الهيمنة الأمريكية الجديدة .. من فكرة المجتمع الاستهلاكي إلى أسطورة الطرق السريعة للمعلوماتية

سيصبح القرن الحادي والعشرون، قرناً أمريكياً بالتأكيد. فقد روّجت الولايات المتحدة للعالم، منذ عام (1900)، أسطورتين حديثتين على صورة حدثين كبيرين عالميين. هما الأب نوويلPÈRE NOËL))، بالنسبة للأطفال، والأول من أيار، بالنسبة للعمال. وهما حلم ويقين كشعارين مشروعين لبلد جديد.
ثم ما لبثت أن أنتجت، بعضاً من الاختراعات الرئيسة التي فتنت العالم: السيارة، الهاتف، الحبابة الكهربائية،السينما "الكيينوتوسكوب لإيديسون KINÉOTSCOP D' EDISON" عام (1891)، ناطحات السحاب، الطرق السريعة، الطائرة، الآلة الكاتبة، البراد، آلة الحلاقة الكهربائية، لفافات التبغ، العلكة، ... إلخ. من ثم، المجتمع الاستهلاكي "دعايات المخازن الكبرى"، السوق، وتدفق الثقافة السطحية "الصحافة بتوزيع واسع، هوليوود، أفلام الكارتون، التصوير، موسيقا الجاز، مسلسلات الراديو... إلخ" وهناك المراكز التجارية، والتسوق عن طريق الوسطاء...

ثم بدئ الحديث، في أوربا، عن "النموذج الأمريكي" ، بعد التدخل العسكري الحاسم للولايات المتحدة، خلال الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، إلى جانب القوى الاستعمارية "فرنسا، وإنجلترا". ولم تكن الولايات المتحدة، قد بلغت مرتبة القوة الأولى في العالم. "وهي لم تصبح كذلك، مع الاتحاد السوفياتي، إلا بعد عام (1945). كذلك بريطانيا العظمى أيضاً وإمبراطوريتها الاستعمارية الواسعة، هي التي كانت تسيطر على العالم. لكن اليوم. فإن نموذج أو طراز الحياة الأمريكية، هو الذي يُغْوي، وَتُعْرَضُ أفلامها، على الشاشات السينمائية، في كل مكان في العالم. كما أصبح طرازها المجتمعي يجذب العديد من الناس. واعتقد آخرون بأن الولايات المتحدة، بالتعريف، هي "بلاد الحرية"، وبأنها البوتقة للمستوى الجيد للعيش وللنجاح، تنفتح لاستقبال المضطهدين من أوربا الوسطى، والمهاجرين من كل أنحاء العالم.
عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى شهدت القارة القديمة "نهجين جديدين": أحدهما نهج شرقي عرضه الاتحاد السوفياتي، يعد "بمستقبل ساطع عريض" للعمال جميعهم. والآخر نهج غربي بشّرت به الولايات المتحدة عارضة آمالها وتطلعاتها القائمة على الرأسمالية والمشروعات الحرة. واتخذ هذان الخياران ذوا الطابع العالمي" سبيل الجدل والمقارنة على امتداد القارات جميعها خلال القرن العشرين. إلى جانب هذين التيارين شهدت ثلاثينيات القرن العشرين انطلاقة تيار (ثالث) يتسم بالحدة والخطورة، وُسم بالفاشية. وذلك عقب الأزمة الاقتصادية عام (1929).
اتخذت الولايات المتحدة ورئيسها روزفلت المتأثر بعالم الاقتصاد "كينس" طريق المغامرة. وسلك ستالين سبيلاً متمهلاً لبناء "الاشتراكية"، فيما عمل هتلر على إبراز ألمانيا الفاشية بطريقة مشهدية. وكان لا بد من المجابهة بين هذه التيارات الثلاثة، وتم ذلك خلال الحرب في إسبانيا (1936ـ 1939)، وكان النصر فيها حليف الفاشية. غير أن أعداء الفاشية ما لبثوا أن وحدوا صفوفهم خلال الحرب العالمية الثانية، وثأروا من الفاشية وقهروها.
حينئذٍ بدأت الحرب الباردة، هذا الصراع الخفي، هو صراع نفوذ نشب بين الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفياتي، بهدف فرض كل منهما سيطرته على العالم قاطبة. فيخضع السوفيات المنطقة الشاسعة التي يسيطرون عليها لتطهيرات شديدة الوطأة، وقاسية، ويقومون بدعم أنظمة موالية، في كل من أوربا الشرقية، وفي أفريقيا. وتقوم الولايات المتحدة، في الوقت نفسه، بـ (مطاردة المشعوذين)، ودعم الدكتاتوريين العسكريين، في أمريكا اللاتينية، وعلى نطاق أقل، في زمن الماكارثية ـ نسبة إلى ماكارثي 
(MACCARTHYSME).
