باراك أوباما وأفغانستان وموسم الأخبار المشؤومة من طرف طالبان وقوات جلال الدين حقاني وتنظيم القاعدة



لا اخبار سعيدة للرئيس الامريكي باراك حسين اوباما من افغانستان، فلا يمر يوم تقريبا دون وقوع خسائر بشرية في صفوف قواته وحلف الناتو، بسبب هجمات عناصر تابعة للتحالف الثلاثي المميت الذي يضم طالبان وقوات جلال الدين حقاني وتنظيم 'القاعدة'.
المأزق الامريكي في افغانستان اكثر خطورة من نظيره في العراق على الصعد كافة، السياسية منها والعسكرية، وهذا ما يفسر الانقسام الكبير الذي بدأت تظهر آثاره علانية في اوساط المؤسسة العسكرية الامريكية. وجاءت استقالة الجنرال ستانلي ماكريستال او اقالته احد ابرز جوانب هذا الانقسام.
مشكلة امريكا في افغانستان ليست في قوة حركة طالبان وانما في ضعف الرئيس الافغاني حامد كرزاي وعدم قدرته السيطرة على مقدرات البلاد، علاوة على فساد حكمه والبطانة المحيطة به، ومعظمها من مجرمي الحرب السابقين.
الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الامريكية في افغانستان ورث مهمة صعبة، ان لم تكن مستحيلة من سلفه الجنرال ستانلي ماكريستال، اي تحقيق انتصار على قوات طالبان وحلفائها، خاصة ان دولا عديدة بدأت في سحب قواتها من افغانستان تقليصا للخسائر وادراكا بعدم جدوى الاستمرار في هذه الحرب الخاسرة.
الورقة الوحيدة الرابحة في يد الجنرال بترايوس تتمثل في نقل تجربة قوات الصحوات التي ابتدعها في العراق الى افغانستان، اي محاولة شق صفوف طالبان، واغراء بعض قادة القبائل المتحالفين معها، وتكوين قوات افغانية متعاونة مع المخططات الامريكية.
افغانستان ليست العراق، والشعب الافغاني يختلف كليا عن الشعب العراقي من حيث المذهب والخريطة الديموغرافية. فالبشتون الذين تنبثق من صفوفهم حركة طالبان يشكلون اكثر من 45 في المئة من عدد السكان، والغالبية الساحقة من الافغان يتبعون المذهب الاسلامي الحنفي المتشدد، اي ان ما يحدث في افغانستان هو عكس ما حدث في العراق، فالجهة التي تقاوم الاحتلال الامريكي تشكل الاغلبية العظمى، وتملك عقيدة متشددة وخبرة قتالية عالية، واستعدادا كبيرا للتضحية.
الرئيس الامريكي باراك اوباما جعل مهمة قواته في افغانستان اكثر صعوبة، عندما اعلن انه سيسحب قواته مع نهاية العام المقبل. فكيف سيقبل الافغان، او بعضهم، التعاون مع قوات امريكية ستترك البلاد بعد عام، ليجدوا انفسهم بعد ذلك وجها لوجه امام حكومة طالبان كخونة متعاونين مع قوات اجنبية غازية احتلت بلادهم.
الامريكيون يبحثون عن صيغة او انتصار ما يحقق لهم انسحابا مشرفا من افغانستان، ولكن هذا الطموح المشروع ربما يكون بعيد المنال، لعدة اسباب ابرزها ان حركة طالبان لن تسمح لهم بذلك، اللهم الا اذا قبلوا الاعتراف بها، والتسليم بالهزيمة، والاستعداد لنقل السلطة اليها.
الايام المقبلة قد تكون اكثر صعوبة بالنسبة الى القوات الامريكية وحلفائها، لان شهر رمضان المبارك، شهر التضحية بات على الابواب، وفي هذا الشهر الفضيل تزداد الرغبة في التضحية والشهادة في صفوف الافغانيين، والطالبانيين منهم على وجه الخصوص.
الخيار الوحيد امام ادارة الرئيس اوباما هو الخروج من افغانستان في اسرع وقت ممكن، تقليصا للخسائر وحقنا للدماء، دماء الافغانيين وقوات حلف الناتو على حد سواء، فلم تحتل قوة في التاريخ افغانستان وتخرج منتصرة.


0 تعليقات:

إرسال تعليق