في رحاب البلاغة: رحلةٌ في عوالم المعنى والتعبير، تأملات في وظائف البلاغة وتأثيرها على النصوص الأدبية



إعادة إحياء البلاغة: مسار من التراجع إلى التجديد

مقدمة:

شهدت البلاغة، في صورتها الغربية، خلال القرن التاسع عشر، تراجعًا ملموسًا، اتسم بجمود الفكر البلاغي وانحسار الجهود في وضع المصطلحات والتقسيمات دون تجديد. وأدى ذلك إلى تحول الخطاب البلاغي إلى قوالب جاهزة فاقدة للروح الإبداعية، حيث باتت الصور البلاغية تُستخدم لوصف الإبداع الأدبي بدلًا من إبداعه.

ملامح التراجع:

  • انحصار الجهود في وضع المصطلحات والتقسيمات: طغى على المشهد البلاغي اهتمام مبالغ فيه بوضع المصطلحات والتقسيمات دون تجديد أو إضافة جوهرية. أدى ذلك إلى جمود الفكر البلاغي وتقيده بقوالب جامدة.
  • تحول الخطاب البلاغي إلى قوالب جاهزة: فقد الخطاب البلاغي حيوية وروحه الإبداعية، حيث تحولت الصور البلاغية إلى أدوات لوصف الإبداع الأدبي بدلًا من إبداعه.
  • فقدان البلاغة وظيفتها الإبداعية: تحولت البلاغة من أداة إبداعية إلى أداة تحليلية محضة، وفقدت قدرتها على إنتاج نصوص أدبية جديدة.

بداية التجديد:

منذ الخمسينات من القرن العشرين، شهد الدرس البلاغي قفزة نوعية بفضل ظهور مناهج جديدة مثل البنيوية والأسلوبية والشعرية والسميولوجيا. ساهمت هذه المناهج في تجديد البلاغة وإعادة روحها الإبداعية.

رواد التجديد:

  • رولان بارت: من أوائل النقاد الذين نادوا ببعث البلاغة من جديد ودراستها في ضوء مفاهيم حديثة ومناهج جديدة.
  • جيرار جونيت: اعتمد على مجموعة من البلاغيين القدماء لتحديد "فضاء اللغة".
  • جان مولينو ومولينيه وتودوروف ونيكولا ريفي: قدموا إنجازات قيمة في مجال تجديد البلاغة.

مبادئ التجديد:

  • ربط القديم بالجديد: سعى رواد التجديد إلى ربط مفاهيم البلاغة القديمة بالمناهج الحديثة، مؤكدين على استمرار سريان مفعولها وقدرتها على التكيف مع معطيات العصر.
  • البحث عن أصول التجديد في البلاغة: ركز رواد التجديد على استكشاف إمكانيات التجديد داخل البلاغة نفسها، مؤكدين على غناها وقدرتها على التطور.
  • ربط البلاغة بنظرية الأدب: تمّ التأكيد على ارتباط بنية الخطاب البلاغي بمحاولة البحث في نظرية الأدب بصفة عامة.

الشعرية البنيوية أو الشعرية اللسانية:

ظهرت اتجاهات جديدة ضمن الفضاء البلاغي عرفت باسم "الشعرية البنيوية" أو "الشعرية اللسانية". ركزت هذه الاتجاهات على تحليل النص الأدبي من منظور بنيوي أو لسانياتي، مستفيدة من مفاهيم البلاغة العربية.

أهم رواد الشعرية البنيوية أو الشعرية اللسانية:

  • جان كوهن.
  • تودوروف.
  • فاركا.
  • جماعة مو البلجيكية.
  • شارل برونو.
  • موريس بلانشو.

خاتمة:

نجحت مساعي التجديد في إعادة إحياء البلاغة من جديد، وأكّدت على قدرتها على التفاعل مع المعطيات الحديثة والتكيف مع متطلبات العصر. وفتحت هذه المساعي آفاقًا جديدة للبحث والدراسة في مجال البلاغة، ممّا ساهم في إثراء الفكر الأدبي والنقدي.


ليست هناك تعليقات