تجارة الرقيق الأبيض بإسبانيا.. متعة وإغواء للبيع وقاصرات هن سلعة رائجة في سوق النخاسة



تجارة الرقيق الأبيض بإسبانيا:

إلى الآن الضجة كلها تثار حول دعارة المغربيات في دول الخليج العربي وفي كل مرة تتحدث الأنباء عن تفكيك شبكات متخصصة في تهجير الآلاف منهن للعمل في النوادي والمراقص.. في إسبانيا الأمور أكبر بكثير مما نتصور..

سلعة رائجة في سوق النخاسة:

الآلاف من المغربيات، وضمنهن قاصرات، هن سلعة رائجة في سوق النخاسة، يؤثثن الملاهي ودور الدعارة وقصور أثرياء الخليج وبارونات المخدرات.. الملف يحاول ملامسة حقيقة دعارة المغربيات في الجنوب الإسباني من خلال تحقيق في شبكة للتهجير تتخذ من "مالقا" مركزا لجلب الفتيات المغربيات وبحث في مسالك وطرق استقطاب الآلاف منهن.

عاهرات مهاجرات:

90 في المائة من عاهرات إسبانيا من المهاجرات! رقم من بين أرقام تصدر بين الفينة والأخرى عن مؤسسات مهتمة بموضوع المهاجرين في إسبانيا. وهو رقم يثير تساؤلات لدى الكثير من المتخصصين في مجال الدفاع عن حقوق النساء بإسبانيا خاصة المهاجرات منهن بمبرر أنه رقم مبالغ فيه.
لكن الاختلاف حول صدقية الرقم من عدمها يبدو نقاشا عقيما لأن الواقع في إسبانيا أكبر من مجرد أرقام ، فأعداد العاهرات في تزايد مستمر، والمغربيات يشكلن رقما مهما في المعادلة إلى جانب عاهرات أوربا الشرقية وروسيا ودول أمريكا اللاتينية، والسؤال الأساسي الذي يبحث له عن إجابة هو: كم عدد العاهرات المغربيات في هذا البلد؟ وهل الأمر يتعلق، فقط، باختيار تقدم عليه مهاجرات من أجل كسب العيش في انتظار تسوية وضعية الإقامة؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك، ويخضع لشبكات تتاجر في اللحوم البشرية تنتشر عبر مدن الشمال المغربي، ولها ارتباطات في كل من سبتة ومليلية ومدن الجنوب الإسباني؟ شبكات محكمة التنظيم تتصيد فتيات مرشحات لأن يتحولن إلى عاهرات في ملاهي وحانات المدن الإسبانية، دون أن تستثني القاصرات اللواتي يرتفع الطلب عليهن من طرف الزبناء الأجانب وأثرياء الخليج، الذين يدفعون للوسطاء آلاف الأوروات للظفر بعذراوات مغربيات يؤثثن ليالي حمراء في القصور والإقامات المنتشرة على طول "كوسطا ديل صول".

دعارة المغربيات:

موضوع دعارة المغربيات في إسبانيا موضوع شائك والبحث في خباياه يشبه البحث عن إبرة في كومة قش، والمعطيات المتوفرة على قلتها تفيد أن ظروف العيش في الغربة قادت الآلاف من المغربيات إلى الاشتغال في مجال الدعارة بإسبانيا، بعدما تحولت أحلامهن بالعيش الرغيد والقطع مع حياة البؤس في المغرب إلى كوابيس تطاردهم، وأضحى بيع أجسادهن للقوادين وسماسرة الجنس والباحثين عن اللذة العابرة السبيل الوحيد لسد الرمق، بعيدا عن الأهل الذين ينتظرون نهاية كل سنة عودة بناتهم محملات بالهدايا والثياب الفاخرة والسيارات دون أن يعرفوا أصلها وكيف تم تحصيلها..

تهجير الفتيات:

التحقيق التالي يحاول الغوص في عوالم دعارة مغربيات في بعض مدن الجنوب الإسباني وتحديدا في "مالقا" و"ماربيا" و"بين المدينة" و"طوريمولينوس" حيث توجد عشرات الملاهي والحانات التي تستقبل فتيات مغربيات من مختلف الأعمار، وفيه غوص في شبكة مغربية - إسبانية تنشط في مجال تهجير الفتيات وتتخذ، مثل غيرها من الشبكات، من تطوان ومارتيل والمضيق والفنيدق وطنجة وأصيلا والناظور وباقي مدن الشمال محطات استقطاب، كما تتخذ من سبتة ومليلية السليبتين محطات عبور إلى "الفردوس" الإسباني، وفيه أيضا بورتريهات لبعض العاهرات في مالقا يشتغلن لحساب أشهر قوادة في المدينة وكيف تستغل ظروف إقامتهن من أجل ممارسة الدعارة وجلب مزيد من الفتيات إلى عالم العهارة..