ووصل الأمر بالبعض إلى درجة تقديس بعض نماذج ا لحياة في الولايات المتحدة، في خمسينيات القرن العشرين، على الرغم من الحرب الكورية: إنها حقبة الممثلين أمثال جيمس دين (JAMES DEAN)، ومارلين مونرو 
(MARILYN MONROE)، وَأَلْفِسْ برسلي (ELVIS PRESLEY) وطريقة تناول أطباق من قطع لحم كبيرة، والرقص (روك أندرول)، ولباس الجينز، ... كان كل ذلك يسير ويضع بصماته الثقافية على عدة أجيال من الشباب الغربي بصورة خاصة. وهكذا، أصبحت الولايات المتحدة، مركز التحديث في السراء والضراء بلا جدل. يتحطم ذلك الحلم، على وقع اغتيال الرئيس جون كندي، ثم شقيقه روبرت، ومالكوم إكس (MALCOM X)، ومارتن لوثر كينغ (MARTIN LUTHER KING) ومع الانفجارات في المنابذ الحضرية (GHETTOS URBAINS)، ومع فضيحة ووتر غيت (WATERGATE)، لقد تحطم الحلم بشكل ما. وتتابعت الصحوة على الفظاظات: في الأزمة الكوبية، وتتابع أو تلاحق التدخلات العسكرية الأمريكية في كل مكان من العالم، "وعلى الدوام لمعاداة الديموقراطيات، ودعم الدكتاتوريات"، سواء في أمريكا الوسطى، أم في الكاراييب. وفي الشرق الأوسط الوقوف إلى جانب الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة أكان ظالماً أم مظلوماً، وكان ظالماً دوماً. وخصوصاً حرب الولايات المتحدة في فيتنام وفظاعاتها ووحشيتها التي استمرت حتى عام 
(1975).
وسجل سقوط سايغون نهاية حقبة ما. تلك المتعلقة بتفوق الولايات المتحدة البيضاء، الواثقة من نفسها، والمهيمنة.
وأخذت المشاكل الداخلية، التي لم تتوقف أبداً، أبعاداً مؤثرة، خصوصاً بعد حمى الفوضى، في سنوات (1968)، في موضوع الأقلية السوداء بالدرجة الأولى. واجتاح العنف والمخدرات المدن الكبرى، في الولايات المتحدة، حيث تعدل التوازن الديموغرافي، وأصبح البيض يذهبون للعيش في الضواحي البعيدة، في أغلب الأحيان، لأنها مريحة وآمنة بالنسبة لهم، في حين تم هجر مراكز التجمعات للسود والناطقين باللغة الإسبانية (HISPNIQUES).
وتراجعت الولايات المتحدة، عن كونها تشكل نموذجاً لمجتمع يجب تقليده ـ في نظر أكبر عدد من البلدان الأوربية، حسبما كان عليه الحال في سنوات سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، إذ كانت تهيمن على الغرب أيضاً عن طريق قوتها العسكرية والاقتصادية. فما من أحد، يريد العيش مثل الأمريكيين فهم محبطون نتيجة العمل فزعون نتيجة العنف، قلقون بشأن المستقبل. إذ أصبح الناس، يدركون أنهم في أزمة عامة، أزمة (إيديولوجية، مثلما هي اقتصادية، وكذلك تكنولوجية وثقافية) وبدت كل من ألمانيا واليابان، ومن جديد منافسين أو خصمين كبيرين في نطاق المعسكر الغربي. أما ما يتعلق بالاتحاد السوفياتي، فقد واجه صعوبات مع أتباعه تشتد أحياناً بطريقة خطيرة.
ولقد أدى سقوط جدار برلين، بتاريخ (11) تشرين الثاني عام (1989)، وبشكل نهائي، إلى تبديل في المعطيات الجيواستراتيجية. وجاء تفجر الاتحاد السوفياتي، في شهر تشرين أول عام (1991)، بعد الانتصار العسكري الأمريكي. في حرب الخليج الأولى ضد العراق. وهكذا، هيمنت الولايات المتحدة، دون خصم أو منافس، وللمرة الأولى، على العالم، أخيراً.
