتيجة تلك الغيرة أما أن تكون ايجابية فيحاول تحسين سلوكه والاقتداء بالآخر واما أن تكون سلبية فيحاول أن ينال منه لأنه ببساطة زاحمه في حب والديه وأصبح محبوبهم والأفضل لديهم.
فإذا لم نواجه هذه الغيرة السلبية في ذلك الوقت المبكر ولم نقوم الطفل على السلوك السوي ولم نعلمه كيف يواجه نجاح أخيه بصدر رحب وبروح رياضية وان يحاول هو من جانبه كيف يصل إلى ما وصل إليه أخوه، فإن هذه الغيرة البريئة العفوية قد تتطور لدى الطفل وتصاحبه حتى الكبر فتكون مرضاً مزمناً يصعب التشفي منه وبالتالي يفقد ثقته في نفسه وتتولد لديه كراهية الآخرين والحقد عليهم.
وأحياناً تكون الغيرة صادرة من مجموعة من زملاء العمل تجاه شخص واحد فيمكرون له ويكيدون له كي يتنحى جانباً ، وأحيانا تصل أن يطرد ذلك الشخص من العمل بسبب ذلك الكيد وتلك المكائد.
وهذا الكتاب ترجم الى العربية ولكنني كتبته باللغة الانجليزية وقد شاركت به في معرض الكتب الذي أقامه نادي القلم الصومالي.
بعد طرحك للمشاكل التي تنتج عن الغيرة بين زملاء العمل، ما هي الحلول التي تقدمينها؟
الكاتبة زهرة:
هناك عدة حلول لتلك المشكلة ومن بين تلك الحلول الإدارة الحازمة: فإذا كانت الإدارة التي يعمل لديها الموظفون إدارة قوية حازمة فإنها تضع حداً لتلك المعضلة وتوقف كل واحد عند حده وبذلك تنعدم الغيرة غير المحببة الهدامة ويحل محلها التفاهم والاحترام والمحبة. وذلك دون أن تنعدم المنافسة الشريفة البناءة للعمل والدافعة له نحو الأحسن فالإدارة الذكية تستطيع أن تخلق تلك المنافسة الشريفة وتحفزها دون أن تفتح الباب لتلك الغيرة العمياء التي تقلل من إنتاج العمل والتي تخلق بين زملاء حاجزاً من انعدام الثقة والبغض والحقد وتحول دونهم ودون إيجاد صداقة والعمل كجماعة متحابة متكافئة. أيضاً المسؤولية تقع على وزارة العمل وشؤون الموظفين فيجب أن تكون من جانبهم قررات حازمة تحد من تلك المشكلة.
بالإضافة إلى هذين الكتابين المميزين ما هي أعمالك القادمة؟
الكاتبة زهرة:
إحدى القارئات للكتابين الذين ألفتهما طلبت من أن أعلمها كيفية العزم على تأليف الكتب والبحث عن المواضيع الشيقة التي تهم المجتمع والتي تمسه وتؤثر فيه والتي يبحث لها عن حلول نهائية والتي من شأنها أن تساعده ليحيا حياة هادئة خالية من المشاكل المعكرة للأجواء السعيدة وإنني اعتزم أن اكتب حول مواصفات القائد الناجح بالتعاون مع تلك القارئة الفريدة من نوعها، وإنني متفائلة جداً أن تنال اعمالي القادمة إعجاب القراء، وهذا الكتاب الذي نحن بصدد مناقشته أعجب الكثيرين وأثر فيهم بشكل خاص ،وخلال فترة تواجدي في جيبوتي زرت مدرسة الفرقان وأعطيت بعض الطلاب الكتاب ليقرءوه ويعلقوا عليه وكانت انطباعاتهم عنهم ايجابية جدا ،كما انني اعتزم تأليف كتاب حول المكياج وتصميم الازياء وكل ما له علاقة بجمال المرأة.
صفية عبدالله
التسميات
المرأة