دعارة وعيون متربصة..

مرتيل ليلا.. ليلة كباقي ليالي الشتاء الباردة، سيارتنا تجوب شوارع المدينة الخالية من المارة بحثا عن أي شيء قد يفيد في موضوعنا، حركة خفيفة تدب بين الفينة والأخرى في محيط عدد من الحانات التي تستقبل زبناء بعد أن تلفظ آخرين، وبعض الفتيات يتجولن بملابس مثيرة توحي أنهم من طينة خاصة..المدينة معروفة لدى عموم سكان المناطق الشمالية بأنها ملاذ المئات من العاهرات من مختلف المدن المغربية، لأنها تستفيد من قربها من الحدود المغربية الإسبانية، وتستفيد من تمركز المافيات التي تشتغل بكل حرية تحت أنظار، بل وحماية، مسؤولين في الأمن والقضاء. هنا في هذه المدينة، الهادئة شتاء والصاخبة صيفا، كل شيء متاح لمن يملك المال، الحشيش والمخدرات الصلبة وبائعات الهوى، حتى القاصرات منهن والمتعلمات، وليس غريبا أن تؤكد دراسة إسبانية أشرف عليها "أنطونيو مارتين" أستاذ علم الاجتماع بجامعة غرناطة بأن أكثر من 22 في المائة من المتعاطيات للدعارة بمرتيل هن من القاصرات، و16 في المائة ما زلن يحتفظن ببكارتهن، وهن، حسب الدراسة ذاتها، إما طالبات أو تلميذات يمارسن الجنس بطرق شاذة مقابل مبلغ مالي يتراوح ما بين 100 و200 درهم.

تعبئة الهاتف المحمول:

الدراسة ذاتها تؤكد أن أغلب التلميذات القاصرات المتعاطيات للدعارة السريعة يكتفين، تفاديا للفت الانتباه إليهن، ببطاقات تعبئة الهاتف المحمول أو مبالغ لاقتناء السجائر أو حتى بعض مستحضرات التجميل أو دعوات للأكل..
هنا تنشط شبكات عديدة في استقطاب فتيات راغبات في الهجرة إلى أوربا، كما هو الحال في تطوان، والمضيق والفنيدق، عشرات العيون تترصد طيلة اليوم والليلة فتيات في عمر الزهور لإغرائهن بالعيش الرغيد والحصول على أوراق الإقامة..

إكراهات الحياة اليومية:

وفاء واحدة من هؤلاء، لم تسلم أيضا من إغراءات الوسطاء، هي الآن مضطرة، حسب ما حكته في جلسة بأحد الحانات المعروفة بالمدينة، إلى ممارسة البغاء من أجل تسديد مصاريف الكراء والأكل وإعانة الأسرة في نواحي مكناس، تقول إنها استقرت قبل أشهر معدودة في مرتيل قادمة إليها من طنجة حيث تعرضت أيضا للنصب من طرف أحد السماسرة الذي وعدها بالهجرة إلى إسبانيا دون طائل. تقول الفتاة التي لم تتجاوز ربيعها التاسع عشر "بمجرد ما وطأت قدماي المدينة بدأت تترصدني أعين وسطاء التهجير، وكل واحد يكرر على مسامعي أسطوانة أنني سأجد الجنة هناك، وسيضمنون اشتغالي في "مالقا" أو "ماربيا" في أحسن الملاهي بدل الوضعية التي عليها أنا هنا، حيث أتعرض لمضايقات الزبناء واعتداءاتهم، لكني، تضيف وفاء، أرفض كل مرة عروضهم المغرية بتهجيري، وأفضل أن أشتغل في عمل شريف أتمكن به من انتشال نفسي من وضعي الحقير، لكن لو استمر وضعي السيئ قد أجد نفسي ممتطية قاربا للموت أو متسللة عبر الحدود مع سبتة لألتحق بصديقات لي، تمكن الوسطاء من إقناعهن وهن الآن في المراحل الأخيرة لتسوية وضعيتهن"..
وفاء، واحدة من عشرات الفتيات في عمر الزهور اللواتي رمتهن الأقدار في مرتيل، وامتهن الدعارة في انتظار من ينتشلهن من الوضع المخزي الذي يعشن فيه، هي مقتنعة أن ما تفعله سيئ، لكنها مقتنعة أكثر ألا حل أمامها للعيش إن لم تمنح الغرباء لحظات نشوة عابرة مقابل بعض الدراهم أو حتى مقابل وجبة أكل تسد بها رمقها ولو إلى حين. تقول إن مرتيل تحولت إلى قبلة للمئات من مثيلاتها القادمات من الدار البيضاء وسلا ومكناس وفاس ومراكش وبني ملال وباقي ربوع المملكة، يكترين شققا مفروشة تكاثرت مثل الفطر في السنوات الأخيرة أصحابها غالبا من تجار المخدرات الذين يعمدون إلى تبييض أموالهم في العقار والمقاهي والمحطات السياحية.