مع ذلك، أكد المجتمع الأمريكي عن وجود قلق مهيمن أكثر، وذلك نتيجة تمزق أصابه، أكثر من أي وقت مضى. وكان ذلك كعلامة من نوع من الفأل السيئ، فقد أعلن ناشر "الرجل المضحك" (SUPERMAN COMICS)، بتاريخ 
(18) تشرين الثاني (1992)، بعد أسبوعين من انتخاب ويليام كلينتون، أعلن أن أشهر بطل واشهر رمز، أمريكي، السوبرمان، قد مات خلال المغامرة الأخيرة، فهل اعترفت الولايات المتحدة أنها دون السوبرمان، ذلك البطل السوبر، الذي اصبح متعدد الأبعاد، في بلد، أصبح يلوح عليه شبح الانحطاط؟
لقد بدا الوضع في هذا البلد الواسع، متناقضاً، في مطلع تسعينيات القرن العشرين. فقد ظهر ضعفه الواضح، في الوقت الذي خرج فيه منتصراً، بصورة مطلقة، بمجابهته مع الاتحاد السوفياتي. فقد تأكد لـه الآن، أنه القوة الوحيدة الأعظم على المسرح الدولي، حيث استطاع أن يؤمن تفوقاً عسكرياً ساحقاً ومدهشاً، أثناء حرب الخليج، وبالتالي تحقيق جزء من مطامعه.
لقد سمح هذان الانتصاران، لواشنطن، بأن تحلم بنظام دولي جديد، خلال لحظة، يتجاوب مع طموحاتها وأطماعها، من جهة، ثم تحقيق أهدافها التاريخية من جهة أخرى. في الواقع، نشطت الدبلوماسية في الولايات المتحدة، بصورة فعالة جداً، وشجعت على إجراء تسويات لمعظم الأزمات الإقليمية الكبرى، خاصة فيما يتعلق بالنزاعات والحروب ذات الشدة الضعيفة، حيث ازداد نشاطها في ثمانينيات القرن العشرين: في أفغانستان، أنغولا، السلفادور، نيكاراغوا، كامبودجيا. لا بل نشطت حتى في الأمور الأشد تعقيداً، مثل قضية الشرق الأوسط، والصراع العربي ـ الصهيوني، حيث نجحت واشنطن بالضغط على الأنظمة العربية، لعقد مؤتمر حضره معظم الزعماء العرب، في مؤتمر مدريد، بهدف إجراء تسوية بين تلك الأنظمة التي تراكضت لمقابلة الزعماء الصهيونيين، في ذلك المؤتمر، وجرت لقاءات ومصافحات، وصدق الزعماء الدكتاتوريون العرب المتربعون على كراسي الحكم أن الولايات المتحدة جادة للوصول إلى حل عادل ودائم، ويلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، لكن تلك الآمال، ضاعت، على الفور، وفشلت الأنظمة العربية، بإقناع الرأي العام العربي، الذي أخذ يغلي نتيجة ما لحق أنظمة قمعه من إذلال، على أيدي حكام واشنطن وتل أبيب، حيث أرادت واشنطن أن تكافئ الأنظمة العربية التي شاركت في تدمير العراق عام (1991) لكن أَذْرَت رياح الصحراء ورمالها ما كان الحكام يأملونه وعرفوا  أن زعماء البيت الأبيض قد خدعوهم.
لقد بدا كل ذلك، في وقت ما، يظهر على شكل بسمة على وجه ممثلي الدبلوماسية الأمريكية، وقيامهم بجولات انتصارية، على رأس هؤلاء جيمس بيكر، الذي كان وزيراً للخارجية في الولايات المتحدة آنذاك، فقام بجولات في بلدان البلطيق، والبلقان والقوقاز، داعياً إلى استقلال تلك البلدان، ومرافقاً بإضرابات كثيفة، نتيجة تلاقي سياسة اقتصاد السوق، مع النموذج الليبرالي الأمريكي.
وبرزت عندئذٍ الصعوبات، عندما لم تستطع الولايات المتحدة اختراع مشروع جديد كبير، من طراز خطة مارشال، من أجل التوصل لتقديم المساعدات، إلى ميخائيل غورباتشيف، أولاً، ومن ثم إلى الاتحاد السوفياتي السابق، الذي تفكك، وبحيث أعلن أحد رؤساء الدول حديثة الاستقلال ـ الرئيس الجديد بوريس يالتسين، في المقام الأول ـ بإلحاح وضجيج بالمطالبة بدعمهم المالي الكثيف، لكن دون جدوى. فقد اكتشفت الولايات المتحدة، أنه لم تعد تجدي الوسائل الاقتصادية، لدعم دبلوماسيتها، المُعْتَمِدَة قبل ذلك، على العصا والجزرة، واعتقدت أنها لم تعد بحاجة للوسائل الاقتصادية لدعم طموحاتها، خاصة بعد حرب الخليج الأولى التي قادتها، ودفعت فواتيرها مشيخات النفط وبعض الدول، مثل اليابان وألمانيا، وهنا حققت جزءاً من أطماعها الاستراتيجية، كمرحلة أولى، ستعقبها مراحل أخرى، تحت أسماء وذرائع مختلفة، انطلت على كثير من الأغبياء والمخدوعين بنزاهة الولايات المتحدة، وقادتها.
