الإِلغاءُ والتَّعْليقُ في أَفعال الْقُلُوب:
تعريف الإلغاء:
الإلغاءُ: إِبطال عملِ الفعلِ القلبيِّ الناصبِ للمبتدأ والخبر لا لمانعٍ، فيعودان مرفوعينِ على الابتداءِ والخبرّةِ، مثل: "خالدٌ كريم ظننت".
والإلغاء جائز في أَفعالِ القلوب إِذا لم تَسبقْ مفعولَيها. فإن تَوسطت بينهما فإعمالُها وإلغاؤها سِيّانِ. تقول: "خليلاً ظننت مجتهداً" و "خليلٌ ظننتُ مجتهد".
وإن تأخرت عنهما جاز أن تَعمَل وإلغاؤها أَحسن، تقول: "المطر نازل حَسِبتُ"، و "الشمس طالعةً خلت". فإن تقدَّمت مفعولَيها، فالفصيح الكثيرُ إعمالها، وعليهِ أكثرُ النُّحاةِ، تقول: "رأيتُ الحقَّ أَبلجَ".
ويجوزُ إهمالُها على قِلةٍ وضعفٍ، وعليه بعضُ النُّحاةِ، ومنه قولُ الشاعر:
أَرْجُو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها + وما إخالُ لدَيْنا منْك تنويلُ
وقول الآخر:
كَذَاكَ أُدِّبْتُ، حتَّى صارَ مِنْ خُلقِي + أَنِّي وَجَدْتُ مِلاكُ الشِّيمةِ الأَدَبُ
تعريف التعليق:
والتعليقُ: إِبطالُ عملِ الفعل القلبيِّ لفظاً لا محلاً، لمانع، فتكونُ الجملةُ بعده في موضع نصبٍ على أَنها سادَّةٌ مَسدَّ مفعوليهِ، مثل: علمتُ لخَالد شجاعٌ".
حالات تعليق الفعل:
فيجبُ تعليقُ الفعلِ، إذا كان هناك مانعٌ من إعماله. وذلك: إذا وقع بَعدَهُ أحدُ أربعةِ أَشياءَ:
1- ما وإنْ ولا النافياتُ:
نحو: "علمتُ: ما زُهيرٌ كسولاً. وظَننتُ: إنْ فاطمة مُهملة. ودخلتُ: لا رجلَ سُوءٍ موجودٌ. وحَسِبتُ. لا أُسامةُ بطيءٌ، ولا سُعادُ"، قال تعالى: "لَقد علمتَ، ما هؤلاءِ يَنطقونَ".
2- لامُ الابتداءِ:
مثلُ علمتُ: "لأخوكَ مجتهدٌ. وعلمتُ: إنَّ أخاكَ لمجتهدٌ". قال تعالى: {ولقد علموا: لِمَنِ اشتراهُ مالَهُ في الآخرةِ من خلاقٍ}.
3- لامُ القسمِ:
كقول الشاعر:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ: لَتأْتِيَنَّ مَنِيَّتي + إنَّ الْمَنَايَا لا تَطِيشُ سِهَامُها
4- الاستفهامُ:
سواءٌ أكان بالحرف، كقوله تعالى: {وإنْ أدري: أقريبٌ أم بعيدٌ ما تُوعدُونَ؟} أم بالاسمِ، كقوله عزّ وجلّ: {لنَعلَمَ: أيُّ الحزبينِ أحصى لِما لَبِثوا أمداً؟}، وقوله: {لَتَعلمُنَّ: أيُّنا أشدُّ عذاباً؟}. وسواءٌ أكانَ الاستفهام مبتدأ، كما في هذه الآيات، أم خبراً، مثل: "علمتُ: مَتى السّفرُ؟"، أم مضافاً إلى المبتدأ، مثل: "علمتُ فَرَس أيهم سابقٌ؟" أم إلى الخبر، مثل: "علمتُ: ابنُ مَن هذا؟".
تعليق الفعل المتعدي:
وقد يُعلقُ الفعلُ المتعدي، من غير هذه الأفعالِ، عن العمل، كقوله تعالى: {فَليَنظُر: أيُّها أزكى طعاماً؟}، وقوله: {ويَستنبئُونَكَ: أحقّ هُوَ؟}.
وقد اختُصَّ ما يتصرّفُ من أفعال القُلوب بالإلغاءِ والتَّعليقِ. فلا يكونانِ في "هَبْ وتَعلَمْ"، لأنهما جامدانِ.
وقد علمت أن الإلغاء جائز عند وجودِ سبيلهِ، وأن المُلغى لا عملَ له البتَةَ، وإنَّ المعلَّقَ، إن لم يعملْ لفظاً فهو يعمل النصبَ في مَحلِّ الجملةِ، فيجوزُ العطفُ بالنصب على محلها، فنقولُ: "علمتْ لخالد شجاعُ وسعيداً كريماً"، بالعطف على مَحلّ "خالد وسعيد"، لأنهما مفعولان للفعل المعلّق عن نصبهما بلام الإبتداءِ.
ويجوز رفعُهما بالعطف على اللفظ، قال الشاعر:
وما كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَ عَزَّةَ. ما الْبُكا + ولا مُوجِعاتُ الْقَلْبِ؟ حَتَّى تَوَلَّتِ
يُروَى بنصب موجعات، عطفاً على محل "ما البكا". ويجوزُ الرفعُ عطفاً على البكا.
والجملةُ بعدَ الفعلِ المُعلَّقِ عن العمل في موضع نصبٍ على المفعولية.
وهي سادّةٌ مَسدَّ المفعولينِ، إن كان يتعدّى إلى اثنينِ ولم ينصب الأوّلَ. فإن نصبَهُ سدَّت مسدّ الثاني، مثلُ: "علمتكَ أيَّ رجلٍ أنتَ؟".
وإن كان يتعدّى إلى واحدٍ سدّت مسدّهُ، مثل: "لا تأتِ أمراً لم تعرفْ ما هُوَ؟".
وإن كان يتعدَّى بحرف الجرّ، سقطَ حرفُ الجرّ وكانت الجملة منصوبة محلاًّ بإسقاط الجارِّ (وهو ما يسمُّونهُ النصبَ على نَزع الخافض)، مثل: "فكَّرت أصحيحٌ هذا أم لا؟"، لأن فكَّرَ يتعدَّى بفي، تقول: "فكَّرْتُ في الأمر".
التسميات
نحو عربي