تحصيل الإتاوات:

ليست مرتيل وحدها المعروفة بانتشار دور مخصصة للدعارة، بل الأمر نفسه ينطبق على المضيق والفنيدق باعتبارهما الأقرب إلى الحدود الإسبانية حيث ينتعش حلم الكثيرات للهجرة، وتنتعش معه حركة الشبكات المتخصصة في تهجير الفتيات..
الليل ما يزال طويلا ووجهتنا التالية كانت المضيق، المدينة التي تشتهر بأنها مدينة الملك المفضلة، ما شفع لها أن تنال حصة مهمة من التلميع، هنا وعلى طول الشريط الساحلي، تنتشر الإقامات والفيلات والمركبات السياحية مثلما تنتشر دوريات الشرطة في المدارات وبين الأزقة المتفرعة تتصيد السكارى والمهربين ومروجي المخدرات لتحصيل الإتاوات..

الفنادق خارجة عن التصنيف:

في هذه المدينة الصغيرة، وعلى غرار مرتيل، تنتشر الشقق المفروشة والفنادق المخصصة للدعارة، الكل هنا على علم بهاته الفنادق الخارجة عن أي تصنيف، والأدهى أن أغلبها يزاوج بين عدد من الأنشطة المحظورة تحت أعين السلطات الأمنية ولكل تغاض ثمنه، هنا أيضا صادفنا عاهرات مرشحات محتملات للهجرة إلى إسبانيا، تقول نوال، وتعمل نادلة في مقهى تابع لفندق في مدخل المدينة متخصص في تقديم الشيشة للزبناء على مدار الساعة، إنها تعمل نادلة هنا تحت إمرة صاحب الفندق وتزاوج بين مهمة تقديم الطلبات وتوفير الراحة الجنسية للزبناء، مثلها مثل عدد من الفتيات اللواتي ينتظرن أي زبون يصعد الدرج إلى إحدى غرف الفندق ليقضي وطره مقابل مبالغ يقتسمنها مع صاحب الفندق. لتضيف: "أعمل بمبلغ 1500 درهم في الشهر وصاحب الفندق يتكفل بإقامتي ومأكلي، وأنا أعتبر عملي هنا مؤقتا لأني قدمت من سلا على أمل أن أهاجر إلى إسبانيا للعمل، وأنتظر فقط فرصة لتنتشلني من هذا الوضع".
نوال هي أيضا صادفت خلال مقامها في المضيق أشخاصا أغروها بتمكينها من الهجرة إلى إسبانيا بشرط أن تشتغل في أحد الملاهي، تقول، "غير ما مرة جاءت إلي سيدة تعمل في مدينة سبتة، واقترحت علي أن تتكفل بهجرتي إلى "مالقا" وقالت لي: "ماغادي يخصك حتى خير"، لكني كنت دائما أتردد في القبول بسبب ما أسمعه من بعض صديقاتي اللواتي يحكين أن المشغلين يستغلون الفتيات ويذقهن أصناف التعذيب ويرغمنهن على ممارسة الدعارة مع الأجانب، خاصة كبار السن من أجل تسديد المبالغ التي صرفت عليهن للهجرة والإقامة والأكل".