ثم أصبحت مبالغ المساعدة الأمريكية، التي وعدت بتقديمها إلى الديموقراطيات الشعبية القديمة، والدول الجديدة التي نشأت نتيجة تفكك الاتحاد السوفياتي، أصبحت محل إهمال، وضاعت تلك الوعود في أدراج النسيان، كل ذلك، مثل مبالغ الاستثمارات المالية في هذه البلدان. إلى درجة أن تلاشى تمجيد الانتصار في حرب الخليج، والأمل في نظام دولي جديد، أمام سرعة التدهور الاقتصادي في البلدان الشرقية. وشجع هذا التدهور والإفقار العام لهذه المجتمعات، شجع على ظهور العديد من بؤر التوتر الكثيرة، مما أدى إلى عدم الاستقرار وانطلاق توترات ونزاعات عرقية في "البلقان والقوقاز" وانتهت إلى حروب مفتوحة ذات آماد طويلة.
من جانب آخر، جاء انهيار الأنظمة الاشتراكية، التي كان من المفروض أن يؤدي إلى إزالة الخطر النووي، فقد جاء ليجعل ذلك الأمر سبباً للمكر والمخاتلة، تستخدمه الولايات المتحدة متى شاءت وحيث تشاء. بحجة خشيتها من تكاثر نووي واسع: والذي كان يعتقد أنه قد يحدث نتيجة تبعثر السلاح النووي، الذي كان يملكه الاتحاد السوفياتي السابق. وكذلك، ما يمكن أن يراكمه توزع أو انتشار الخبراء السوفيات في الذرة، على مر الأيام، ووصول بعضهم إلى بلدان هي على "عتبة" إنتاج الأسلحة النووية، بعبارة أخرى، تلك الدول التي كانت على وشك التزود بالأسلحة النووية...
وقد بدا الحساب الختامي للسياسة الخارجية متناقضاً عندئذ أكثر بكثير مما كنا سنتصوره أيام الفرح والغبطة، في ذلك العام العجائبي عام (1989)، للدور المركزي لواشنطن، حتى في نطاق الأمم المتحدة، والذي بدا أنه تم التأكيد على ذلك الدور من جديد، بعد حرب الخليج الأمريكية الأولى، وأصبح محل جدل من جديد، خصوصاً من دول أخرى، طامحة إلى احتلال مقعد كعضو دائم في مجلس الأمن. خاصة من قبل المنافسين الكبار للولايات المتحدة، في المجال الاقتصادي، أعني ـ اليابان وألمانيا ـ وكذلك من قبل الدول العملاقة ديموغرافياً، من بلدان الجنوب: الهند، البرازيل، المكسيك، نيجيريا.
فضلاً عن ذلك. بقيت، بعض الملفات القديمة، دون إيجاد حل مناسب لها: خاصة ما كان يتعرض لـه العراق في ذلك الوقت، من تجويع ومضايقات، وكذلك ما كانت تقوم به الولايات المتحدة تجاه ليبيا. والأكثر من ذلك، والأكبر أهمية، التورطات الداخلية، بشأن النزاع مع كوبا فيدل كاسترو، الذي نجح في تجنب انهيار نظامه على الرغم من مناورات واشنطن وضغوطها.
وإذا تحركت واشنطن، في الخارج، فقد توافقت تلك الفترة (1988ـ 1992) في الداخل، مع الانهيار الكبير لمراكز تجميع المال والإثراء دون جهد وبسهولة وبالتالي، انهيار الحلم بالليبرالية الجديدة (NÉOLIBÉRAL). فقد عاشت البلاد فوق قدراتها، أو فوق طاقة وسائلها، مما أوجب عليها سداد الممولين المجانين، في ثمانينيات القرن العشرين.
وانتهى عصر الانفتاح، في زمن رونالد ريغان، والمتميز بعدم الانتظام، وبصبيان الذهب (GOLDEN BOYS)، بطريقة مخزية. فقد أدهش معظم الأبطال الكبار في البورصات، أولئك الذين حققوا ثراء صاعقاً. أدهشوا العالم، وبدا ظهور فعالية ـ الرأسمالية البراقة ـ فقد تكشفت الأيام عن كون إيفان بويسكي (IVAN BOESKY)، وميكائيل ميلكن (MICHAEL MILKEN)، ومارتن سيجل (MARTIN SIEGEL)، ودينيس لوفين (DENNIS LEVINE)، وجون غوتفروند (JOHN GUTEREUNO)، أنهم دجالون ـ وغالباً انتهوا إلى السجن.
فقد انتهى جنوحهم الجنوني للمضاربات، ومثل ذلك جرى مع خصومهم أو أضدادهم، إذ انتهى بهم إلى التعرض للأخطار، وليس فقط في نظام البورصة الأمريكي، بل في النظام المالي الدولي.
وكانت نتائج الحساب الختامي للاقتصاد الأمريكي في عهد الرئيس بوش الأب، سيئة للغاية، ويجب الرجوع إلى زمن رئاسة هربرت هوفر (HERBERT HOOVER) في ثلاثينيات القرن العشرين، والنتائج الاقتصادية المتواضعة في عهده، لمقارنتها مع نتائج جورج بوش.
فقد ارتفع العجز الفدرالي، في نهاية عام (1992) إلى (333) مليار دولار، لدرجة أنه لم يعد بإمكان الحكومة الأمريكية إنعاش الاقتصاد، وأصبحت معظم الولايات في وضع عجز متفاقم، فارتفع العجز الخاص، بمدينة نيويورك إلى (3) مليارات دولار، كذلك، كاليفورنيا، إذ ما كاد وضعها يزدهر، حتى وقع في أزمة من جديد.
وأصبح، على كل أسرة أمريكية، أن تدفع حوالي (2000) دولار كل عام كضريبة، فقط من أجل مكافأة سندات الخزينة. "وأصبح يقتضي عدة أعوام، من أجل أن يبلغ الدين العام (1000) مليار دولار. كما يلزم "اثنا عشر عاماً" فقط من أجل دفع (4000) مليار دولار، حسب تقدير فيليكس روهاتين (FELIX ROHATYN)، الذي أصبح المستشار الاقتصادي اللرئيس ويليام كلنتون.
يترجم كل ذلك بالخراب الكبير الذي أصاب البنية التحتية العمومية. وعند تطبيق فرضيات الليبرالية الجديدة بشدة، تصبح مجالات الخدمات الصحية، أو التعليم، مدمرة بالكامل، على سبيل المثال. وارتفع عدد الفقراء في عام(1991) إلى (33.7) مليون شخص، وهو الرقم الأكثر ارتفاعاً منذ عام (1964)! وأصبحت نسبة الفقر بين السود والهسبانيين، أعلى بشكل واسع، مقارنة مع أولئك البيض، حيث وصلت إلى (32.7%) و(28.7%) على التوالي، مقابل 
(11.3%) وقد أجج هذا الوضع التوترات العرقية، مؤدياً أحياناً إلى تفجر العنف كما حدث في لوس أنجلوس، في شهر أيار عام (1992).
في الوقت نفسه، تقوم المشروعات والشركات بتشذيب ملاكاتها من الأشخاص، تحت ذريعة تحسين قدراتها على المنافسة. فقد فَصَلَت شركة 
(IBM) أكثر من (40000) أجير من العاملين لديها، حيث لم تسرح مطلقاً أحداً من كوادرها من قبل. وتعلن، في كل يوم، مجموعات كبيرة نفطية، أو في صناعة السيارات، عن ضغط في الاستخدام، يؤدي إلى تسريح الآلاف من كوادرها. وتغوص البلاد في الكساد وبقي النمو ضعيفاً جداً، لجذب الاستخدام من جديد.
في هذه الظروف المظلمة أو العصيبة، يتوضح الحذر تجاه الرجال السياسيين، جزئياً، بالنجاح النسبي لمن كان ترتيبه الثالث كمرشح لانتخابات الرئاسة، إنه روس بيروت (ROSS PEROT)، بواسطة خطاباته المعادية للطبقة "السياسية الحاكمة المتوسطة".
وللمرة الأولى، يصبح الأمريكيون غير متأكدين من أن السلطة، ستقدم لأطفالهم حياة أفضل من حياتهم الحالية. ووضع كثيرون منهم آمالهم في توقعات لما يمكن أن يقدمه التبادل الحر، بين بلدان شمالي ـ أمريكا، حسب اتفاقية الـ (ALENA) الموقعة بتاريخ (7) تشرين الأول عام (1992)، التي تنشأ عنها اتحاد تجاري، بحيث سيكون الإنتاج الوطني الخام لتلك البلدان، 
(PNB)، أعلى بحدود (18%)، من ذلك الخاص بالاتحاد الأوربي.
إن المجال الوحيد الذي يستمر في الهيمنة دون أن يقاسمه أحد، هو ذلك المتعلق بالصناعات الوهمية أو الخيالية: أفلام السينما، الأفلام التلفازية، الموسيقا، "الموضة"، في مفاجأة العالم بقوتها المعبرة والوصولية. لكن، على العكس، لِما كان عليه الحال في خمسينيات القرن العشرين، لم يعد نشر هذه الثقافة الجماهيرية، يعني تصدير منتجات مصنعة، أو موادها. وفي بداية سنوات تسعينيات القرن العشرين، توقفت أمركة العالم، عن أن تكون الانطلاقة الوحيدة لأمريكا.