شبكات التهجير والدعارة:

فتيات مثل وفاء ونوال كثيرات في مرتيل والمضيق والفنيدق، وشبكات التهجير والدعارة التي ترصد حركاتهن وسكناتهن، تمتد أذرعها إلى مدينة سبتة ومدن الجنوب الإسباني حيث يوجد أفراد آخرون ضمنهم إسبان ومغاربة مهمتهم تزوير الوثائق والتأشيرات وعقود العمل للمرشحات للهجرة وتوفير السيولة اللازمة لتغطية مصاريف الاستقطاب..والغاية واحدة: تزويد سوق الدعارة الإسبانية بالفتيات المغربيات ومنافسة شبكات أخرى خاصة الروسية والرومانية والأمريكولاتينية التي بدأت تكسب حصصا مهمة في سوق تتسع كل يوم..

الطريق إلى "مالقا":

نحن الآن في ميناء الجزيرة الخضراء، شرعت ومرافقي حسن في نفض دوار البحر عن رأسينا، وأعدنا ترتيب الأفكار بحثا عن مزيد من المعطيات في طريقنا إلى "مالقا".. الطريق الساحلية التي سلكنا أفضل بكثير من طرق سيارة تستنزف جيوب مستعمليها بالمغرب، أما الطريق السيار، الذي يمتد على طول التراب الإسباني، فقد لا تسعف محدودية أفق وزير تجهيزنا ليحلم أن يصير للمغاربة مثله.
قبل مغادرتنا ميناء مدينة سبتة كان لزاما أن نحمل معنا أرقام هواتف زودنا بها بعض العارفين بخبايا شبكات تهجير الفتيات من المغرب، ضمنها رقم شخص يدعى عزيز أكد لنا أنه الأصلح ليقودنا إلى مبتغانا.

بوليغونو:

ركَّبنا رقم عزيز، الذي ضرب لنا موعدا في أهم شوارع "مالقا" التي وصلناها مع مغيب الشمس، هنا عالم آخر لا علاقة له بما يجري في المغرب، اللهم إلا قليل من تركة أزمنة غابرة كان فيها المسلمون يحكمون الأندلس، قبل أن يُطردوا منها وهم يجرون أذيال الخيبة. لم يدم بحثنا كثيرا عن مكان لقائنا بعزيز وهو شاب في الثلاثينات من عمره، يعيش في "مالقا" منذ قرابة عشر سنوات اشتغل في كل شيء بدءا بالبناء إلى الفلاحة مرورا بالبستنة ووصولا إلى تهريب الحشيش من معبر سبتة عبر وسيطات يمررنه وسط أحشائهن مقابل عشرة آلاف درهم للكيلوغرام الواحد.

لم نحتج كثيرا من الشرح لمرافقنا، وبسرعة فهم مرادنا وأشار إلينا أن نسلك أزقة وطرقات متشابهة تؤدي رأسا إلى المنطقة الصناعية لـ"مالقا" هنا يسمونها "بوليغونو" وتضم كل الشركات والمصانع بالمدينة، كما تضم عددا من الملاهي المتخصصة في تقديم الخدمات الجنسية الراقية. في الطريق إلى هناك وجدنا عشرات العاهرات مصطفات على جنبات الطريق وكثير منهن أشعلن النار وتحلقن حولها لطرد البرد الذي يجمد الأجزاء العارية من أجسادهن، هن هنا من جنسيات مختلفة، فيهن الرومانيات وهن الأكثرية، وفيهن البرازيليات والأرجنتينيات والإفريقيات و..فيهن أيضا مغربيات تفضحهن ألوان بشرتهن كما تفضحهن إسبانيتهن الركيكة رغم محاولات التمويه.
"تتعمد المغربيات إخفاء جنسياتهن، يقول عزيز، لأسباب كثيرة منها الخوف من المصادفات غير السارة التي قد تقود أحد المغاربة إلى هناك، وأيضا بسبب السمعة السيئة التي تلاحق المغربيات دائما، لأنهن مثيرات للمشاكل مع الباحثين عن اللذة، على عكس العاهرات الأخريات، لهذا تكون الفتيات المغربيات مضطرات دوما إلى ادعاء الانتماء إلى دول أخرى خاصة إلى بعض الدول الأمريكولاتينية من أجل الظفر بالزبناء".

معرض للأجساد العارية:

المكان أشبه بمعرض في الهواء الطلق للأجساد البشرية العارية، وكل عاهرة تتفنن في إبداء مفاتنها أمام السيارات التي تذرع الطريق جيئة وذهابا بحثا عن الأفضل والأجمل بينهن. ما يوحد كل هؤلاء العاهرات هو ثمن الممارسة الجنسية، 20 أورو للممارسة السريعة، ويكفي أن توقف سيارتك حتى تعلن العاهرة الثمن مسبوقة بكلمة "تشوبا" وتعني في قاموسهن الممارسة عن طريق الفم. هنا لا مجال إلا للممارسة الجنسية السريعة في السيارة، ليس خوفا من دوريات الشرطة، لكن لأن للوقت قيمته في مثل هذه الحالات، والشاطرة منهن من تصطاد أكبر عدد من الزبناء.