وبلغ الأمر درجة قيام الأمر بالتصويت أثناء انتخابات عام (1992) للرئاسة، ضد من انتصر في حرب الخليج الأمريكية الأولى، جورج بوش الأب، ثم وجهوا لـه اللوم، بأنه فَقَدَ المعركة الداخلية، وهي تلك المتعلقة بالبطالة والاستخدام، وبالتمييز العنصري، وبالمدن، وبالخراب، وانعدام الأمن، وعدم المساواة.
ولقد حدد الأمريكيون أفضليتهم بالإصلاح الداخلي، باختيارهم ويليام كلنتون، الديموقراطي، وبرنامجه المتعلق بالتقدم الاجتماعي.
وماذا كان أو أصبح، بعد الانتصار الجديد الذي حققه كلنتون في انتخابات الـ (الخامس) من تشرين الثاني عام (1996)؟ 
إنها فترات مميزة في التاريخ العالمي، حيث تمارس هيمنة دولة ما، بسبب عجز وتفكك منافسيها فجأة، وبلا شريك، على امتداد جميع أطراف الكرة الأرضية. في حين هيمنت من قبل، ثلاث قوى ـ إسبانيا، فرنسا، إنجلترا ـ دورياً، عسكرياً واقتصادياً وثقافياً جزئياً، على العالم، وذلك منذ مطلع القرن السادس عشر.
فلم تعرف الإمبراطورية البريطانية، انطلاقتها الحقيقية، إلا بعد اندحار أو هزيمة نابليون في واثرلو عام (1815)، ولم تتوقف هيمنتها، إلا بعد صعود الأطماع الألمانية، وقيام الحرب العالمية الأولى والثانية. وأنهكت هاتان الأزمتان، القارة القديمة، وسهلت دخول الولايات المتحدة الأمريكية، في مجال مسرح العلاقات الدولية، كفاعل سياسي رئيس في القرن العشرين. وثبت هذا الدور بمشاركة الاتحاد السوفياتي بعد عام (1945) ـ القوة الأعظم الأخرى، في ذلك الوقت ـ وأصبح هناك نوع من الحكم الثنائي العالمي الذي تميز بالمنافسة الحامية، والتي عُرفت بالحرب الباردة.
انتهت تلك المجابهة، كما هو معروف، بتفجر الاتحاد السوفياتي، عام (1991). فوجدت الولايات المتحدة نفسها إذن، في وضع تفوق, على المستوى الدولي. حيث، ما من قوة، عرفت ما يماثل ذلك الوضع خلال أكثر من قرن من الزمن. وكما يلاحظ بول ماري دولاغورس (PAUL _ MARIE DE LA GORCE)‍‍‍: ((إن الإمبراطورية الأمريكية، هي الوحيدة في العالم، التي لها هيمنة مطلقة، وبأنها الظاهرة الغريبة التي تعيش في تاريخ الإنسانية، وللمرة الأولى)).
بالتأكيد، لا يقاس تفوق أو رجحان إمبراطورية، في العالم المعاصر، فقط، بالنفوذ الجغرافي، علاوة على الخاصيات العسكرية العجيبة؛ بل إنه ينتج، عن التفوق والسيطرة على الشبكات الاقتصادية، والتدفقات المالية، وعلى الاختراعات التكنولوجية، وعلى المبادلات التجارية، وعلى التوسعات والإسقاطات ((المادية وغير المادية)) من جميع الأنواع، بصورة رئيسة. وما من أحد، بهذا الصدد، يسيطر على الأرض، بهذا القدر، بمحيطاتها وبحارها، ومجالاتها الجوية، مثل ما تحققه الولايات المتحدة.
وتستعيد الولايات المتحدة ادعاءاتها، بإرادتها بالتسلط على السياسة الدولية، مع وعيها لأوراقها الرابحة، التي عثرت عليها من جديد، ومخدرة باقتصادها البراق. وأصبحت أولية الولايات المتحدة مؤكدة، على جبهة الشؤون الخارجية، خصوصاً ما يتعلق بفعالية دور دبلوماسيتها، وتأثيرها على الملفات الساخنة والحساسة للغاية، مثل تلك المفاوضات المتعلقة بأزمات الشرق الأوسط، وما يتعلق باحتلالها للعراق، وما يأتي قد يكون أدهى وأمر.
فقد أعادت الولايات المتحدة الشرعية الديموقراطية إلى هاييتي، وردت على تهديدات كوريا الشمالية، وأكدت من جديد على قوتها العسكرية في احتلال العراق، وكذلك في مضيق فورموزا عندما بدأت الصين بتوجيه التهديد لتايوان، وفرضت تسوية في نزاع البوسنة، باتفاقيات دايتون (DAYTON)، وضمنت السلام على الأرض، بفضل حضور قواها. كما أنها تفرض على الأنظمة العربية، تقديم التنازلات تلو التنازلات لصالح الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، لكن دون جدوى، حيث ترفض تطبيق قرارات الأمم المتحدة على الكيان الصهيوني كما ترفض تدخل أحد غيرها من العالم في شؤون ذلك الكيان العنصري البغيض. كما ساعدت قوات لوران ديزيرية كابيلا LAURENT _ DESIRÈ DABILA، لقلب نظام المارشال موبوتو، الفاسد والاستبدادي، في الكونغو ـ زائير، في أيار عام (1997)، والسيطرة على الحكم، وأخيراً أجبرت روسيا على توقيع اتفاق مع منظمة حلف شمالي الأطلسي، مما سمح بتوسيع الحلف العسكري الغربي، إلى الشرق.
وَيُطالب، هنا وهناك، من الولايات المتحدة، للتوسط في حل النزاعات أو الخروج من أوضاع سياسية معقدة، كما حدث في الصرب، عندما انقلبت على ميلوسوفيتش، وتدخلت حتى في الجزائر، عندما طالب بذلك حسين آية أحمد، زعيم جبهة القوى الاشتراكية ((من أجل العمل على وقف العنف المتصاعد)).
وهكذا، إلى أن أصبح للولايات المتحدة، ميل للتحرك على رقعة الكون ((خاصة في أفريقيا السوداء))، حسب معاييرها الخاصة وخدمة لمصالحها، كما فعلت في حربها الأخيرة ضد العراق، واحتلاله بذريعة التخلص من أسلحة الدمار الشامل، لكن أثبتت الأيام أن ادعاءاتها كانت باطلة، وتأكد العالم كله أن غزوها للعراق ليس بهدف التخلص من أسلحة الدمار الشامل؛ بل لنهب ثرواته واحتلال أراضيه، ويجري كل ذلك، تحت أعين العالم أجمع الذي لم تعد تعبأ به. وهي تفرض العقوبات، في أي وقت تشاء، وعلى من تشاء، على كل من هو ليس مع الولايات المتحدة، ولا يوافق على هيمنتها وأطماعها.
وتتصرف الولايات المتحدة، تصرف الدولة، التي لا تقبل اعتراض أي كان على تصرفاتها. فهي ترفض مثلاً تجديد ولاية بطرس بطرس غالي، لوظيفة الأمين العام للأمم المتحدة، بعد انتهاء ولايته الأولى؛ وقالت: معلنة رفضها بصراحة: ((هذا واضح، وهذا قطعي لا رجوع عنه، وإنه لن يكون موضوع نقاش...))، هكذا جاوب ويليام كوهين، وزير الدفاع في عهد ويليام كلنتون. كما رفض هذا الكوهين، الطلب الفرنسي، أن توكل قيادة حلف شمالي الأطلسي الجنوبية إلى ضابط أوروبي، فقد توصلت الولايات المتحدة لكل ذلك، مع إصرارها أن يطبق التشريع الأمريكي على كل الأمور التي تعترضها، مع فرض حصانة سياسية، تتلاءم مع استراتيجيتها، خروجاً على القوانين الدولية.
مع ذلك، تبقى الانتصارات الحقيقية والرئيسة، في نظر كلنتون، هي تلك التي انتصرت فيها واشنطن على الناحية الاقتصادية، فالأخبار الجيدة على هذه الجبهة، حسب المعايير والمقاييس الليبرالية، تستند إلى: أربع سنوات من النمو دون انقطاع، بحيث خلقت أكثر من عشرة ملايين فرصة عمل، وانخفضت النسبة الرسمية من البطالة، لتصبح الأضعف في العالم، وهي أقل من (5.3%) من السكان العاملين، ويستمر التضخم النقدي، بنسبة أدنى من (3%)، وبقيت نسب الفوائد، دون الـ (7%) وحافظ الدولار، على قيمة منخفضة، زمناً طويلاً، وعلى نحو كافٍ، بهدف تشجيع انطلاقة الصادرات، ثم يصبح من جديد نقداً قوياً، منذ شهر شباط (1997). أخيراً أصبح العجز في الميزانية منخفضاً إلى النصف، ولم يتجاوز الـ (2%).
وتحققت انتصارات أخرى، ذات دلالة، على المستوى الدولي: اتفاق (الغات) (الاتفاقية العامة للتجارة والمدفوعات، لتحل محلها منظمة التجارة الدولية (OMC) التي ترسخ انتصار التبادل الحر. واتفاقية التبادل الحر، لشمالي أمريكا (ALENA). مع المكسيك، كندا، الولايات المتحدة، والتي خلقت سوقاً من (400) مليون مستهلك. أما بالنسبة للباقي، فقد انعدمت الثقة اتجاه المنظمات الدولية الكبرى ـ ابتداءً من منظمة الأمم المتحدة ـ وتركزت، وانخفضت المساهمات المالية ((فقد انخفضت الميزانية المخصصة لمعونة أفريقيا، بنسبة 
(35%) )). بالمقابل، تركزت الجهود كلها لتكثيف تجارة الأسلحة، حيث تبقي الولايات المتحدة المصدر الأول عالميا.