يقول مرافقي إن العاهرات يخترن هذا المكان القصي، لأنه بعيد عن صخب المدينة، ولأنه يعرف حركية زائدة بفضل وجود عد كبير من سائقي الشاحنات العاملين بالشركات المنتشرة في المنطقة الصناعية، ويضيف أن الفتيات الموجودات هنا، وضمنهن المغربيات، هن غالبا فتيات من الدرجة الثانية أو الثالثة من الجمال، لا حظّ لهن في ولوج الملاهي الراقية لـ "مالقا" والمدن القريبة، ومنهن بعض اللواتي طردهن مسيرو الحانات والملاهي بسبب إثارتهن المشاكل مع الزبناء، وفيهن أيضا اللواتي لم يسوّين بعد وضعيتهن ولم يحصلن على وثائق الإقامة.

تقديم الخدمات الجنسية في غرف خاصة:

المحطة التالية في جولتنا كانت ملهى "سكاندالو" أشهر ملاهي "مالقا" على الإطلاق. هو نتاج شراكة بين أثرياء إسبان ورجال أعمال روس، ملهى راق متخصص في تقديم الخدمات الجنسية في غرف خاصة، البوابة يحرسها "فيدورات" مختارون بعناية فائقة تحسبا لأي إزعاج غير مرغوب فيه، ولجنا الملهى مع منتصف الليل تحت نظرات الحراس التي تتفحص تقاسيم وجوهنا ونوعية ملابسنا، وكاميرات المراقبة لا تفلت أي صغيرة، الملهى الممتد على مساحة شاسعة مكتظ عن آخره بفتيات في عمر الزهور، أغلبهن رومانيات والبقية من الأرجنتين أو البرازيل، لا مكان هنا للمغربيات، بقرار اتخذته إدارة الملهى قبل أشهر لأسباب تعتقد أنها وجيهة، والكلام هنا لعزيز الذي سبق له أن التقى مغربيات في هذا المكان قبل أشهر، لكن الآن لم يعد مرغوبا فيهن، وأضحت الحظوة للرومانيات، المستفيدات من انضمام رومانيا إلى السوق الأوربية المشتركة، والسبب محاولات العاهرات المغربيات المستمرة الظفر بأزواج من بين الزبناء، أو على الأقل، الالتقاء بهم خارج الملهى ما يفقد مسيريه أرباحا مهمة.

عنف الفيدورات:

هنا الأسعار أعلى بكثير من جنبات الطريق المؤدية إلى "بوليغونو"، وسرعان ما تبدأ الفتيات في ممارسة لعبة الإغواء من أجل الظفر بالوافدين الجدد، 80 أورو لعشرين دقيقة والثمن قابل للنقاش دون أن يقل عن 60 أورو للمدة الزمنية نفسها.
ليس مسموحا لأي كان أن يلتقط صورا في هذا المكان المثير للغرائز، والسبب الضجة التي أثارها ربورتاج مصور بأسلوب الكاميرا الخفية بثته قبل أشهر قناة "كنال سور" الإسبانية، وعرضت فيه مشاهد من داخل الملهى للعاهرات أثار ردود فعل واسعة لدى الرأي العام وصل صداها إلى مجلس المدينة وقاعة البرلمان، كل هذا كان كافيا ليمنع مسؤولوه أي تصوير من أي نوع، ولهذا كنا نتلقى تحذيرات متكررة من مرافقنا عزيز بسبب بعض الصور التي التقطناها خلسة بواسطة الهاتف المحمول، إذ كان يحذرنا من عنف "الفيدورات" وبرودة زنازين مخفر الشرطة وغرامات المحاكم الإسبانية التي تنتظرنا..

"دولسي فَيتا" أو الحياة العذبة!

اكتفينا بما غنمناه من أزقة "بوليغونو" وملاهيها، وسرعان ما ركبنا السيارة رجوعا إلى وسط المدينة..عقارب الساعة تقترب من الواحدة صباحا، ومرافقنا عزيز، الذي لعبت الكأس وبعض لفافات الحشيش برأسه، يحثنا على الإسراع لبلوغ محطتنا التالية.


ليست هناك تعليقات