وهكذا؛ تبقى التجارة الاقتصادية، بصورة عامة في المرتبة الأولى، في قائمة الأفضليات الوطنية، لهذه القوة الأعظم، حيث تمثل الصادرات من الخيرات والخدمات، ثلث النمو الاقتصادي، منذ عام (1987)، ألم تؤكد، وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة، مادلين أو لبرايت (MADELEINE ALBRIGHT)، التالي: ((إن أحد الأهداف الرئيسية لحكومتنا أن تتمكن من ضمان بقاء المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة، منتشرة على النطاق العالمي)).؟
أما فيما يتعلق بالانتصارات الحالية في الحقل الداخلي، فإنها تخفي تغيراً ذا أهمية في الاتجاه، في عهد كلنتون، فقد تخلى عن برنامجه الاجتماعي، حالما جرى انتخابه عام (1992)، من أجل الاعتراف بتفوق ((السيد السوق)). فهل، أجبره الانتصار في الانتخابات التشريعية، على المزايدة على الأرض، ((يميني أو محافظ قوي))، بقوة أكثر مما كان عليه الحال في عام (1994). فقد أنكر المرشح كلنتون مبادئه الكنيسية، خلال الحملة الانتخابية عام (1996)، ولم ينقطع عن التأكيد أن ((عصر الدولة التدخلية، قد أصبح منتهياً)). إذن، فقد فاقم هذا السلوك التفاوت وعدم المساواة، وأصبح هذا الحال أمراً لا يحتمل. إذ هناك (41) مليون من المواطنين الأمريكيين لا يملكون أي نوع من الغطاء الصحي، ويستقر تمييز عنصري في المدن، مع غِيتّو، يعرض هؤلاء للفقر والعنف، ويدفعهم للبؤس والرذيلة.إلى جانب أحياء الأغنياء المحمية بجدران وحراس ليليين.
أما ما يتعلق بالعَمالات التي جرت بالملايين والتي تسببت بإصابة البورصة بالقنوط، فهي، في الواقع، مراكز وقتية، لا تقدم أية حماية اجتماعية، كما أنها تدفع أجوراً أسوأ مما يتوقع العاملون، بحيث يجب جمع أجر عاملين أو ثلاثة عمال لتحقيق قوة شراء مشابهة لتلك القوة التي كانت في ثمانينات القرن العشرين، وأصبحت الطبقة المتوسطة مسحوقة، وقد ابتليت أكثر فأكثر بخطابات مجموعات المحافظين الجدد.
وهكذا، حدثت الانطلاقة في التكنولوجيات الجديدة، التي تخلب الألباب، في هذا المشهد المتناقض. ويترافق عهد كلنتون مع سيطرة عجيبة في مجالات الصناعات الجوية والمعلوماتية، وشبكات التلماتيك (TÈLÈMATIQOE)... الخ، دون الحديث عن الطاقة الهائلة لصندوق المعاشات الأمريكي، الذي يشكل القوة الرئيسة الضاربة للأسواق المالية.
وقد تمّ تأليه أو تمجيد الإنترنت، وأسطورة الحدود الجديدة التي سيقود إليها، وبوجه خاص ((الطرق السريعة للمعلوماتية))، فقد أثرت الإمبراطوريات الجديدة التي تبنى صروحها على أسس أو قواعد عالم المعلوماتية، التي يأمل ((بل غتيز)) (BILL GATES) رب العمل في ميكروسوفت  (MICROSOFT)، أن يسيطر عليها.
وذلك بالاستناد إلى قوة شركته العملاقة. وَتُشَنُّ المعركة الاقتصادية، الأكثر جدارَة بالمشاهدة، في حقل وسائل الإعلام، ووسائل الإعلام الجديدة، فقد تشوشت، بسبب الهجمة الرقمية، وعن طريق الافتراض، وتعدد وسائل الإعلام، حيث ينتج عن كل ذلك تمركز عجيب أو جمع لوسائل الإعلام.
وقد أدّى خفض هذا الطراز الجديد المشكل من الدولة، في كل مكان، إلى عدم ثبات اجتماعي، ودينامية في الاتصالات، تنتصب هنا وهناك. وبدا ذلك في نظر العديد من زعماء العالم، كرد كبير، على الحاجة لخدمات طارئة، معاصرة.
وما من قوة، يمكنها أن تزاحم الولايات المتحدة، في الوقت الحاضر، أو أن تقف في وجه هجوماتها الاقتصادية. فهل هناك سبب يمنع أن تفرض قانونها على العالم؟
موسى الزعبي